الأحد, 02-يوليو-2006
المؤتمر نت - * فهد الأحمدي -
المونوليزا (9%) اشمئزاز و (6%) خوف
رغم جهلنا بسيرة السيدة (ليزا دا جوكندا) إلا أنها بالتأكيد دخلت التاريخ كصاحبة "أشهر ابتسامة في الدنيا" .. ويؤكد هذه الحقيقة شهرتها العالمية ووجودها الدائم في متحف اللوفر بباريس من خلال أغلى لوحة في العالم (المونوليزا) ..
وهذه اللوحة رسمها الفنان الإيطالي ليونارد دا فنشي وهرب بها إلى فرنسا - حيث مات هناك - وانتقلت ملكيتها بعد وفاته إلى البلاط الملكي . وهي رسم شخصي لأميرة إيطالية يقال إن دا فنشي رفض تسليمها لزوجها لتعلقه بها وتعاطفه معها . ومن ينظر إلى لوحة المونوليزا (التي تدعى أيضا الجوكندا نسبة إلى صاحبتها) يلاحظ الابتسامة الهادئة والمحيرة التي ترتسم على ملامحها ..

وقد خضعت هذه الابتسامة - ومازالت - لمحاولات عديدة لتفسيرها وتقييمها واستجلاء حالة صاحبتها .. وقبل أيام فقط ظهرت نتائج دراسة طريفة من جامعة أمستردام حاولت تفسير مغزى هذه الابتسامة بطريقة "كمبيوترية" بحتة ؛ فبهدف الابتعاد عن الميول الشخصية - والآراء الإنسانية - ترك المبرمجون للكمبيوتر مهمة تقييم ملامح الجوكندا بعيدا عن الدخل البشري . ولتنفيذ هذه المهمة "حّملوا" الكمبيوتر بآلاف الصور التي تتضمن ابتسامات - تشير إلى الفرح والسخرية والاشمئزاز والغضب والخوف - لأشخاص عاديين ومجهولي الهوية ... ليس هذا فحسب بل تضمن البرنامج إمكانية تتبع خط الشفايف وقوس الحواجب والتجاعيد الصغيرة التي تظهر على جانبي العين حين نبتسم . وفي النهاية قارنوا ابتسامة المونوليزا بمعطيات البرنامج فأتضح أنها تتضمن (83% فرح ، و9% اشمئزاز ، و6% خوف ، و2% غضب مكبوت)!!

وما أثار انتباهي في هذا الموضوع - ليس طبيعة الابتسامة نفسها أو تحليل شخصية إمرأة ماتت قبل قرون - بل ظهور برنامج "كمبيوتري" يحاول تقييم نفسيات ونوايا البشر من خلال صورهم الفوتوغرافية .. ورغم صعوبة الحكم على الناس بواسطة صورة فوتوغرافية (لحظية) إلا أن المبرمجون يؤكدون أن معدل الدقة - في الأحكام التي تصدر عن البرنامج - ترتفع بازدياد الصور المقارنة (وهو ما شجعهم على تطوير البرنامج للعمل من خلال فيلم سينمائي طويل يتضمن قدرا كبيرا من اللقطات والأبعاد واتجاهات الوجه المختلفة) !

وفي الحقيقة كان رائد التحليل النفسي (سيجموند فرويد) أول من حاول تفسير تلك الابتسامة على أنها معاناة الرسام نفسه "دا فنشي" من عقدة أوديب (مدعيا أن ابتسامة مونوليزا ليست سوى ابتسامة كاتارينا أم الفنان نفسه).. وحاول بعده أطباء كثيرون إعادة تلك الابتسامة إلى مشاكل صحية ونفسية كانت تعاني منها صاحبة اللوحة ليزا دا جوكندا ؛ فالطبيبان الفرنسيان كورتيه وجريبو باتريك استنتجا (من ورم ظهر بين إبهام اليد اليمنى وسبابتها) وجود اختلال عصبي في شقها الأيمن يسبب لها آلاما دائمة جعلها تتجلد أمام الرسام بتلك الابتسامة المحيرة . أما الطبيب الياباني ناكامورا فاستنتج من العقدة الدهنية أسفل عينها اليسرى أن ليزا كانت تعاني من ارتفاع في كوليسترول الدم واحتمال الإصابة باعتلال الشرايين !

... على أي حال ؛ محاولة استجلاء ابتسامة الجوكندا قد يكون فاتحة لأساليب وتقنيات جديدة تحاول استجلاء مشاعر الناس من خلال صورهم الشخصية أو المتحركة .. ولك أن تتصور استعمال هذه التقنية من خلال كاميرات مراقبة خاصة - في المطارات مثلا - تستشف خفايا الناس وتترجم نياتهم بسرعة خارقة ...

(.. ولتفادي أي لبس ؛ أنصحك من الآن بالابتسام أمام أي كاميرا ترتفع فوق رأسك) !

*الرياض
تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 15-مايو-2024 الساعة: 06:38 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/32404.htm