الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 04:53 ص - آخر تحديث: 07:17 ص (17: 04) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
الإعلام اليمني وحقيقة التحدي الراهن



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


الإعلام اليمني وحقيقة التحدي الراهن

الإثنين, 16-فبراير-2004
بقلم/نزار خضير العبادي -
جولة نصف ساعة على أكشاك الصحف، وجلسة نصف ساعة أخرى أمام الإنترنت كفيلتان بسلب تفكير المرء لساعات طوال بحثاً عن هوية المشكلة التي صار إليها الإعلام اليمني الوطني..وربما سيداهم البعض سؤالاً جزوعاً: مَنْ المعني برسم معالم الاستراتيجية اليمنية في الصناعة الإعلامية؟ ومَنْ المعني بالنظر فيما هو كائن وتقييمه بميزان حق لا مجاملة، أو في ميل كفتيه..!؟
لاشك أن باكورة ما قد يتوارد على الذهن من خواطر آنذاك هو أن "الدولة" هي المعنى بالأمر برمته.. وسواء أفلح الظن أم خاب، فالدولة- على أقل تقدير- هي من يمتلك القدرة الأكبر على البناء، والتغيير، وهي الأكفأ والأولى من غيرها على التقييم، مادام الإعلام يقع ضمن برامجها الحكومية، ويترجم جزءً من فلسفتها التنموية، وفكرها الثوري.
وإذا ما سلمنا بهذا الرأي سيهولنا حجم المشكلة، وسيجد المرء نفسه فريسة هواجس مثيرة تستدعي ضرورات الوقوف على إطروحاتها المختلفة فيما يتعلق بالشأن الإعلامي.. وهو ما سنوجزه بشدة في النقاط التالية:
· مع إيماننا بفضل حريات الرأي، والتعبير المكفولة دستورياً للجميع، فإن التسويق الإعلامي الداخلي للمؤسسات الرسمية لا يتوافق مع ثقل الدولة، وإمكانياتها، وتوجهاتها الإستراتيجية، إذا ما قورن بوزن إعلام المؤسسات الحزبية المختلفة.. فالدولة اليمنية باتت في وضع حركي نشيط جداً، وتحقق قفزات نوعية هائلة على مختلف الأصعدة.. في حين ظلت المؤسسات الإعلامية عاجزة عن استيعاب هذا التنامي السريع، أو مجاراته بتطور تقني ديناميكي يتقارب نسبياً مع مخرجات التحديث التنموي الشامل.
فمن الملاحظ أن الدولة أسست قواعداً ديمقراطية عريضه، ومؤسسات مدنية، وحريات نسوية، وتبنت الكثير من مفاهيم البناء العصري للمجتمع، إلاّ إن ذلك كله جاء متلكئاً إلى حد ما في التناول الإعلامي؛ بحيث لازمت الصحف أسلوبها النمطي المعهود منذ عقد، واحتفظت بمعظم مساحاتها حكراً على كتاب تقليديين دونما فسح مجال كبير للأقلام الشابة المتحررة. وهذه حالة نقيضة للتوجهات السياسية العامة التي حرصت من خلالها القيادة اليمنية على تجديد حكوماتها من حين لآخر بالدماء الشابة المؤهلة. وهو الأمر الذي جعل الصحافة متقوقعة بصيغ تقريرية، وحوارات ينقصها الكثير من التكتيك، والبلورة الذكية، فضلاً عن الإخفاق النسبي في الربط بين القراء، والمنظومات الحكومية؛ بحيث تتمكن إدارات الدولة من إبلاغ رسالتها عبر الصحيفة، ويتمكن الفرد من إيصال صوته –أيضاً- إلى أجهزة الدولة، لأن ذلك شرط أساسي في التفاعل الإيجابي المشترك.
ومن ناحية أخرى، نجد أن الصحافة الحزبية كانت تستغل الفراغ الذي خلفته وسائل الإعلام الحكومية، فصارت تشغله على طريقتها الخاصة. فعدم مجاراة حركة التطور الفكري، والتنموي للدولة بالنسبة للإعلام الحكومي ولد صوراً، وتراجماً غير واضحة، أو دقيقة عن واقع ما تمارسه الدولة من أنشطة، وما تتطلع إلى تقديمه لجماهيرها- خاصة عند من هم بمنأى عن حلبة الأحداث- وهو ما عملت المؤسسات الإعلامية المعارضة على استثماره، والسعي لتفكيك ملامح الصورة التي بناها إعلام الدولة؛ فأمست الصحف المعارضة تضاعف من هجومها الإعلامي، وتصعد انتقاداتها، وطعوناتها بالبرامج الحكومية، وتستهلك الرأي العام بالكثير من الإثارة الخبرية عبر تضخيم الوقائع، وتزييف بعضها، والإفتراء بما لم ينزل الله به من سلطان.
