الخميس, 22-يناير-2015
المؤتمر نت - الدكتور‮/‬علي‮ ‬مطهر‮ ‬العثربي - الدكتور‮/‬علي‮ ‬مطهر‮ ‬العثربي -
المؤتمر‮.. ‬ومواجهة‮ ‬التآمر‮ ‬على‮ ‬المستقبل
محاولات الغدر بالوطن لم تقف عند حدود معينة، بل وصلت الى المحاولة البائسة في التأثير على الوحدة الوطنية والسعي غير المسبوق الى استخدام وسائل فاجرة للنيل من وحدة الجسد الواحد والموحد، وكأن بعض العناصر الحاقدة لم تكن من تراب هذا الوطن أو أنها لم تعرف في حياتها غير التحقير والتصغير وترفض الشموخ والقوة وتقبل بالاذلال والانكسار، وهذه النفسية المريضة تشكل خطراً على وحدة الأرض والانسان والدولة اليمنية الواحدة، ليس بسبب قدراتها الخارقة الذاتية، بل إن الخطر يكمن في أن مثل هذه العناصر بسبب مرضها تضع نفسها تحت تصرف أعداء‮ ‬اليمن‮ ‬الواحد‮ ‬والموحد،‮ ‬ونتيجة‮ ‬لذلك‮ ‬يستطيع‮ ‬العدو‮ ‬أن‮ ‬يجعل‮ ‬منها‮ ‬أدوات‮ ‬تحقق‮ ‬رغباته‮ ‬وتنفذ‮ ‬أهدافه‮ ‬وتخدم‮ ‬مصالحه‮ ‬وتقدس‮ ‬الولاء‮ ‬الشيطاني‮ ‬وترفض‮ ‬الولاء‮ ‬الوطني‮.‬
إن دراسة الفكر السياسي اليمني القديم والمعاصر تعطي أهمية بالغة للتنشئة الوطنية القائمة على تعميق مفهوم الولاء الوطني المقدس ورفض التبعية والانحطاط، والتركيز على الاعتزاز بالتاريخ الحضاري الانساني في اليمن الواحد، وقد ظل اليمن منذ آلاف السنين يعتز بإرثه الحضاري والانساني الذين سجل فيه اليمنيون الأحرار أنصع صفحات المجد والألق اليماني الذي تتفاخر به أجيال اليمن الواحد والموحد وتتدارس معطيات المجد وتعمل على تحديثه، إلاّ أن التنشئة الوطنية على قيم الولاء الوطني قد تعرضت في المراحل التي ظهر فيها الاستعمار للتهديد‮ ‬والوعيد‮ ‬وتعرضت‮ ‬العناصر‮ ‬التي‮ ‬تلتزم‮ ‬بقيم‮ ‬الولاء‮ ‬الوطني‮ ‬الى‮ ‬حرب‮ ‬ضروس‮ ‬أدت‮ ‬الى‮ ‬تشريد‮ ‬العديد‮ ‬منهم،‮ ‬الأمر‮ ‬الذي‮ ‬أحدث‮ ‬فراغاً‮ ‬وفتح‮ ‬المجال‮ ‬أمام‮ ‬القوى‮ ‬الطامعة‮ ‬في‮ ‬فرض‮ ‬الهيمنة‮ ‬على‮ ‬قدسية‮ ‬التراب‮ ‬اليمني‮.‬
إن الممارسات التي عانى منها أحرار اليمن كانت واحدة من أعظم وسائل قوى العدوان على السيادة اليمنية، وكانت سياسة »فرّق تسد« تسري في اتجاهات متعددة بهدف أن يبلغ أثرها كل المكونات البشرية والجغرافية للدولة اليمنية الواحدة لكي تجعل منها كنتونات معزولة عن بعضها البعض، وقد استغلت القوى الاستعمارية حالة الخوف التي كانت تظهر لدى بعض القوى التقليدي فدفعت القوى الاستعمارية باتجاه تعميقها لمزيد من العزلة وتوليد الكراهية ضد بعضها البعض، بل إن القوى الاستعمارية جعلت من بعض القوى التقليدية أداة لخدمة أهدافها الاستراتيجية دون‮ ‬أن‮ ‬تدرك‮ ‬تلك‮ ‬القوى‮ ‬التقليدية‮ ‬ذلك‮ ‬أو‮ ‬تعي‮ ‬خطورته‮.‬
ولئن كان أحرار اليمن قد تمكنوا بقوة صبرهم وشدة بأسهم وقدرتهم على التحمل والمعاناة من مواجهة كل ذلك، فإن الارادة الكلية لأبناء اليمن الواحد أعظم وأنبل من أي تهديد قادم مهما كان حجمه أو تعددت وسائله الفاجرة، وعلى الذين يراهنون على تفكيك الوحدة الوطنية أن يدركوا أن قوة الارادة التي تنطلق من الخير والسلام والانسانية لا يمكن تفكيكها أو اضعافها مهما ظهرت في الساحة من عناصر الغدر التي تسير في اتجاه تحقيق أهداف التمزق والتشرذم.. وقد علَّمنا تاريخ الفكر الاستراتيجي للإرادة اليمنية أن قدسية الولاء الوطني تظل ساكنة في قلب كل من أصله من تراب اليمن الطاهرة مهما كانت الظروف والاغراءات والتضليل والتهديد والوعيد، وعندما يشتد الأمر ويزداد الخطر على الوحدة الوطنية فإن النقطة الساكنة في قلوب من أصلهم من تراب اليمن تتحرك وتثور كالبركان العظيم وتنطلق باتجاه حماية السيادة الوطنية‮ ‬والحفاظ‮ ‬على‮ ‬وحدة‮ ‬الأرض‮ ‬والانسان‮ ‬والدولة‮ ‬اليمنية‮ ‬الواحدة‮.‬
