الثلاثاء, 07-فبراير-2006
عبد الرحمن الراشد -
أحلام العاجزين
في فولكلورنا الشعبي تحلم أنثى الضبع بشيء مؤكد، حيث يقال إنها تتنبأ بان المناخ سيكون صافيا او غائما. لكن كثيرا منا يحلم بما هو مستحيل. الرئيس الاميركي جورج بوش وعد مواطنيه في خطابه السنوي بأن عام 2025 لن يأتي وأميركا في حاجة الى استيراد نفط من الخارج بما فيه البترول العربي. حاليا تستورد بلاده اكثر من نصف حاجتها من البترول الاجنبي. وعلى الجانب العربي قرأت طروحات تطالب بمقاطعة البضائع الغربية والاستيراد من الهند وماليزيا وباكستان وغيرها شرقا.
والحقيقة المؤكدة أن لا بوش صادق في وعده، كما ان المقاطعين العرب عاجزون عن الصيام عن البضائع الغربية. فوزارة الطاقة الاميركية صاحبة الاختصاص تتوقع ان ربع واردات بلادها بعد عشرين سنة سيأتي من الشرق الأوسط، كما اننا نعرف ان مرضانا وصناعاتنا وطائراتنا وبترولنا، لا يمكن ان تعمل بدون علاقة بيع وشراء مع الغرب، اما صناعات الهند وماليزيا، فمعظمها غربية مهما سميت وطنية ومبدعة، فهي مثل تسمية مطاعم مكدونالد بأنها صناعة وطنية.
وقد يسأل احدنا لماذا يردد كل رئيس اميركي جديد لمواطنيه انه سيعمل على عدم الاعتماد على النفط الاجنبي، وتحديدا نفط الشرق الاوسط، المنطقة المضطربة دائما وغير المضمونة؟ لأنهم يعلمون انها موسيقى تطرب الآذان لكنها بعيدة عن التنفيذ، طالما ان البترول اساس الطاقة التي تحرك الحياة الحديثة. ولهذا كان بوش اذكى ممن سبقه، فوعدهم بعد عشرين سنة، حيث قد يكون مات الحمار او السلطان او هو نفسه.
ولماذا يهيج الكتاب مشاعرنا مقترحين ان إلغاء البضائع الغربية من حياتنا امر سهل؟ لأنهم يعرفون صعوبة امتحان هذا الخيار، حيث يستحيل التوقف عن شراء الأدوية او استخدام الطائرات او الامتناع عن انتاج النفط الذي يقوم على التقنية الغربية. ان لحظة تأمل واقعية وبشرية، لا لحظة حلم ضبعة، تبين استحالة تنفيذ هذه الوعود الشعبية، وأول من سيثور ضد المقاطعة على الطرفين هم الناس.
وتذكرون ان اكثر ايام الخلافات تصاعدا وقعت بين حكومة صدام وحكومة بوش الابن، وحتى في فترة العداء المستحكم تلك، كان العراق يبيع البترول وكانت الولايات المتحدة تشتريه وتدفع ثمنه. اما مقاطعة منتج واحد من الزبدة او الجبنة او الأثاث او غيره مما كثر عرضه وسهل استبداله، فأمر ممكن، لكنه لا يقارن بالامتناع عن أمصال البنسلين او غيار الطائرات.
أتمنى من الذين يبيعون الناس الوعود والنتائج ان يثبتوا انها صحيحة، لأن معظم ما يتم ترويجه مجرد اساطير لا علاقة لها بالحقيقة.
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 12:31 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/27850.htm