ماذا لو التقى ( الأمن ) مع ( الفضيلة ) ؟!! نادى أفلاطون في السابق بالمدينة الفاضلة ، وارجع سبب وجودها الى التزام كل افراد مجتمعها بتلك الصفه ، و بالرغم من خيالية تحقيق تلك الدعوه على ارض الواقع ، الا ان تكتل البشر في تجمعات ومن ثم دويلات و تطور اساليب إدارتها مع تطور الزمن بحيث أصبحت لكل دوله مؤسساتها ، أنيط بكل منها مهام تسيير حياة أفرادها اليومية ، فالقضاء مخول بتطبيق الشريعة والقانون ، والاداره التنفيديه مهمتها تدبير الموارد الاقتصادية وتسيير أمور المواطنين ، والجيش مكلف بالدفاع عن الوطن ، والامن معني بتنظيم الحياه اليومية والتصدي لمحاولات الخروج على القانون ، وكل هيئه رسميه في إطار الدولة لها وظيفتها المسلم بها من قبل الجميع وغدت بديهه من بديهيات الحياة ، ولاتحتمل الجدال بين فردين في اختصاص كل منها او اعتراض اي منهم على إجراءاتها المنصوص عليها قانونا بمايحقق اعلى قدر ممكن من شروط المدينه الفاضلة. غير ان تداخل الاختصاصات وتضارب المهام بين تلك المؤسسات كالمؤسسه الامنيه على سبيل المثال و بين اطراف اخرى كهيئة الفضيله المزمع انشاؤها والتي لايمتلك افرادها المسوغ القانوني الذي يمتلكه أفراد الامن امام الناس ، قد يسبب نتائج عكسيه لاتحمد عقباها ، وقد تدفع اي فرد سهل عليه ارتكاب خطأ ما او ممارسة رذيله بعينها ، ان يتطرف (يمينا) أو (يسارا) في ردة فعله حيال اجراءات قد تمارس ضده من قبل افراد لايسلم باحقيتهم في قيامهم بتلك الاجراءات ويرى ان ليس لهم من الصفه الرسميه مايخولهم القيام بذلك. من جانب اخر ، فان المؤسسه الامنيه كجهه رسميه لها لوائح وقوانين تنظم سير عملها بما يضمن مالها من حقوق وما عليها من واجبات ، لا يدركها غير ذوي الاختصاص ، الذين انفقت عليهم الدوله من المال والوقت والجهد الكثير ، وبالتالي فان قيام اي طرف اخر بتكليف ذاتي بمهامها دون الالمام بلوائحها وقوانينها قد يدفع الامور الى تعقيدها دون حلها حتى وان حسنت النيه . والاخطر من ذلك التقاء رجال الامن وافراد ماقد يسمى بهيئة الفضيله في مكان وتوقيت واحد حال تصديهم لمشكله اجتماعيه معينه دون تنسيق مسبق (وهو مايصعب تحقيقه امنيا) الامر الذي قد يعرقل وظيفة من لهم الصفه الرسميه والاحقيه في حفظ الامن والاستقرار الاجتماعي . ناهيك عن ان الفضيله كصفه وغايه ، موكل بغرسها في ابنائنا البيت بالتربية اولا ، والمدرسة والجامعه بالتعليم ثانيا ، والمسجد والاعلام بالنصح والتوعية ثالثا ورابعا . والى جانب كل ذلك يأتي دور المؤسسه الامنيه التي هي الاجدر والاولى بمتابعة تطبيق افراد المجتمع للفضيله كاخلاق وسلوك دون الحاجه لهيئات ذاتيه قد (تطمس) صورة السلم الاجتماعي بدلا من (تكحيلها). |