الخميس, 28-مارس-2024 الساعة: 09:38 م - آخر تحديث: 09:16 م (16: 06) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
الجنس والدين في تجربة الغربي عمران



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من كتب ودراسات


عناوين أخرى متفرقة


الجنس والدين في تجربة الغربي عمران

الإثنين, 10-أبريل-2006
المؤتمرنت / هشام سعيد شمسان - أكثر من (90) نصاً سردياً، أبدعها القاص محمد الغربي عمران، خلال ما يقارب عشر سنوات وضمتها خمس مجموعات هي على التراتب: الشراشف 1997م، والظل العاري 1998م. وحريم أعزكم الله طـ2 2001م، وختان بلقيس 2002م، ومنارة سوداء 2004م.
ولعل المتتبع للتجربة السردية لهذا القاص، سيدرك كيف أنه استطاع، وخلال هذه المدّة الزمنية، أن يبني لنفسه مناخاً إبداعياً، ومعمارياً خاصاً أهَّله لاعتلاء "مئذنة" القص الواقعي الحديث في اليمن، "والذي يتخذ من البيئة اليمنية، وخصوصياتها"، مادة نشطة تستوعب الوقائع، وتستحضر طاقات الانفعال الكتابي بتلقائية قلَّ نظيرها.. وبسببٍ من هذا التوظيف لتعالقات الواقع ، ومحاولات استيعاب مفرداته، وتحولاته اليومية فإنَّ " اللغة قد تنزل لديه عند درجة الصفر أحياناً، عندما تغوص في التداولية الحياتية" (1)، بحيث تتمحور تلك التداولية في بنائيات تتنوع، بين ما هو ذاتي، وما هو جنسي، وبين ما هو روحي ، وما هو يومي، وعام؛ لذا لا غرابة، ونحن نجد نصوصه تتشح بحمولات متزاحمة، حيث الدين، والجنس، والمرأة الشرشف 0 بمحموله الرمزي) والفقر، والشعوذة، والثأر، والعنوسة، والعقم، والعجز الجنسي، والقات.. إلخ. وفي يومياته التداولية نراه يستلهم معظم معطيات الواقع؛ متجولاً عبر الأماكن، المألوفة، من شوارع، وأسواق، وأزقة، وحارات، وجولات؛ فقصصه تتسكع في التحرير، وباب اليمن، والزبيري، وحدّة، وباب شعوب، وعصر، وهبرة، والصافية، وباب السباح، وشيراتون، وتدخل الاتحاد، والعفيف.. كما تسافر بنا متنقلة ما بين ذمار(2)، وصنعاء والحديدة، وعدن، والضالع.. وغيرها.. كما تتعاطى قصصه مع كائنات ثانوية، كالصراصير(3)، والكلاب، والسحالي، والقطط، والعناكب، والأبقار، وغيرها؛ بل وقد يشرك أصدقاءه - بأسمائهم الحقيقية - متعة السرد، فنجد: زيد الفقيه، وعبدالله علوان، وعلوان الجيلاني، ومحمد هيثم، والقعود، والأهدل. وإنما يهدف القاص من خلال هذه المعطيات خلق عالم حلولي يتحد به، ثم يعيده مكتوباً في قالب سردي، أو حواري، إلا أن ما يتميز به هذا القالب هو نحوئه إلى التمرد على العُرف والسائد، بل ويحمل في كثير منه عبثية الواقع، وقسوته، من خلال معالجة القبح بالأقبح، وبطرق تستفز القارئ؛ - غالباً - إذ لا قيمة لديه للمقدس، والمثل، والتقاليد المجتمعية السائدة: الكل عارٍ، الكل فاسد، والجميع يلهث خلف الخراب: فالشهوانية، والغرائزية، والصراع، والقهر الاجتماعي، والعنوسة، والنفاق الديني، ورهق الحب، والشذوذ، والشبق؛ كل هذه مؤسسات وسائطية تقدم لنا واقعاً موبوءاً، ومتشذراً، لا يحتفي إلا بإيقاعات انكساراته ،وهزائمه المادية، والرُّوحية، ومن تلك الوسائط البنائية التي تحتفي بها تجربة السارد صبوة الجنس، والمسرات الغرائزية، والتي تتجاذب وفق متجاورين:
• أحدهما، متضايف، أو متلازم بالدين، والتدين، والآخر يبدو كقيمة انقطاعية، مطلقة لا رابط لها سوى الشخص ذاته.
