السبت, 05-مارس-2005
المؤتمر نت - عبد القادر باجمال بقلم-عبد القادر باجمال-رئيس الوزراء -
الديمقراطية.. منظومة متكاملة غير قابلة للتجزئة والانتقائية
لمصلحة من؟ ومن هو المستفيد من هذه التسريبات الإعلامية والتصريحات والخطابات والبيانات المتكررة التي تنعكس بآثارها سلباً على الاقتصاد الوطني والجهود المبذولة في مجال الإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية..
ومن ذا الذي يصب الزيت على النار ويسعى لإشعال الحرائق والفتن في الوطن..؟
هل هم أولئك الذين أثاروا الخلافات ونظروا للأزمات في صيف عام 1994م؟
أم هم أولئك الذين حاولوا إعادة عقارب الساعة للوراء في الفتنة التي أشعلوها في جبال مران بمحافظة صعدة في إطار حلمهم القديم الجديد في الدعوة لإمامة جديدة متجاوزين تضحيات مناضلي وشهداء الثورة والجمهورية والوحدة الذين قدموا أرواحهم رخيصة من أجل التحرر والانعتاق من حكم الكهنوت الإمامي المتخلف وترسيخ دعائم النظام الجمهوري والوحدة الوطنية..
ولمصلحة من كل هذا الضجيج الذي نراه ونسمعه في الخطابات والبيانات والتصريحات النارية التي يكيلها البعض بإسراف وبباطنية مفضوحة، وهل تصدر عنهم حباً أم كراهية.. أم انها بالفعل تجسيد للمقولة الشهيرة «ليس حباً في علي ولكن كرهاً في معاوية»!
ومن المؤكد أن ما يقوله أولئك «الباطنيون» وما يرددونه في خطابهم السياسي والإعلامي ليس إلا كرهاً عميقاً إزاء كل من دافعوا عن الثورة والجمهورية والديمقراطية والوحدة.. وتعبيراً عن أمنيات غائرة في نفوسهم لإذكاء نيران الفتنة بين شركاء النضال والمصير الواحد في الوطن، بغض النظر عن وجود أي تباينات في المواقف والرؤى.. سياسية أو اقتصادية أو فكرية في ظل الإيمان الصادق بالديمقراطية وليس بمستغرب أن أولئك الذين روجوا في مقالاتهم لما أسموه.. «بالنفق المظلم» هم الذين كتبوا بالأمس كل ما يمس بتلوين المواقف بالشخص أو الحزب.. ولكن يبقى التساؤل مطروحاً هل ثمة إدراك واع لحقيقة أولئك ونواياهم وهل ثمة عقل يفكر بموضوعية إزاء مخططات هؤلاء الذين برهنت الأحداث دوماً أنهم لا يريدون خيراً للوطن ويسعون للانتقام من كل من ألحق الهزيمة والخيبة «بمؤامراتهم ومشاريعهم المتخلفة» التي أرادوا - وما برحوا النيل من قوى الثورة والوحدة..
وفي نفس الوقت يبقى التساؤل المشروع قائماً.. من هو الأهم؟ الوطن أم الفرد أم الحزب أم العشيرة مهما كان؟ ومن الأحق بالاهتمام به والدفاع عنه الوطن أم الشخص أم الحزب أياً كان حجمه أو دوره.؟!
انها تساؤلات ينبغي الإجابة عليها بموضوعية وعقلانية ومنطق وبعيداً عن أي انفعالات أو تسطيح أو شخصنه للقضايا الوطنية والأمور العامة فالوطن يظل هو الأهم.. ومصالحه فوق كل اعتبار ذاتي أو حزبي مهما كان، أما ما يقوله مثيرو الفتن عن خلافات مزعومة بين سياسيين في الحزب الحاكم أو أي من تلك الأحزاب خاصة تلك التي وقفت معاً في خندق واحد دفاعاً عن الوطن ووحدته فهي افتراءات لا أساس لها من الصحة مردود عليها وتدحضها حقيقة ما هو كائن بالفعل.
وإذا كان في الواقع الديمقراطي التعددي وبين الحين والآخر تحدث بعض التراشقات الإعلامية فإن ذلك أمر طبيعي ومقبول.. في ظل مفاهيم ديمقراطية بعيدة عن أية أغراض، لأنه في النهاية لن ينال ذلك من الديمقراطية شيئاً.. ذلك أن شعبنا قد اختار الديمقراطية عن قناعة وإيمان ولا تراجع عنها أبداً.. باعتبارها خياراً حضارياً يؤكد حقيقة الانتماء للعصر الذي هو عصر الديمقراطية والحرية والشفافية والانفتاح ومقارعة الحجة بالحجة. لا عصر الانجرار للتعصبات الحزبية والقبلية والمناطقية والعنصرية وغيرها.
فالديمقراطية هي الوسيلة المثلى لصنع التقدم في الوطن.. وأياً كانت التجاوزات والأخطاء التي يرتكبها البعض بين فينة وأخرى عن عدم وعي أو لعدم الشعور بالمسؤولية الوطنية باسم الديمقراطية فإن إصلاح أخطاء الممارسة الديمقراطية لا تتم إلا بمزيد من الممارسة المسؤولة للديمقراطية..
ومن المؤكد أن الديمقراطية ليسست منحة بل هي استحقاق وطني ودستوري ولكنها في المقابل ليست «شور وقول» وسلعة خاضعة للمساومة لدى البعض ليأخذوا منها ما يريدون فقط ليحققوا من خلالها مصالحهم الذاتية أو الحزبية وليقولوا في ظلها كل ما يريدون حتى وإن تجاوزوا كل الحدود والمبادئ والثوابت الوطنية وخالفوا بذلك الدستور أو القانون.. ولكن إذا مامست الديمقراطية بعضاً من مصالحهم فإنهم سرعان ما يتنكرون لها ويعلنون رفضهم لها أو السعي للانقلاب عليها.. أو التمترس وراء التعصبات الضيقة سواء حزبية أو قبلية أو مناطقية أو عنصرية وغيرها.. فالديمقراطية بقدر ما هي ممارسة مسؤولة والتزام وطني وأخلاقي وقانوني فإنها تمثل منظومة متكاملة غير قابلة للتجزئة أو الانتقائية..
وهي بحق مدرسة يتعلم في رحابها كل من يريد أن يتعلم ويؤمن بحقيقة الديمقراطية فكراً وسلوكاً ومنهجاً.. لا مجرد رفعها كشعار زائف وإفراغها من محتواها وجوهرها الحقيقي..
إننا نعيش عصراً جديداً في المفاهيم والرؤى.. وعلينا أن ندرك مجريات هذا العصر الذي يرفض الانسياق إلى الماضي، أو الرجوع إليه.. إنه عصر الديمقراطية والإرادة الشعبية.. إنه عصر الشفافية والوضوح والصراحة.. إنه عصر الناس أجمعين.. لا عصر «الأنا» و «الفردانية» الضيقة.. إنه عصرنا جميعاً نعيشه متساوين في الحقوق والواجبات في الحاضر.. وماضين معاً لصنع المستقبل.
وأخيراً أقول: من كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر.
نقلاً عن الثورة
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 28-أبريل-2024 الساعة: 04:37 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/19772.htm