ومع أن الإعلام المعارض ظل سلبياً في تناوله للقضايا الوطنية، ولم يعر أية أهمية للجانب الموضوعي، والأخلاقي السياسي في رسالته الإعلامية، إلاّ أنه كان قادراً –نوعاً ما- على أن يصبح منافساً مقلقاً في تضليله للرأي العام-خاصة- وأنه وجد حرصاً من بعض الوكالات الخارجية في الترويج لخطابه السلبي، وتبني مشاريعه المعلوماتية التسويقية. ومن هنا ظهرت بوادر القلق على مستقبل الساحة الإعلامية اليمنية، لأنها باتت تتعايش مع حالة انفصام في قيم عمل المؤسسات الإعلامية، بين واقع حكومي ناهض تنموياً، وإعلام رسمي ضعيف التجاوب مع حركة النهوض والتحديث، وبين إعلام حزبي معارض غير مكترث للأدوار الوطنية الحقيقية، ولاهم له غير الكيد للدولة، والتنكيل بمنجزاتها، واجتذاب أسواق القراءة بأخبار الإثارة.
· أما على الصعيد الخارجي، فقد بات معلوماً للجميع أن الثورة المعلوماتية التي شملت أنحاء العالم لم تترك سوقاً للصحف الورقية، فصار الإنترنت هو حلقة الوصل الأولى، والرئيسية بين شعوب العالم، لكن هذه الحقيقة ظلت حتى اللحظة غير مفعلة بجدية عند الدولة، رغم أنْ رئيس الجمهورية دعا مراراً إلى تفعيلها، واتخذا قراراً جريئاً بمجانية الإنترنت بهدف تسريع البناء المعرفي لأبناء شبعه. لكن وجدنا أحزاب المعارضة اليمنية هي الأسبق إلى مضمار الصحافة الإلكترونية – على عكس التجربة المصرية التي عملت فيها الحكومة المصرية على استباق غيرها من القوى في الداخل، وبذل قصارى الجهد للاستيلاء على مساحة عريضة جداً من الإعلام الإلكتروني
ومما يمكن ملاحظته بهذا الشأن هو أن الدولة تنبهت في وقت متأخر إلى هذا الجانب فأنشأت لنفسها بعض المواقع الإلكترونية، لكن حتى هذه المواقع كانت فقيرة جداً بالمعلومات، والبيانات، ولا تكاد تؤلف أية صورة مفهومة عن حقيقة الأنشطة الحكومية، أو التراث التاريخي، والثقافي، والبعض منها لم يُربط بمحركات البحث العالمية على الإنترنت مما فّوت على نفسه فرصة دخول معتركات العالم الخارجي.. فمثلاً هناك موقع (المركز الوطني للمعلومات) الذي يتوقع من يدخله أن يجد موسوعة يمنية متكاملة تغنيه في استقاء معارفه عن الدولة اليمنية من نوافذها، لكن الحقيقة هي العكس، وأنه لا يتعدى أن يكون بعض الملخصات الموجزة إلى أقصى درجة لتاريخ اليمن السياسي، وحركة الاقتصاد، وتعريف بالأسماء فقط لبعض مؤسسات الدولة. وهناك –أيضاً- موقعاً للبنك المركزي اليمني، لكنه –أيضاً- لا يتم تحديثه، ومعلوماته ضئيلة جداً، والغريب أن حتى أسعار العملات التي يعرضها تعود إلى شهور قديمة، ربما منذ بداية إنشائه.
وأمام هذا الواقع المؤلم للإعلام الإلكتروني، فإن أي باحث من الخارج سيدخل محركات البحث لاستحصال معلوماته عن اليمن سيقع ضحية أمام مواقع حكومية تشكو فقرها المعرفي المدقع، أو مواقع لقوى تملي فلسفتها، ومكايداتها الحزبية الضيقة، وتجرف الباحث بعيداً عن وجه اليمن الحقيقي، وعن طبيعة وحجم ما تعمل الدولة على تحقيقه، أو وجهات نظرها إزاء قضايا سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وفكرية، حيوية وحساسة للغاية.. وألفت الانتباه هنا إلى أن غالبية التقارير التي تتداولها الفضائيات، ووسائل الإعلام الخارجية الأخرى، تؤخذ من شبكات الإنترنت-خاصة المادة التاريخية.. وعليه فإن فرصة بيانات وأفكار العديد من المواقع المعارضة ستكون الأوفر حظاً في التسويق الخارجي- علماً أن بينها مواقع متطرفة للغاية، وأخرى تشوه الحقائق التاريخية، والسياسة،وغيرها..
وعلى هذا الأساس فإن ما ينبغي التفكير به هو كيفية بناء قاعدة إعلامية مسئولة وواعية بمفردات ما يدور في محيطها الخارجي، وقادرة على صياغة هوية إعلامية وطنية.
وينبغي أن لا ننسى أن رئيس الجمهورية وجه أكثر من دعوة للعلماء والمثقفين لكتابة وتوثيق تاريخ الثورة اليمنية، وهو تاريخ لا يقف عند يوم السادس والعشرين من سبتمبر 1962م بل يمتد إلى يومنا هذا. واعتقد أنها خطوة لرسم أبعاد واضحة للهوية الوطنية اليمنية ويجب، أن يقف الإعلام اليمني بمحاذاتها على مسارٍ واحد، يتاح للجميع التعرف عليه والإطلاع على مفرداته المختلفة.
إن الشيء الذي يجب أن لا نغفله هو أن العالم يشهد ثورة معلوماتية، ويقودها بخطى متسارعة، وربما أصبح الإعلام أحد أهم أسلحة السياسة الدولية المعاصرة، وهناك الكثير الذي يستدعي أن تكون اليمن في ذلك الركب، وليس من المتفرجين عليه.
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024