ويتجلى الأول في شخصية فقيه، أو إمام مسجد، أو قاضٍ، أو شيخ، وأهم النصوص التعالقية بهذا الفضاء: ( ما حدث بعد تلك الفتاة ، م/ الختان) و( شهوان م/ حريم)، و(نباح، م/حريم)، و(فتوى، أو التالقة، م/ الشراشف)، و( فحولة م/ الختان)، و( منارة سوداء، أبو قطاية، وصنعاء، وقارورة م/منارة سوداء)؛ حيث تظهر صبوة الجنس في نحو هذه النصوص؛ إما على نحو عربدة متعالية، أو إيماء بالإيحاء، أو الرمز، المركب. وتعد مجموعة "منارة سوداء" – آخر إصدارات السارد – تتويجاً لهذه الصبوة؛ إذ يكثف فيها الناص من صوت الدين، والجنس – سواءً بتلازميتهما معاً، أو بواحديتهما -؛ حتى أن الإمام أو الفقيه الذي كان يشار إليه – في مجموعات سابقة – كشخصية ثانوية، أضحت في هذه المجموعة تستقل بالحدث؛ بل و تتحدث بضمير الأنا.
" عدت إلى مسجدي، وقفت إماماً في صلاة المغرب" .. " نهضت بشكل آلي.. أخرجت عدَّة قوارير"
بل إن تضئيل شخصية الإمام، أو القاضي تتعالى في هذه المجموعة، ليصل السارد بوقائعة إلى داخل المسجد:
" أخذ الجميع يتعرى.. القاضي يخلع عمامته، قميصه، سكب القوارير على رؤوس الغلمان، صيحات صاخبة.. سال الشراب خيوط ذهب على جلودهم اللبنية.. أخرج القاضي لساناً طويلاً، يلحس أطرافهم" ( قارورة م/ منارة)..
وفي هذه المجموعة يظهر الإمام أو الفقيه، أو القاضي، إلى جانب شهوانيته، مُولعاً بالغلمان، والخمور، كما قد يظهر "قوّاداً" كتكثيف من قبل القاص في حدّة الانتقاد، والتضئيل الذي بلغ مستوى فارطاً.. وحيثما يجد القارئ شخصية متدنية، انبعثت الروائح الرغباتية، من السرد:
"قرأ سورة الفاتحة.. سافرت أفكاره، وهو يتخيل ابنة جاره.. لم يصدق ما يرى وقد تكوّر صدرها، ونمت مؤخرتها.. تذكِّر أنه بين يدي الله... استغفر.. وتابع.. عاد إلى تخيلاته: يتخيل لون ضحكتها رائحة فمها، طعم كلماتها.. قطر خصرها.." ( شهوان م/ الظل العاري).
والإمام، أو الفقيه، إن لم يبدو هوا الفاعل الغريزي، فإنه، قد يتبدّى في فعل المشارك الضمني، بالسكوت، والتستر، أو التحريض ضد أبرياء بممارسة الجُرم الزنائي.
وحين قدَّم لنا السارد شخصية نموذجية أخلاقية للإمام، في نص ( مولانا)، وهي الشخصية الفاضلة الوحيدة، يفاجأ القارئ، كيف أن القاص يقحم الرغائب الحسية إقحاماً، لا تعليل لها، إلا كونها تمثل حسيَّةً خارجية، مكانها الذهنية الساردة:
"خاف أن تموت بين يديه.. قرّر إزالة ملابسها.. سحب الأغطية من عليها، وهو يتمتم: سبحان الله.. شعر أسود يتموج في دلال.. نزع ثوبها عن أكتافها.. صدرها.. خصرها.. عروق زرقاء تنسكب حول قبتي أثدائها.. ممتلئان دون هبوط.. شاردان بنعومة.. حلمات أسطوانية.. بطن ملساء. سرة مليئة.. زغب قطني.. امتدت أصابعه إلى ثغر لهيب الحمى. شعر كثيف ينسكب من ربوة دبقة.."
