الخميس, 12-يونيو-2008
المؤتمر نت -   عباس غالب -
شوكة الميزان
تابعت باهتمام كبير الأحكام القضائية التي صدرت مؤخراً في قضايا النشر، حيث انتصر القضاء للزميلة صحيفة «الوسط» ضد إجراءات وزارة الإعلام بإغلاقها وحكمت باستئناف صدورها..
ورغم مضي فترة على هذا الحكم القضائي الذي يثبت بالقطع استقلالية هذه السلطة؛ إلا أنني ـ مع الأسف ـ لم أجد صوتاً واحداً وسط هذه الجلجلة الصحافية ينوّه أو يشيد بمنطوق الحكم المنتصر لحرية الصحافة واعتبار أن تلك الخطوة تدلل على استقلالية القضاء.
وعندما تقوم السلطات القضائية بإنزال عقوبات رادعة في حق البعض ممن يخلطون بين الصحافة وارتكاب أعمال تدخل في إطار الإخلال بأمن الوطن والمواطن أو اختراق القوانين المرعية في البلد عند ذلك تقوم الدنيا ولا تقعد، بل إن البعض يعتبر ذلك مساساً بالحريات.
لست في معرض البحث في الحيثيات التي أقام عليها القضاة أحكامهم في هذه القضية أو تلك؛ لكنني أعلم تماماً أن حرية الكتابة الصحافية في هذا البلد مصانة، وسقفها لا حدود له، على الرغم من أن هذه الحرية الصحافية خلطت ـ في أحايين كثيرة ـ بين الحرية وغياب المسؤولية.
ومن يتابع الإصدارات الصحافية العديدة في شارع الصحافة اليمنية يجد العجب العجاب من التناولات التي لا حدود لها، حيث لا يُستثنى أحد من النقد والتجريح، وأحياناً القذف والسباب، بما في ذلك رئيس الجمهورية الذي تنص كافة تشريعات ـ النشر ـ على أهمية عدم التعرض إلى شخصه باعتباره يمثل رمزاً للوطن، ومع ذلك فإنني أعلم بأن الرجل لا يتذمر من نقد، حيث يقول دوماً إن ذلك هو ثمن الديمقراطية التي لا تراجع عنها.
أعتقد أن الذين يعترضون على الأحكام القضائية يقعون في خطأ استراتيجي؛ لأن التدخل في أحكام هذه السلطة يضعفها ولا يجعل منها ـ على المدى المنظور ـ على قدر كبير من الاستقلالية والقوة.
حيث يتساوى ـ في نظري ـ تدُّخل السلطات التنفيذية مع تدخلات المتضررين من أحكامها سواء كانوا من المعارضة أم غيرهم.. فكلا الأمرين يلقيان بظلالهما السلبي على استقلالية القضاء التي يجب أن نصطف جميعنا إلى جانبها وحثها باستمرار على أن تكون شوكة الميزان في المجتمع، والسقيفة التي يستظل تحتها جميع الناس دون التشكيك في سلامة أحكامها أو الانتقاص منها لمجرد أنها لم تنحز لطرف من الأطراف.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 27-أبريل-2024 الساعة: 11:33 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/58847.htm