عبد الله حزام -
الحوار.. و"برزخ" الأنانية
يقال أن الحوار والتسامح يسيران يداً بيد، لكن قد يظهر بعضنا بعباءة التسامح، فيما يداه تجر العربة إلى أمام الحصان!؟ يعني المسألة فيها "إن" واخواتها.. وعقدة تغلبت على الضمير الوطني الحيّ؟!
* للأسف هناك من يجيد التمترس في "برزخ" الأزمات، ولا يريد النقلة إلى الحياة التي نحلم بها جميعاً، فتتكسر النصال على النصال، ولا يجد هؤلاء أنفسهم إلاّ وقد انضموا إلى طابور العداء للوطن، لأنهم انصاعوا لرغباتهم، ونبذوا الحوار، الوسيلة المتحضرة لحل مشكلات البشرية الناشئة عن الأنانية التي يمكن أن ترادف شح النفس "ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون".
* وبنفس الحال يصوّرون الوطن على طريقة تلك الصورة التقليدية التي يعلقها أصحاب المحال التجارية "البائع نقداً.. البائع ديناً" والأخيرة يبدو صاحبها شاحباً ومهموماً وتتعزز تلك الصورة الشوهاء للوطن.. وطننا جميعاً وضميرنا الجمعي باستحلاء الجلوس على مقعد الفرجة والاكتفاء بمشاهدة مسلسل "يوتوبي" غارق في الخيال الجامح عناوينه شعار الانفصال الأكثر بلاهة في تاريخ اليمن وغيرها من شعارات اليأس والقنوط، الذي لا يقود إلاّ إلى حلبة اللاتسامح كرغبة في اثبات الذات..
* ومن غير اللائق واستناداً إلى ما سبق إدارة الظهر للحوار وفرصة القائمة منذ زمن والتي لم يلتقطها الطرف الآخر الذي حشر نفسه في زاوية الفرجة تلك! لأننا في الأصل أمة حوار وشورى.. وهذه مُسلمة.. تماماً كما الوحدة التي تتأسس على يقين مستمد من المولى عز وجل "واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا" وبغير هذا الفهم سيقفز إلى الرأس سؤال استنكاري: لماذا يدير البعض وجهه لبلده وللعالم الذي أعلن بكل اللغات أنه مع اليمن ووحدته واستقراره، ومؤتمر لندن ليس ببعيد، ومؤتمر الرياض لاحت بشائره في الأفق؟.
* كنا نتمنى أن لا يكون موقف البعض من الحوار على طريقة الرسائل الثلاث بعد اتفاق فبراير 2009م وأرّخت كالتالي (11/7 و19/7 و25/7/2009م) الموجهة إلى قيادة المؤتمر الشعبي العام، والتي مثلت نكوصاً واضحاً عن اتفاق فبراير، فوق أنها وضعت شروطاً تعجيزية لاستمرار الحوار.. ليعيد التاريخ نفسه مع دعوة رئيس الجمهورية التي هي على درجة رفيعة من الرمزية السياسية، ولقت قبولاً حسناً من القوى الوطنية الحية.. ثم ألا يثير هذا التعاطي عدداً من الأسئلة، ويجعل مصداقية المشترك على المحك؟.
* نعم قد تكون هناك بعض المعوقات التي لا تخطئها عين الأعمى، لكن الحوار سيوفر نقاطاً لعلاقة تعتمد الثقة والاحترام المتبادلين بين كل الأطراف.. كما أن الدعوة للحوار كانت بمثابة إلقاء مليون حجر كانت تجثم على قلوبنا، وبالتالي الجميع مطالب ببرمجة العملية الحوارية لإخراجها من دائرة العشوائية والدعائية، وتعلية سقف المطالب؟!.. الذي يتجاوز في ارتفاعه المواصفات الفنية والوطنية، وكلّهُ على حساب الوطن!.
* بجاه كل اليمنيين الطيبين أمسكوا بزمام الحكمة التي هي في اليد، وتقدموا على الأقل ببدائل مقنعة تؤجل الحوار، أو حتى تعيد صياغة الأفكار المطروحة بالكامل، بدلاً من التمترس خلف "لاءات" الممانعة.. ولنعمل على الطريق الأفلاطونية التي تقول "الحوار يظهر الناس على البدائل المختلفة عن العنف".
* وأختم بتحذير!
من غير الطبيعي أن يقتات البعض من صحون "الجهل المطبق، والخوف المفرط، واليأس، لأن المثل العربي يقول "الخوف مستشار سيىء" وأيضاً "اليأس عدو التسامح".