وبالرغم من النهاية الفاضلة لهذا النص، إلا أن السادر أضاع متعة التأثير الجمالي، لتصادميته بالغرائزية الفجة، التي لا تناسب مع حالة اشفاق إنساني إنسانية، لا ريب فيه.
ولعلًّ من المفيد – هنا – أن نقف عند استنتاج نقدي مهم، يتعلق بالأنساق الدينية التي يكثر ورودها في ثانيا القص؛ إذ أن معظم تلك الأنساق تبدو مجرّدة من أي بُعد خارجي مقدس، وليست أكثر من وسيلة، روحية، لا تتجاوز مثيرها التجريدي.
" اتجه نحو البيانو يعزف أنغاماً هادئةً، وصوت آذان الفجر يسافر من بعيد.: الله أكبر.. الله أكبر.. ألله أكبر.. " ( العنين).
"خرجتُ استقبلها قبل آذان الفجر، برد مع الظلمة.. صمت تمزقه أصوات أدعية المآذن، استلقينا وسط سجادة طويلة.. كان جسدها ينتفض.. قبلت وجهها.. شفيتها".. ( صوت أمي) بل إني كدت أسمع صوت الآذان بصوت أنثوي صاخب، وضحكات ما جته" ( القواد).
سجدت، قادني خيالي إلى بنات الحور.. أحب أن تكون الحورية، عناقيد أثداء، وقليلاً من الشفاه، ومؤخرة رطبة.. أريد الجنة محيطاً من الخمر.." ( عدن شمالاً).
وكأننا – هنا – إزاء " حلولية"، بمفهوم التصوف الحديث، حيث تتحد الكليات، بالأجزاء، فيضحى لا فرق عندئذ بين الفضيلة؛ والرذيلة، بين إيحاء الدين، وإيحاء الجنس.. كل شيء نفسي وخاضع للوجودية، والعدمية، العابثة.
الجنْوسة المطلقة كقيمة فردية:
وفق هذا المنظور، فقد تمكنا من رصد مجموعة كبيرة من النصوص التي تحتفي بالغرائزية، والحسية على نحو يجاوز – أحياناً – حدود النقد، والتقريع، إلى التحطيط والتقذير من قيمة الجنس ذاته؛ كما في نص " كفن الليل" الذي يصل فيه ا لسارد إلى حد التمثيل بالموتى:
" رأيته مسجَّى عارياً، يغسلونه، وأحدهم أدمن مداعبة بعض أعضائه"..
كما قد تتموقع تلك الرغبة بمجددات، الواقعية القذرة، نحو هذه المسرودات:
"كلب تلتصق مؤخرته بمؤخرة كلبة"
فراشة ملونة تحت صرصور"
" كان صوت جارتي يعلو منقطعاً بعد أن تغير نباح الكلب إلى أنين مخلوط بفحيح.."
والمتتبع للعامل الحسي، المحتفي بالجنوسة في تجربة القاص محمد الغربي عمران، سيجد أنه يقع تحت النطاقات الآتية:
• رغبات مكبوتة، تتجسد في خيالات مطلقة مع الذات، كما في ( صنعانية):
" تملكني إحساس قوي بالتعري، خلعت طرحتي، قميصي، الفوطة، الجوارب، الحمالات، ورقة التوت.. تساعدني المرآة على فحص بقية التكويرات، والمناطق الغائرة، نهضت، أخذت، ملابس ذكورية.. ارتعشت.. نشوة لذيذة تمارس طغيانها فيَّ..".
• وقد تتجسد هذه القيمة على نحوٍ فنتازي، مقرون بالرمز المركب الذي يريد من خلاله السارد أن يوصل دلالةً اجتماعية ما، كما في "عنوسة م/حريم"، والذي يستقرئ فيه الناص تشاكلات العنوسة الذكورية، على نحو غرائبي حادّ، كل شيء فيه يتمدّد.