إن ما نشير إليه من ثبات لقيم الولاء الوطني في قلوب العظماء وأولي العزم من الرجال وأصحاب البأس الشديد ليس من وحي الخيال على الاطلاق بل من واقع الحال ودراسة تاريخ الحياة السياسية ومعرفة نبل الوفاء وقوة الانتماء والاستعداد المطلق للتضحية من أجل قدسية السيادة اليمنية التي قدمها اليمنيون كنموذج في مدارس الفكر الاستراتيجي التي باتت مرجعاً متجدداً لكل قيم الوفاء والفداء ومضرب المثل لدى منظري الفكر الاستراتيجي والقادة العظماء في العالم الذين يضربون المثل بقوة إرادة الانسان اليمني الذي تحدى الصعاب وألان الحديد وطوع الجبال‮ ‬وكيّف‮ ‬الظروف‮ ‬الطبيعية‮ ‬شديدة‮ ‬الوعورة‮ ‬لإرادته‮ ‬الحرة‮ ‬والمستقلة‮.‬
إن المحاولات البائسة الهادفة تفكيك الوحدة الوطنية تعبر عن حالة البؤس والشقاء التي بلغها أعداء الارادة اليمنية الحرة، كما أنها تدلل على حجم الحقد الذي سيطر على تلك القوى التي جعلت من نفسها عدواً للشعب اليمني، علماً بأنه ليس في صالحها معاداة الشعب اليمني أو محاولات التدخل في شأنه الداخلي، كما أظهرت تلك القوى أنها تعاني من حالة مرضية وتريد أن تعمم مرضها على الأرض والانسان والدولة اليمنية الواحدة والموحدة لإشفاء غليلها من الحقد على تاريخ اليمن العظيم الذي ملأ الدنيا سلاماً وتسامحاً وعدلاً ووفاء واخلاقاً وكرماً لا‮ ‬مثيل‮ ‬له‮.‬
إن ما يحتاجه اليمن الواحد والموحد هو المزيد من الحفاظ على وحدته وأمنه واستقراره والكف عن الدفع بمشاريع التشظي والانقسام، وعلى اليمنيين كافة أن يدركوا أن القوى الاستعمارية عندما تفشل في تنفيذ ما تريد في مرحلة معينة وتصل الى القناعة بالفشل فإنها تؤجل تحقيق أهدافها الى المراحل القادمة لعلها تجد ظروفاً أخرى أكثر خدمة لتحقيق أهدافها وتسعى إلى وضع السم في العسل من خلال الدفع بصيغ لبناء المستقبل تحمل في ظاهرها الرحمة وفي باطنها العذاب الشديد، ومن أجل ذلك نؤكد الحرص المطلق ونحن في مرحلة بناء دستور جديد على دراسة مسودة‮ ‬الدستور‮ ‬لكي‮ ‬لا‮ ‬يتضمن‮ ‬نصوصاً‮ ‬تحمل‮ ‬مشاريع‮ ‬التشطير‮ ‬والتقسيم‮ ‬التي‮ ‬فشل‮ ‬العدو‮ ‬في‮ ‬فرضها‮ ‬على‮ ‬اليمنيين‮.‬
إن الواجب المقدس اليوم هو الوقوف أمام نصوص مسودة الدستور ليتدارك الجميع أننا أمام مؤامرة خطيرة تؤسس لصراعات قادمة.. ويكفي أن أقول لكم إن الدساتير هي خطة استراتيجية تضع المبادئ الأساسية للدولة ولا تحتاج إلى الاعداد الكبيرة من الصفحات، فأغلب الدساتير لا يتجاوز عدد صفحاتها المائة صفحة، وعندما نقول إننا اليوم أمام مؤامرة خطيرة فإنه يكفي أن أقول لأصحاب العقول المستنيرة انظروا فقط إلى حجم مسودة الدستور الجديد وستقفون أمام جوهر الحقيقة ليتحمل الجميع مسئولياته تجاه الخطر الذي تحمله هذه الوثيقة التي تؤسس وتشرعن للصراعات وإثارة الفتن وفتح باب الثارات، ولذلك الكل مدعو للمناقشة والتحليل وإبداء الرأي الذي يجنب اليمن الواحد والموحد خطر المستقبل.. ومن أجل الوصول إلى دستور يصون الكرامة الإنسانية ويحمي الإرادة اليمنية الواحدة والموحدة بإذن الله.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 14-أكتوبر-2024 الساعة: 01:43 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/120886.htm