هل ينقذ الديموقراطيون أميركا؟ أظهر استطلاع رأي هام نشر بالأمس أجرته صحيفة نيويورك تايمز بالتعاون مع شبكة سي بي أس الأمريكية أن واحدا وثمانين بالمائة من الأمريكيين لا يثقون بالرواية الرسمية حول أحداث الحادي عشر من سبتمبر!!!! 53% من الأمريكيين المستطلعين قالوا إن إدارة بوش تخفي أشياء حول حقيقة ما حدث، في حين اعتقد 28% منهم أنها تكذب!! وإن أخذنا بالاعتبار نسبة من شككوا بالرواية الرسمية عام 2002 والتي كانت 8% فقط، فإن التحول الكبير في الرأي العام الأمريكي يصبح جليا!! استطلاعات الرأي الأخرى ومنها ما أجراه مركز باو للأبحاث مؤخرا تظهر كذلك فرصا أفضل للديموقراطيين للفوز بانتخابات الكونجرس في السابع من نوفمبر القادم، وإذا تمكن الديموقراطيون بالفعل من الفوز بمقاعد النواب أو الشيوخ أو كليهما معا، فإن هذا قد يعني نهاية أجندة بوش المتطرفة، لأنه سيصبح عاجزا عن تمريرها أمام مجلس تشريعي أغلبيته من الحزب المعارض، إلا إن استطاع بوش عقد صفقة مع بعض أقطاب الديموقراطيين للتعاون خلال العامين القادمين بدلا من تصيد الأخطاء وعرقلة المشاريع، وهو ما يعتبره البعض خطأ جسيما إن قام به الديموقراطيون يفقدهم مصداقيتهم أمام قواعدهم الشعبية التي لن تجد فرقا كبيرا ساعتها بينهم وبين توم ديلاي زعيم الأغلبية الجمهورية وحزبه !! بوش الذي أقر بالأمس أسوأ قانون في تاريخ الولايات المتحدة الأمريكية يقضي بتعذيب المشتبه بهم في التخطيط أو المساعدة أو المشاركة في نشاطات إرهابية وإيقافهم دون مذكرة اعتقال قانونية ولفترات غير محدودة ودون أدلة، قانون ينتهك حقوق الإنسان ومعاهدات جنيف وكافة المواثيق الدولية وينتهك القيم الأمريكية ذاتها والدستور الأمريكي، تماما كما ينتهك أبسط قواعد القانون الإنساني في أي مكان في العالم، يقول عنه مساعدوه "إنه ينوي الاستمرار في أجندته العنيفة خلال العامين القادمين لأنها حافلة بأفكار قوية" وفقا لصحيفة الواشنطن بوست في عددها الصادر بالأمس !! ما معنى تلك الكلمات؟ أجندة عنيفة ومليئة بالأفكار القوية؟ قد يقفز إلى الذهن على الفور ضربة عسكرية لإيران ، وربما أيضا حرب إسرائيلية- سورية، فالرئيس بوش يريد أن يذكره التاريخ باعتباره أقوى رئيس أميركي، كما أنه لا يريد أن يخذل شياطينه أو ملائكته الملهمة التي تتحدث إليه بلسان الله وصفته!! وتصبح تلك التفسيرات أقوى إن أخذنا بالاعتبار تقريرا بالغ الخطورة بثته قناة الـ mbc 4 قبل أسبوعين نقلا عن إحدى قنوات الأخبار الأمريكية مفاده أن القوات المسلحة الأمريكية قد ضمت إليها للتو عددا من الصواريخ التي يتسبب إطلاقها في شفط الطاقة من المنطقة التي ضربت بها الصواريخ وتعطيلها لمدة أربعة أيام، وإن صحت الإمكانية العلمية لذلك، فإن عددا من تلك الصواريخ يمكن أن توقف كل ما يعمل بالطاقة في إيران مثلا، ومن ثم تقوم أميركا بتوجيه ضرباتها للمواقع الخمسمائة المنشودة دون أن يقدر أي صاروخ أو محرك أو آلية دفاعية على العمل لصد تلك الضربات أو الرد في هجوم انتقامي!! إن فاز الديموقراطيون بالانتخابات التشريعية فإن بوش قد يصاب بنكسة حقيقية تعرقل تنفيذ مخططاته العنيفة، مع أن مساعديه يقولون إن بإمكانه دوما اللجوء إلى سلطته باعتباره المرجعية التنفيذية الأعلى وتمرير ما يرفض البرلمان تمريره، ولكن بعض المحللين السياسيين يعتبرون ذلك إن حدث بمثابة انتحار سياسي، أما مدراء الحملات الانتخابية للمرشحين من كلا الطرفين المتنافسين فلا يستبعدون إمكانية تعاون بين الديموقراطيين وبوش على أمل استرداد الديموقراطيين هيمنتهم على صنع القرار، مذكرين بأن رجال السياسة هم رجال السياسة وأن حساباتهم تحكمها مصالح تحددها مراكز قوى اقتصادية وسياسية وليس قواعدهم الشعبية فحسب!! العالم كله ينظر إلى الديموقراطيين باعتبارهم يمثلون القيم الحقيقية التي قامت عليها الولايات المتحدة الأمريكية والتي ينص عليها الدستور الأمريكي، ويعتبرهم الأقرب إلى المواطن الأمريكي الحقيقي الذي عاش الحلم الأمريكي وآمن ببلاد العسل والحليب، وهذه هي فرصتهم الأخيرة لإثبات أنهم جديرون بذلك التقييم، أما إن استداروا على أعقابهم وانصاعوا لمصالح شركات النفط والأسلحة وجماعات الضغط التي يحركها اللوبي الصهيوني، فإنهم يخسرون ساعتها كل شيء، ولن يحققوا أي انتصارات سياسية لعقود قادمة بعد أن يتضح للناخب أنه خدع بالتصويت لأقطاب ليسوا سوى نسخة مشوهة من رموز الحزب الجمهوري!!! يستطيع الديموقراطيون إنقاذ أميركا وقيمها التي بنيت عليها، كما يستطيعون تعديل صورتها المتدهورة، وإنقاذ العالم كله من مخططات بوش وتشيني ووولفويتز وأبرامز، فهل يفعلونها ويشلون حركة بوش في العامين القادمين، أم يقفون كشاهد الزور في البرلمان القادم ويخسرون البقية الباقية من مصداقيتهم؟! *شبكة الرافدين |