الخميس, 27-ديسمبر-2007
المؤتمر نت -   نزار العبادي -
العائدون بعباءة الديمقراطية
قبل أن نجعل من الديمقراطية معاول هدم أوطاننا فلنحكّم عقولنا فيمن يدعون أنهم ديمقراطيون، ولنتفحص الوجوه جيداً، فقد علمتنا التجارب أن من غزوا العراق وأشاعوا القتل بأبنائه أيضاً يسمون أنفسهم ديمقراطيين!!

إذا كنتم ستجمعون على أن الديمقراطية في اليمن مازالت بخير، إذن لم يعد أمامي غير القول إن مجتمعنا ليس بخير، وثقافتنا ليست بخير، ومواقفنا ليست بخير أيضاً، طالما وأن من غير المنطق أن يتحول من كانوا سبب نكساتنا وبؤسنا وشقاء أبنائنا إلى «رموز ديمقراطية»، فالذين مارسوا الحزبية بتطرف، وتفننوا بوسائل الويل والثبور لمواطنيهم عادوا ليفرضوا وصايتهم على الضحايا وتمثيل أدوار الرعاة لمصالحهم وحقوقهم.. والذين شكلوا ميليشيات، وقادوا حروب العصابات، وقتلوا ونكلوا بمواطنيهم عادوا اليوم أيضاً لإعلان وصياتهم على أبناء المناطق الوسطى، ولعب أدوار الرعاة الصالحين الأتقياء لمصالحهم وحقوقهم، وباتوا يطالبون بتعويضات عن المنازل والمنشآت التي خربتها القذائف متناسين أنها كانت قذائفهم ، ورصاصاتهم التي صنعت موسم الإرهاب الدموي في المناطق الوسطى وغيرها..

أما الذين كانوا ينادون بمكبرات الصوت على اليمنيات لإحراق «الشياذر» فهم اليوم يعتلون المنابر ويذرفون الدموع على الشعب المغلوب على أمره، ويطالبون بالحقوق من الدولة!! فكيف استوت الديمقراطية بهذا الحال إن كانت ستعيد تبرئة إخوة يوسف من دعاء أخيهم، وتشغل الناس بالبحث عن الذئب الذي قتل ابن يعقوب!

إن كان ثمة خللاً فيما يجري اليوم على الساحة اليمنية فلا شك أنه ليس بمبادئ الديمقراطية وإنما هو كامن في أدوارنا كمثقفين وإعلاميين وسياسيين شرفاء تقع على عاتقنا مسئولية التبصير بحقائق الأمور وكشف الأقنعة للأجيال التي لم يسبق لها التعرف على الوجوه الحقيقية لهؤلاء المتنكرين بثوب الديمقراطية والحريات والحقوق الإنسانية.

لماذا يخجل إعلامنا من قول الحقيقة، ومكاشفة الرأي العام بخلفيات هؤلاء الديمقراطيين الجدد الذين يسطون على إنجاز الشعب وتضحياته، ويسعون لمصادرة كل شيء منه، حتى حقه في تمثيل نفسه ووجدانه وضميره..!! لماذا نقف جميعاً مكتوفي الأيدي إزاء أعمال السطو الفاضح على الديمقراطية؟ فهل ننتظر اللحظة التي يعاودون فيها دعوة نسائنا إلى إحراق «الشياذر»، أم أن يعاودوا توجيه بنادقهم ومدافعهم إلى بيوتنا، وذبح الرجال أمام زوجاتهم وأطفالهم..؟!

إن من الغباء الادعاء بالجهل، فنحن جميعاً نعرف الطغاة والمجرمين باسمائهم وصورهم حتى عناوين بيوتهم، لكن بعضنا لايفكر بالعواقب، ولا يكترث لما يحدث، ولا يهمه أن رأى هؤلاء الانتهازيين والمجرمين يحاولون ابتزاز الدولة باسم الديمقراطية، ومصادرة المنجزات باسم الحرية، وتنصيب أنفسهم أسياداً للبلد باسم الحقوق الإنسانية، كما لو أنه يعتقد أنه وأبناءه سيكونون بمأمن من مخالبهم الدموية، وبطشهم!
على المثقف والإعلامي أن لا يتحول إلى معول هدم للوطن بالصمت وكتمان الحقيقة، فتلك مسئوليته الأولى التي إن تخلى عنها فقد شرفه المهني والإنساني وتحمل قسطاً من مسئولية الفوضى أو الخراب الذي قد يحل بالوطن.

وأؤكد للجميع إن هؤلاء الملوثين العائدين بعباءة الديمقراطية لن يخجلوا في مصادرة أي حق للآخرين، أو انتهاك أي قيمة أخلاقية، وبالتالي فكلنا مستهدفون.. وباسم الديمقراطية!!
*عن صحيفة الجمهورية
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 07-مايو-2024 الساعة: 07:04 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/52351.htm