الأحد, 10-أكتوبر-2010
المؤتمر نت -   عبدالعزيز الهياجم -
الوحدة أهم من الديمقراطية
يوم أمس وأنا في المكتب دخل علي الأخ خالد البعيثي، وهو مراسل في الصحيفة، وبادرني بالسؤال : تقول القمة العربية هذه منها شيء، سيخرجوا بحاجة مفيدة وإلا مثل كل مرة؟ فقلت في نفسي : نسي خالد همومه الشخصية والحديث عن أي مستحقات أو أمور تخص العمل، وفكَّر في قضية الأمة جمعاء، وسؤاله في الحقيقة هو لسان حال ثلاثمائة مليون عربي أو أكثر يتطلعون إلى أن يكون القادة العرب عند مستوى المسؤولية ويتمثلون آمال شعوبهم ويتحسسون آلامها ومعاناتها في ظل كل هذه التحديات التي تواجه العرب وتقتضي منهم مواقف شجاعة وجريئة. وما يميز هذه القمة أنها جاءت بعد أيام قلائل من الذكرى السابعة والثلاثين لحرب أكتوبر وذلك النصر العربي الذي أعاد للأمة حينها ثقتها بنفسها واستعاد لها كبرياءها الجريح بعد نكسة حزيران 1967م، وأيضاً بعد أيام من الذكرى الأربعين لرحيل الزعيم الخالد جمال عبدالناصر الذي كان ملهم الشارع العربي وباعث الحماسة في نفوس العروبيين التواقين إلى العزة والكرامة والشموخ. والحقيقة أن مثل تلك الشواهد التاريخية لا تحتاج إلى عودة الزمن واستعادة الشخوص بقدر ما تحتاج الى أن نتمثل النهج القويم والقيم العليا ونسير على ذات الدرب. وعندما نتذكر عبدالناصر أو غيره من رموز هذه الأمة لا يكفي أن نلقي الخطب العصماء والكلمات الحماسية ونقول إننا في يوم ما تشربنا مبادئه وأدبياته بقدر ما أن المطلوب أن يكون لدينا الإرادة للسير على ذات المنوال ونكون على قناعة بتحقيق الشيء البسيط والمتواضع لذاتنا وشخوصنا ويكون طمعنا هو في تحقيق الكثير لأمتنا ومجتمعاتنا. أما عندما نتحدث عن التحديات التي تجابه أمتنا، وهي كثيرة، فإن علينا أن نراهن على مواقفنا ووحدة كلمتنا وصفنا، لا أن نراهن على مواقف الآخرين. في حديث أجريته مع القيادي الفلسطيني الدكتور نبيل شعث ونشرته «الثورة» في عددها ليوم الخميس الماضي، توقفت كثيراً عند كلامه حول الحياة السياسية بين كافة القوى والمكونات، سواءً الفلسطينية أو العربية وقوله بأن هناك رؤية جديدة مفادها هو أننا نحتاج إلى الديمقراطية، ولكن في رأي شعث أن الوحدة أهم من الديمقراطية. وهذه الرؤية قد يختلف معها البعض أو يتفق معها البعض الآخر، لكن الحقيقة أننا في بعض الأحيان نجعل العربة تسبق الحصان وندور في دائرة مغلقة، كما هو الحال في كثير من الساحات العربية التي أصبحت فيها إشكاليات الديمقراطية وآفاقها المسدودة لدى البعض تشكل مأزقاً ونقمة على هذه الأوطان والشعوب حتى أصبح بالفعل هناك حاجة للتفكير وإعادة ترتيب الأولويات قبل فوات الأوان. في العراق كان هناك من يتوقون إلى الديمقراطية، وبلغ هذا الهوس حدّاً كبيراً، وليس دفاعاً عن أخطاء النظام السابق أو مساوئه وسلبياته، ولكن بقراءة لما آل إليه الحال تبخر ذلك الأمل الذي كان يريد الديمقراطية ولو على دبابة أمريكية، وتبخرت وعود بوش بجعل العراق نموذجاً للديمقراطية في المنطقة، انهارت الدولة وسرّح الجيش ودخلت البلاد في دوامة العنف والفوضى الخلاقة (بحسب كوندوليزا رايس)، واليوم نجد أن الديمقراطية لم تعد العلاج الناجع بالنسبة لمشكلات العراق الذي لم تتفق مكوناته على تسمية حكومة جديدة، برغم مرور أكثر من نصف عام على إجراء الانتخابات. وفي أكثر من بلد عربي تبدو صراعات المكونات السياسية وقد تجاوزت كل الخطوط وتنهش بجسد اللحمة الوطنية، ما فائدة الديمقراطية عندما تمزق وتفرق؟ وما جدواها عندما تمارس بالتوافق والمراضاة والتوازنات وبعيداً عن نتائج الصناديق؟
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 01:56 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/84686.htm