الثلاثاء, 28-فبراير-2006
المؤتمر نت - الثورة المؤتمر نت / -
التلاحم الفلسطيني وضروراته!!
لم تتأخر اسرائيل كثيراً حتى تظهر بصورتها الحقيقية التي تنظر من خلالها إلى جميع الفلسطينيين بصرف النظر عن انتماءاتهم وتوجهاتهم بمعيار العدائية السافرة التي لاتميز بين من ينتمي إلى حركة فتح أو حماس أو غيرهما لأنها التي تبني سياساتها على عدم الإقرار بالهوية الفلسطينية وتحاول جاهدة طمس ملامحها حتى يتسنى لها ابتلاع الحق والأرض والتراب الفلسطيني وإنهاء القضية تماماً.
- وتتجلى هذه النزعة العنصرية بأسوأ صورها في مضمون تصريحات وزيرة الخارجية الاسرائيلية التي اطلقتها يوم امس والتي وصفت فيها الرئيس محمود عباس "أبو مازن" بأنه غير ذي صلة بالنسبة للمفاوضات والاتصالات مع كيانها المحتل وهو الوصف نفسه الذي سبق وان اطلقته الحكومة الاسرائيلية على الرئيس الراحل المناضل ياسر عرفات قبل مقاطعته وفرض الحصار عليه في مكتبه برام الله.
- وإذا كانت مثل هذه التصريحات هي من توحي بأن اسرائيل قد بدأت مسلسلها التحريضي ضد محمود عباس "أبو مازن" المنتخب من الشعب رئيساً للسلطة الفلسطينية وذلك عن طريق تضليل الرأي العام العالمي حول مواقفه من عملية السلام مع ان اسرائيل هي من كانت وإلى وقت قريب تشيد بقدرته على التفاوض وتؤكد على ان وجوده على رأس السلطة الفلسطينية سيسهم في تفعيل مسارات العملية السلمية والإسراع في تنفيذ الاتفاقات المبرمة بين الجانبين بدءاً من اوسلو وانتهاءً بخارطة الطريق.
- ومثل هذا الانقلاب في الموقف الاسرائيلي لم يكن مفاجئاً لدى الكثير من المتابعين لسياسات الحكومات الاسرائيلية المتعاقبة التي ظلت تتملص من استحقاقات السلام عبر اختلاق الذرائع واستخدام الأساليب الملتوية التي تسمح لها بإحراق المراحل وإفشال أية جهود ترمي إلى تحريك عجلة التسوية وإيجاد الحل الشامل لقضية الشعب الفلسطيني وتمكينه من استعادة حقوقه المشروعة وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة على ترابه الوطني.
- ولعل ذلك هو ما يعيدنا إلى ما سبق وأن تناوله فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح عقب الإعلان عن فوز حركة حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة. فقد أشار حينها إلى أن المأزق الحقيقي ليس في ما أفضت إليه الانتخابات الفلسطينية باعتبار ذلك شأنا يخص الشعب الفلسطيني الذي ينبغي أن تحترم ارادته بل أن المشكلة الحقيقية هي في التوجهات الاسرائيلية التي ترى أن كل الفلسطينيين بمختلف ألوان طيفهم السياسية والفكرية لايوجد من بينهم من يصلح أن يكون شريكاً لها في إنجاز مسارات التسوية النهائية للصراع لأن ما تبحث عنه اسرائيل ليس شريكاً في التفاوض يحمل على عاتقه مسؤولية الدفاع عن قضية شعبه بل تريد شريكاً يتنازل عن تلك المسؤولية ويقبل بكل اشتراطاتها وإملاءاتها وأطماعها وأهدافها التوسعية مهما بلغت فيها درجة الإجحاف وعدم الانصاف.
- والرئيس علي عبدالله صالح بتلك الرؤية المستنبطة من دروس وتجارب سنوات الصراع العربي الاسرائيلي إنما هو الذي حرص على لفت انتباه الأشقاء الفلسطينيين إلى أن اسرائيل هي من لاتميز بين فلسطيني وآخر فالجميع بالنسبة لها خصوم وإرهابيون وهو ما يعكس أن الاحتلال الاسرائيلي لايقيم أي اعتبار لمسألة الديمقراطية اذ كيف لمن يغتصب أرض الغير ويرفض التسليم بقرارات الشرعية الدولية ومبادئ حقوق الانسان أن يقر بمفهوم الديمقراطية واستحقاقات الآخرين فيها؟! وبالتالي فإن مواجهة مثل هذا الصلف الذي لاتنحصر غطرسته في النطاق السياسي بل تتعداه لتشمل كافة الجوانب الأخلاقية هو من يستدعي من كافة الفصائل الفلسطينية تمتين وحدة الصف وتعزيز تماسك الجبهة الداخلية ووضع الاعتبار الأول للخيارات الموصلة للتطلعات الوطنية للشعب الفلسطيني وكذا إسقاط الرهانات التي تسعى إلى بث بذور الفرقة وإظهار الشعب الفلسطيني بمظهر العاجز عن الإمساك بزمام أموره.
- وتتضاعف الحاجة إلى مثل هذا التلاحم بعد التصريحات الأخيرة لوزيرة الخارجية الاسرائيلية والتي تم انتقاد مضمونها من عدة أطراف اقليمية ودولية بالوقوف على ما تنطوي عليه تلك التصريحات من استهداف للوحدة الكيانية الفلسطينية ونوايا عدوانية تكرس فكرة ما يسمى بالسلطة الإرهابية لدى المجتمع الدولي بما يهيئ للاحتلال الفرصة السانحة لمواصلة الحصار وحرب التجويع على الشعب الفلسطيني. وذلك ما يجب ان يتنبه له الأشقاء الفلسطينيون قبل أي شيء آخر لأن ما تريده إسرائيل الآن ليس أكثر من أن يظل انشغالهم محصوراً في من سيحكم قطاع غزة.
ومن المصلحة ألا تغرق الساحة الفلسطينية السياسية في هذه الجزئية لأن ذلك إذا ما حدث فإنه الذي سيفسح المجال أمام مماحكات الشركاء ودفعهم إلى دائرة التشظي والتمزق التي لن يستفيد منها أحد سوى إسرائيل.

** كلمة الثورة
تمت طباعة الخبر في: السبت, 27-أبريل-2024 الساعة: 07:26 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/28397.htm