السبت, 24-سبتمبر-2005
عبد الرحمن علي -
الديمقراطية بين الفوضى والحرية المسئولة
* ترتقى الكتابات وتزدهر الأفكار وتزداد حركة المجتمع تنوعا فكريا وسياسيا وثقافيا في ظل الحرية، حرية الفكر والرأي والممارسة، هذه الحرية والتي نجدها في أبلغ صورها في الخيار الديمقراطي عندما يصبح خياراً سياسياً وطريقاً وحيداً لتحقيق تداول السلطة سلمياً.
* فالديمقراطية تكفل حق التعدد السياسي والحزبي والصحفي وحق إنشاء منظمات المجتمع المدني وتكفل بالقانون تلك الممارسة وصونها.
* وتعتبر الديمقراطية واحدة من أهم الركائز الضرورية لتطور المجتمع المدني وتطور قضايا الفكر والسياسة والثقافة في أي مجتمع بما تكفله الديمقراطية من ضمانات واسعة للحريات بمفهومها الأشمل.. إلا أن ما يعيب على الممارسة الديمقراطية ما يعيب تلك الممارسة الديمقراطية في مجتمعات خارجة لتوها من موروث كبير من التسلط وحكم الأنظمة الشمولية أن ممارستها في مراحلها الأولى تكون أقرب إلى التنفيس السياسي والاجتماعي منه إلى كونها ممارسة سياسية مسئولة وناضجة من خلال القضايا الهامة التي تطرقها أو تتطرق إليها.. فالملاحظ في العديد من البلدان النامية التي اتخذت من الديمقراطية خياراً وطنياً للممارسة السياسية أن أحزابها وصحفها وشخصياتها الفاعلة لاتزال غارقة في هوجة الاعتراض والخلاف وصنع الاختلافات والتحدث بلغة مفردها" أن كل الذين لا يؤيدون رأيي هم بالضرورة ضدي" هذا المفهوم الخاطئ للممارسة السياسية في ظل المناخات الديمقراطية يقلل أو يؤخر من حركة السياق التاريخي لتطور التجربة الديمقراطية بصورة طبيعية، ويعرقل الإمكانيات المتاحة أمام الصفوف في المجتمع كي تعبر عن آراء جديدة وأفكار ورؤى ناضجة تخدم في محصلتها النهائية ازدهار حركة التغيير الإيجابي في المجتمع.
* نقول ذلك لان الكثير من الممارسة الديمقراطية سواء عند تقييم الممارسة الحزبية أو التعدد الصحفي سنجد أنها عبارة عن ردود أفعال وليست أفعالا أو انتقادات لما هو قائم ينقصها وينقص أصحابها القدرة على تقديم البديل الصائب، فتتحول تلك الممارسة الديمقراطية من ممارسة للحرية، ممارسة مسئولة الغرض منها خدمة المجتمع وتطوره إلى شكل من أشكال ممارسة الحرية بلا قيود ولا ضوابط تصل إلى درجة الفوضوية والهياج الكلامي والصراخ المفتعل بدلا من ضرورة أن أتكون مناقشة للعقل، للأفكار والبدائل الهامة المطلوب توافرها.
* وعليه.. فإننا بالقدر الذي نرى فيه أن الديمقراطية ضرورة لا غنى عنها لتطور المجتمعات وازدهار حركة الفكر والجدل السياسي والثقافي والإنساني، فإننا نرى أنها دون ممارسة واعية لأهمية الديمقراطية وأهمية الممارسة السياسية والحزبية فأنها تتحول إلى لعنة، لعنة تصيب المجتمع فتضيع الحقيقة ويصاب أصحاب الرؤى والفكر بالعقم من اللاءات الكثيرة والمعارضة اليومية لكل ما هو جدي ومفيد.
* أخيرا: أنها تجارب لا تزال تحتاج للكثير من تراكم الخبرة ولن تتعزز الديمقراطية ألا بتجديد حقيقي للقوانين التي يمكن أن تصبح كابحا لها، ولن تتطور وتتعزز الديمقراطية الا بالمزيد من الديمقراطية
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 06:20 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/24580.htm