الأحد, 27-يونيو-2004
المؤتمرنت -
الشيطان والإمام
نحن في (الأسبوع) نتحمس لشرق أوسط ناهض.. شرق أوسط كبير، أو واسع، أو جديد لتكن التسمية ما كانت.. المهم أن نضع أيدينا في أيدي الشعوب المتحضرة.. أن نتعلم منها، ونساعدها على تأهيلنا للاندماج في العصر.. أن نعد أنفسنا لحياة جديدة نبنيها بالمحبة والتسامح، وبالتماسك والوحدة.
ولا عيب في الاعتراف بالحاجة لمساندة الآخرين لنا، العيب كله أن نرفض العصر وعلومه، وفنونه، وفلسفاته.. العيب أن نصمم على أن تخلفنا فضيلة وجهلنا نعمة وتعصبنا أصالة. والعيب الأكبر، بل العار أن ننحدر إلى الماضي السحيق، وإلى أسوأ ما فيه.
العار أن نرتد إلى حرب البسوس وداحس والغبراء، وعلي، ومعاوية، والحسين، ويزيد.
العار أن نستحضر حروب الطوائف وصراع السنة والشيعة والأشاعرة، والخوارج والزيدية، والشافعية. ذلك ما تحاوله ثلة صغيرة ما برحت تتشبث بالماضي. وتحن إلى الدهور المظلمة، مع أن أربعين سنة، أو يزيد هيأت لها أن ترى كم كانت حياة الشعب معها لا تطاق.
هذه الثلة الصغيرة أفادت من مناخ التسامح، فأنشأت مدارس دينية مذهبية تزرع الفتنة، وأفادت من مناخ الديمقراطية، فأنشأت أحزاباً، وأصدرت صحفاً، واشترت أحزاباً، وصحفاً وكتباً، وبدأت حربها الضروس لتمزيق وحدة الشعب.
تلك صحيفة هذه الثلة. الصحيفة الناطقة باسم حزبها الصغير، الصحيفة التي قادت الحرب الكارثية ضد صنعاء عاصمة للثقافة، لأن الموسيقى حرام، والغناء رجس من عمل الشيطان. هم انتصروا بقيادة الصحيفة نفسها التي تدق طبول حرب طائفية الآن، بل هي سمتها عنصرية. شخص في صعدة تمرد على الدولة، فأرسلت قوة تعيده إلى طاعتها. الصحيفة اعتبرت الحملة العسكرية عليه حرباً على (الحسين بن علي) وقتالاً لزيد بن علي زين العابدين، ومعركة ضد الزيدية.
الصحيفة إياها حاولت الإنكار بأن الرجل دعا لنفسه (إماماً) ثم وقعت فيما أرادت إنكاره، فلئن كانت غضبة الحكومة على هذا "الحوثي" لأنه هتف ضد أمريكا فما شأن "الحسين وزيد" و"الزبيري".
الواضح أنهم يريدونها فتنة إنهم يحيون الطائفية إنهم يحاربون الثقافة.. إنهم يحاربون الثقافة.. إنهم يسعون إلى تمزيق المجتمع.
ولقد كانت الإمامة عاراً وويلاً وذلاً وهواناً ومجاعة، وعرياً لهذا الشعب الكريم.
هذا الشعب ثار وضحى بدماء أبنائه حتى لا يعود يوم يستنكر الأمير فلان على المواطن فلان أن يكون له فرس عَّداء فيأخذها منه، أو يكون له "جنبية" ثمينة فيصادرها عليه.
هذا الشعب ضحى بالآلاف من أبنائه حتى لا يرجع زمن تعايش البشر والحشرات والهوام وسكناهم معاً. لقد ولى ذلك الزمن. ولا شأن للحسين، أو زيد، أو معاوية بحياتنا الآن. ولئن كانت جريرة أمامهم المزعوم بحسب ما زعمت صحيفتهم أنه هتف بالموت لأمريكا، فلا أحد يجهل أن سادتهم يعيشون في كنف أمريكا. وإن إسرائيل كانت –وربما لا تزال- مصدر رخائهم، وكذلك كانت إيران الشاه كما هي اليوم إيران خامنئي.
نحن لا نتمنى لأمريكا الموت ولا لسواها. على العكس فإن حياة أمريكا حياة للحضارة.
لكن.. إن كانت عودة الإمامة معلقة بموت الشيطان.. فليعش الشيطان.
نقلاً عن صحيفة الاسبوع
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 30-أبريل-2024 الساعة: 06:22 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/11737.htm