المؤتمرنت - لماذا تفشل معظم القرارات الصحية؟ مع بداية كل عام جديد، يندفع كثيرون لوضع قرارات صحية طموحة: الامتناع عن أطعمة كاملة، الالتزام بتمارين يومية مكثفة، أو محاولة إعادة تنظيم نمط الحياة دفعة واحدة. لكن، وكما يتكرر كل عام، سرعان ما تتلاشى هذه القرارات خلال أسابيع قليلة، ليس بسبب ضعف الإرادة، بل لأنها غير قابلة للاستمرار.
بحسب تقرير نشرته National Geographic، تشير الأبحاث إلى أن العادات الصحية التي تُحدث أثراً طويل الأمد وتستمر فعلياً تكون، في الغالب، أبسط وأكثر واقعية من اتجاهات العافية الرائجة على وسائل التواصل الاجتماعي.
قرارات كبيرة… ونتائج محدودة
يوضح التقرير أن كثيراً من قرارات رأس السنة تفشل لأنها تعتمد على تغييرات جذرية وسريعة لا تراعي طبيعة السلوك البشري. فمحاولات «إعادة اختراع الذات» بين ليلة وضحاها، عبر أنظمة صارمة أو روتينات مثالية، تؤدي غالباً إلى الإرهاق والتراجع، حتى لدى الأشخاص الأكثر حماسة.
ومع ذلك، لا يعني هذا أن بداية العام ليست فرصة مناسبة للتغيير. على العكس، تشير الدراسات إلى أن شهر يناير قد يكون توقيتاً جيداً لإعادة تقييم العادات اليومية، شرط التركيز على تغييرات تدريجية ومدعومة علمياً.
ما الذي ينصح به العلم؟
تقليل استهلاك الكحول
في عام 2025، حذّر الجرّاح العام للولايات المتحدة الأميركية، وهو أعلى مسؤول طبي رسمي في البلاد، من العلاقة بين الكحول وزيادة خطر الإصابة بالسرطان، مؤكداً موقف منظمة الصحة العالمية التي ترى أن أي كمية من الكحول غير صحية. وأظهرت البيانات أن تقليل الاستهلاك، حتى من دون الامتناع التام، ينعكس إيجاباً على جودة النوم والوزن وضغط الدم.
الحذر من المبالغة في البروبيوتيك
رغم الانتشار الواسع لمكمّلات البروبيوتيك، لا تزال الأدلة العلمية متباينة. فبينما قد تساعد سلالات محددة في حالات معينة، تشير الأبحاث إلى أن الألياف الغذائية تلعب دوراً أكثر ثباتاً وموثوقية في دعم صحة الأمعاء لدى البالغين الأصحاء، خصوصاً في ظل النقص الواسع في استهلاك الألياف.
تبسيط وجبة الفطور
تؤكد الدراسات أن الانتظام في تناول الفطور يرتبط بانخفاض خطر زيادة الوزن وأمراض القلب. كما إن الالتزام بوجبة فطور متكررة وغنية بالبروتين يخفف العبء الذهني لاتخاذ القرارات الغذائية صباحاً، ويساعد في ضبط الشهية على مدار اليوم.
ما الذي يُفضّل تجنّبه؟
إضافة البروتين إلى كل شيء
رغم أهمية البروتين، يحذّر الخبراء من الهوس بإضافته إلى جميع الوجبات والمشروبات. فالإفراط قد يزيد القلق المرتبط بالطعام ويؤدي إلى أنماط غير صحية، فيما يظل التوازن بين المجموعات الغذائية هو الأساس.
تقليد روتينات المؤثرين
يشير التقرير إلى أن كثيراً من البرامج الصحية المنتشرة عبر الإنترنت صُمّمت لجذب التفاعل أكثر من كونها موجهة للاستدامة. فالعادات التي تنجح هي تلك المتوافقة مع نمط حياة الفرد واحتياجاته، لا تلك المنسوخة حرفياً من تجارب الآخرين.
العلاقات الاجتماعية… عنصر صحي أساسي
بعيداً عن الحمية والرياضة، تؤكد الأبحاث أن الروابط الاجتماعية عامل محوري في الصحة الطويلة الأمد. إذ تسهم العلاقات الداعمة في تحسين الصحة النفسية وتقليل الالتهابات وخطر الوفاة المبكرة، في حين يزيد العزل الاجتماعي من مخاطر التدهور المعرفي.
ابدأ بالقوة قبل تقليل السعرات
يوصي الخبراء بإعطاء الأولوية لتمارين القوة قبل اللجوء إلى تقييد السعرات الحرارية. فالحفاظ على الكتلة العضلية لا يدعم اللياقة البدنية فحسب، بل يحمي أيضاً من الضعف وفقدان القوة المرتبطين ببعض أنماط فقدان الوزن السريع.
يوضح تقرير National Geographic أن القرارات الصحية لا تفشل بسبب نقص الطموح، بل بسبب غياب الواقعية. فالتغيير المستدام لا يقوم على خطوات دراماتيكية، بل على عادات بسيطة، مدروسة، وقابلة للاستمرار، تُبنى مع الوقت، وتراعي الإنسان كما هو، لا كما يُسوَّق له أنه يجب أن يكون. |