الإثنين, 23-فبراير-2009
المؤتمر نت - عبدالرحمن بجَّاش عبدالرحمن بجَّاش -
باسم هذا التُّراب
لا أزالُ أتذكَّرها، بل لا تزال الكلمات تُدوِّي في أُذني وذاكرتي وعقلي وقلبي ورُوحي، لستُ أنا وحدي، بل «طه عبدالصمد»، زميل وصديق العُمر من أيَّام المدرسة الأحمدية بتعز، التحقنا بها سويَّةً عند أن تغيَّر اسمها إلى «الثورة»، أمَّا الآن، فلم تَعُدْ هُناك مدرسة، لأنَّ هُناك مَنْ أمر بهدمها، هكذا مزاج!! فقط ليُرضي قناعاتٍ تقول بهدم الآثار وكُلّ ما يمتّ لأيِّ ماضٍ - حتَّى وإن كان عظيماً - بِصِلَة!!
في الساحة الخلفية لمدرستنا يومها كُنَّا نرتصُّ كُلّ صباح، وبعد أن يُلقي «المقطري» كلمة الصباح - لا أدري أين «المقطري» الآن - ليُشير لنا مُدرِّس الرياضة لنُؤدِّي نشيد الصباح، ولو تدرون بأيِّ حماسٍ كُنَّا نُردِّد : «باسم هذا التُّراب، والفيافي الرحاب، والجبال الصعاب، سوف نثأر يا أخي»، كانت أصواتنا تشقّ عنان السماء ونحنُ نُردِّد بعد «عبَّاس باعلوي»، أطال اللَّه في عُمره، إن كان لا يزال حيَّاً، أو يرحمه ويرحمنا إذا كان قد ترك هذه الدُّنيا الفانية، ورحم أو يُطيل عُمر الأُستاذ «مُحمَّد حيدر»، الذي لحَّنها في ما بعد، لقد أنشدنا :
«يا بلادي ... يا بلاد الكبرياء
عشتِ للمُستقبل الحُرّ سماء...
نحنُ لبَّينا على الأرض النداء...
وعلى درب الحياة نحنُ سرنا
فانظرينا ... كيف نمضي للحياة
نحنُ أقسمنا ولن ننكث عهدا
وعلى أرضك لن نخلف وعدا
يا بلادي أشرقي عزَّاً وسعدا
نحنُ حطَّمنا القُيود يوم ثرنا فانظرينا
كيف نبني ونسود
نحنُ فلاَّحين عُمَّالاً وجُندا».
تُرى، كم واحداً لا يزال يحفظ ما خطّه يراع «عبَّاس باعلوي» أيَّام كانت الأرض تفور أحلاماً؟
وفي مدرسة «ناصر» الابتدائية بتعز - أيضاً - طالما أنشدنا بعد إشارة الأُستاذ «صادق»، صاحب الصوت الجهوري، يقف بجانب المُدير الأُستاذ «مُحمَّد عبدالرب» أو الأُستاذ «ذياب» أو الأُستاذ القدير المرحوم «عبدالرؤوف نجم الدِّين»، يُدوِّي صوته : «مدرسة - ويمطّها - صَفَهْ»، نردُّ نحنُ مع حركة اليدين والقدمين : «جُمهورية»، يقول : «انتباه»، نردُّ مع الحركة «يمنية»، كُنَّا نهزّ الأرض يومها، أمَّا الآن، فقد صارت الأرض تهزّنا.
يمرق بين الصُّفوف الأُستاذ «الحُسيني»، من العراق الشقيق، يُؤشِّر لنا، نُردِّد بعده : «لنا الغد المُوحِّدُ، لنا الصباحُ الأسعدُ، بُشراك آن الموعدُ، يا أُمَّتي لنا الغدُ»، تُرى، هل لا يزال صديقا العُمر «عبداللَّه حزام أحمد نُعمان» و«مُفيد عبده سيف» يتذكَّران؟
أُريدُ أن أخلص إلى السُّؤال التالي : «كم طالباً، وكم شابَّاً، وكم وكم، يحفظون النشيد الوطني؟ وكم مدرسةً لا تزال تُحيِّي الْعَلَم الجُمهوري؟ وكم مدرسةً تعزف مُوسيقى؟ هل قُلتُ مُوسيقى؟»، معذرةً، نسيتُ أنَّها حرام، مثل أن تُؤمِّن على نفسكَ وأولادك، فهُناك مَنْ يقول حرام، وأين؟ في الجامعة!!»، واللَّه لقد أحسستُ بالخجل ومُنتخبنا في عُمان يُحرِّك شفتيه لا يدري ماذا يقول؟ والذنب ليس ذنبه، بل ذنب الكبار، مَنْ يُربِّي الناس، خاصَّةً الشباب.
أخشى أن أقول إنَّ مُعظم مسؤولينا حين يذهبون إلى المحافل، والآخرون يُردِّدون بانتباهٍ ورهبةٍ وشُعورٍ بالوطنية، نشيد بُلدانهم، لا ندري نحنُ ما نقول سوى تحريك شفاهنا، كَذَلِكَ الذي يُصلِّي صلاة الميِّت ولا يدري ماذا يقول؟!
النشيد الوطني والْعَلَم مُفردتان لهما علاقةٌ وثيقةٌ بالمُوَاطَنَة، وأن تكون مُواطناً صالحاً، فلا بُدَّ لكَ أن تحفظ النشيد وتُحيِّي الْعَلَم وتحترمه، أمَّا مَنْ يقول إنَّ المُوسيقى حرام وتحيَّة الْعَلَم حرام والنشيد الوطني حرام وتحديد سنّ زواج الفتاة بـ (71) سنةً حرام، فهُو خارج العصر، ولا يزال مشغولاً بأيِّهما يبدأ، باليُمنى أو باليُسرى، والناس حقَّقوا المُعجزة بالطرف الذي فوق!
ص . ب : (96) التحرير [email protected]

*نقلا عن صحيفة الثورة
تمت طباعة الخبر في: الأحد, 28-أبريل-2024 الساعة: 09:14 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/67726.htm