" كل شيء عاد إلى طبيعته ما عدا انتصاب عضوه.. دخل حمامه الصغير، قام بعدّة تمارين عارية، أعجبه تمدده في عنف الحركات".
"انزعجت الطبيبة الشابة في بادئ الأمر.. صمّمت على طرده.. لكنها تراجعت حين أشار إلى الانتصاب.. ابتسمت مددته أرضاً..".
• كما قد تتجسد الرغبة الحسية من خلال انساق تعيرية، مجزوءة، تأتي ضمن سياقات كلية، قد لا يكون الجنس مدارها غالباً، وأظهر تلك البُنى: العُري، المؤخرة، النهد، الثغرات، الأثداء، الشبق، العانة، النتوءات، الحلمة، و يظهر نسق العُري هو الأكثر تمثيلاً:
" بنك
ة عارياً.. تركها عارية.. عارية الوجه.. عارية الأطراف.. بدوت نصف عار.. سيقان عارية.. أصابها العُري.. الجسد العاري.. يتبول عارياً.. سأعريها.. فأجاهاعريها.. الخ".
حيث يكثف لنا السارد من خلال تلك الأنساق ولعاً جامحاً، وطاغياً بالعري، ومفرداته؛ بدليل أن العُري قد يلتبس أحياناً بعناصر دلالية تُحال إلى التفتُّت، بسببٍ من استحالة التجاذب الفني فيما بينها، كأن يسند العُري إلى الوجه مثلاً أو إلى الأطراف كاليدين، وقد يُحدِثُ هذا الإسناد اعتسافاً دلالياً: كما في "أصابها العُري" بما يوحي أن المسرات الغرائزية تظل دائماً محركاً التذاذياً أول، لمنح السارد مكونات أولية لمتخيلات السرد، ووقائعه.
• أما البعد الأكثر عمقاً، فيتأتى من تجسيد الجنس كقيمة استعرائية، لا هدف لها سوى ذاتها، حيث يتعالى فيه صوت" المسرات الغرائزية" على نحو يلتحم فيه الجسد بجمر الرغبة، ومن أمثلة ذلك نص "الأعور" والذي تنتقل فيه أداة السرد – لأول مرة – من الكلي (السارد)، إلى الجزئي (عضو الذكورة).
"زحفت أتلمس الأشياء: مؤخرة عارية، أكتاف، شعر أجعد، انزلقت إلى الأرض: قدمان صغيرتان، دون أحذية، سيقان ممتلئة، أفخاذ أسطوانية، أصابع رقيقة، تغطي مكمن الرغبة..
" كأن لها فم واسع، ذو شفتين غليظتين.. هنا شعرت بقدرتي على التحسس.."
"فتحت فمها بللتني، بدأت تبتلعني دون مشقة..".
فإذا كانت السارد، يحاول أن ينقل لنا في كثير من موضوعاته، واقعاً ما، من خلال سلوكيات محددة (متجاوزة،وغير متجاورة)؛ إلا أنه هنا لم يستطع أن يقول شيئاً: سوى الاحتفاء بالفحولة، والرغبات الدفينة.. وعكس هذه الدلالة تتجلَّى في نص " أبو طرطور م/ منارة"، حيث الاحتفاء الطاغي بانهزامية الشبق، وانكسار فحولة الرجولة:
" كانت نائمة.. تأملها.. جسدها العاري تلمع سمرته، شعرها الطويل يستريح على المخدة.. ذارعاها يحتضنان الفراش، حلمتها اليمنى تظل في استحياء.. جلدها يتنفس.. مؤخرتها.. جلس مواجهاً لقدميها.. تخلله شبق كسيح.. يحترق عطشاً".
ولنلاحظ أن السارد – هنا – يلجأ إلى تقنية التفاصيل المتحركة، أو السرد السينمائي، حيث يبدو المشهد أمامنا غاية في الإتقان، بفعل التنقل الحركي لكاميرا السرد، وهي إحدى الآليات التقنية الفارهة التي يمتلك زمامها محمد الغربي عمران..
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالسِياسِيُون الحِزبِيُون الألمَان يَخدعون ويَكِذِبُون ويخُونُون شعبهم

22

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024