الأربعاء, 10-ديسمبر-2008
المؤتمر نت - د/عبدالعزيز المقالح د/عبدالعزيز المقالح -
العيد .. الناس .. الحدائق
ليست هي المرة الأولى التي يرتبط فيها حديثي عن العيد بالحديث عن الحدائق بوصفها المتنفس الوحيد للناس في كل المناسبات لا سيما في الأعياد، حيث يتخفف أرباب العائلات من مشاغلهم اليومية ويتفرغون للعناية بأبنائهم والاستمتاع معهم بكل ساعة من ساعات هذه الأيام التي يُفترض أن تكون مليئة بالبهجة والأفراح وبالقدرة على مقاومة كل ما يفرضه الواقع العربي والإسلامي الراهن من إحساس عميق بالمرارة تجاه ما يحدث في أكثر من بلد عربي وإسلامي من كوارث وحروب وفواجع من شأنها أن تصادر كل إحساس جميل وكل شعور يدفع إلى الفرح والابتسامة.

وحكاية اليمن مع الحدائق حكاية جديرة بأن تتكرر وأن تقال في كل مناسبة ، فالبلاد كلها تخلو من هذا النوع من المساحات الخضراء التي تستقبل جمهور الأعياد والإجازات ، وحتى المدن التي كانت تتمتع ببعض الحدائق أصبحت في سنوات قليلة غابات من المباني المتزاحمة ، وأصبح البحث فيها عن مكان مفتوح ومأهول بالأشجار والأعشاب الخضراء يشبه البحث عن إحدى المستحيلات الخمس. وإذا كانت الطبيعة قد بخلت على بلادنا بالأنهار الجارية فإنها قد عوضتها بالحقول الممتدة بين الجبال والتلال وأعطت للإنسان إمكانية نادرة لتكوينات جمالية تعوض ما تعطيه الأنهار من شواطئ وضفاف ، لكن الجهل من ناحية والجشع من ناحية ثانية ، قد جعلا من الحرمان عقوبة تطارد كل تكوين جمالي تنشدّ إليه القلوب قبل الأنظار.

ويمكن القول إنه لا يضاهي علاقتنا السيئة مع الحدائق سوى علاقتنا الأسوأ مع الأشجار بما فيها تلك التي كانت تقف شامخة في الشوارع ونواصي الطرق في المدن الكبيرة والصغيرة والتي كانت تنشر الجمال والظلال وتبعث في النفس المرهفة حالة من الارتياح ، ومن المؤسف أن ما كان يقال في الماضي من أن اقتلاع الأشجار من الوديان والشِّعَاب وأحياناً من حدائق المدن والطرقات يأتي استجابة للضرورة التي تستدعيها حاجة المطابخ إلى المزيد من الحطب قد أصبح للأسف عادة بعد أن تم استبدال الحطب بالغاز، وبعد أن تنفس عشاق الجمال الصعداء عاد التحطيب من جديد وفي المدن بالذات وظهر حطّابون من نوع جديد صاروا يتعاملون مع الأشجار بما فيها أشجار الزينة الطرية بعدوان وشراسة تثير الاستغراب.

وأعود ثانية ، إلى العيد والناس والحدائق ، هذا الثالوث المتلازم أو الذي ينبغي أن يكون متلازماً وأن تدرك الدولة ممثلة في الحكومة وأجهزتها المختلفة أن عليها أن تولي هذا الجانب اهتماماً خاصاً لما يترتب عليه من الارتقاء بالذوق وبتطور الإحساس الجمالي لدى المواطن المعبأ بمشاعر السخط وعدم الرضا ، وهي حالة كل نفس إنسانية تنشأ في منأى عن الماء والظلال ، ولو قد أدركت الحكومات في العالم مدى التأثير الذي تصنعه المساحات الخضراء في المدن وميادينها وما تِعِكسه على المشاعر من الإحساس بالأمل لما تركت شبراً بلا تشجير ولما تركت المباني الخرسانية والحجرية تعتدي على كل مساحة مأهولة بالأشجار والأعشاب والظلال.
لمياء يحيى عبدالرحمن الإرياني في همس الذاكرة:
من يريد أن يدرك كيف يتماهى الشعر بالنثر فما عليه إلاّ أن يقرأ هذه المجموعة القصصية الشعرية الجديدة للمبدعة لمياء يحيى عبدالرحمن الإرياني.
فالقصص التي تضمنتها المجموعة نموذج لهذا التماهي الذي لا نجده سوى في عدد قليل من الأعمال الإبداعية، ومنها هذه المجموعة التي تحمل عنواناً موجهاً إلى القارئ وهو (إليك همس ذاكرتي)، المجموعة صادرة عن مركز عبادي للدراسات والنشر.
تأملات شعرية:
لم يبق من أيامنا الخضراء
غير صدىً بعيدْ
وندىً لأيامٍ جميلاتٍ
إذا ما أقبلت كتبت على الآفاق:
(هذا يوم عيدْ)!
يا أهلنا
ماذا دها الأيام
صارت مثلنا نمطيةَ الساعات
لكن دون عيدْ!
تمت طباعة الخبر في: السبت, 27-أبريل-2024 الساعة: 05:46 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/65301.htm