الثلاثاء, 05-أبريل-2011
المؤتمر نت -  نزار العبادي -
اللعب بورقة ضحايا الصدامات
بينما كان الشباب في تعز يتجمعون حول عربات للأمن المركزي ويدغدغون عواطف الأفراد بهتافات عن تلاحم الشعب والجيش كانت وكالات أنباء عالمية تتحدث عن سقوط قتيل وألف مصاب “برصاص الشرطة” والبعض قال: قتيلين، وما إن تلاقفت المواقع الإخبارية اليمنية النبأ حتى صار الحديث عن “قتلى” بصيغة الجمع، أعقبه بيان للمشترك يدين “المجزرة” ولو أن مستشفى الصفوة وشباب ساحة الحرية يدلون بتصريحات تنفي سقوط أي قتيل ولا حتى مصاب بالرصاص لوجدنا من يطل في الفضائيات ويتحدث عن “هولوكوست” في تعز، وربما يقارنه بهولوكوست اليهود على أيدي النازية.

لعبة التغيير في اليمن تتجه نحو الفشل الذريع لكونها اختطفت من أيدي الشباب ودخلت دهاليز اللعبة السياسية “القذرة” التي تبيح المحظور من أجل الكرسي، ولا تتوانى عن تضليل الساحة الشعبية بأكاذيب وإشاعات لتوريطها بردود فعل غاضبة تجني من ورائها الأحزاب مكاسب سياسية، وترويجاً إعلامياً يعود عليها ببعض التعاطف الشعبي من الشرائح الاجتماعية البسيطة أو الجاهلة التي من السهل أن تنطلي عليها أي خدعة محبوكة.

منذ مطلع الأسبوع الجاري وأحزاب المعارضة تتوسل إلى الله أن يسقط قتلى بين المتظاهرين، فصارت كل يوم تدفع بالشباب لمغادرة ساحات الاعتصام والانطلاق في الشوارع التي تقع فيها مؤسسات حكومية حيوية.. بل إن مظاهرات يوم الأحد في صنعاء توجهت لمحاصرة مبنى مجلس الوزراء وفي تعز لاقتحام مبنى المحافظة.. ولم يكن الهدف الحقيقي سوى خلق استفزاز واحتكاك مع الأجهزة الأمنية، عسى أن يستخدم أحد الأفراد رصاصاً حياً ويقتل أو يصيب بعض الشباب، أو على أقل تقدير إجبار الشرطة على استخدام الغازات المسيلة للدموع، التي كنا نرى المصريين يخترقونها دونما اكتراث بينما في اليمن بمجرد أن تطلق قنبلة واحدة يسقط 500 متظاهر كما الجراد.. وبعدها بدقائق تسمع الفضائيات وهي تبث خبراً عاجلاً بأن 500 متظاهر سقطوا بالرصاص الحي في أبشع مجزرة ترتكبها السلطات !!

ومع أن المعارضة تحاول من خلال الرهان على “الصدامات” إعادة التوازن إلى ساحتها التي تشهد منذ أكثر من أسبوعين أسوأ اختلالاتها, لكن النتائج تأتي على العكس من ذلك تماماً لأن الشباب الموجودين في الساحات أكثر نضجاً ووعياً من الأحزاب، وأسقطوا خلال جمعتين متتاليتين محاولتين للأحزاب للزحف نحو مؤسسات الدولة الحيوية.. فالناطق بلسان المشترك الأخ محمد قحطان أعلن مرّتين عن “جمعة زحف” لكنه لم يجد سوى عناصر حزبه تقف وراءه فيما الآخرون يرفضون لأنهم مؤمنون أن مشروعهم سلمي، وأن هذه المؤسسات ملك الشعب وهم أولى بحمايتها وليس نهبها وإحراقها..!

اليوم شباب التغيير لا حديث لهم سوى انتقاد واستهجان ممارسات أحزاب المشترك ومحاولتها فرض الوصاية وسرقة مشروع التغيير.. وكان منتظراً من المعارضة تفادي الوقوع في خصومة مع الشباب أو الالتفاف على مشروعهم لأنهم أصبحوا قوة الشارع الحقيقية القادرة على توجيه ذمة أي مشروع سياسي يمني بالاتجاه الذي تريد.. وقد رأينا جميعاً كيف أن الرؤية التي أعلنتها المعارضة لانتقال السلطة ماتت لحظة ولادتها السبت بمجرد إعلان الشباب رفضها جملة وتفصيلاً.
وهو موقف صبّ لصالح الحاكم إذ كفاه الرد على الرؤية وتوريطه بما قد تستثمره المعارضة مستقبلاً في التذرع بأنه هو المتنصل!!
ما أود قوله هو أن تصعيد حروب التضليل الإعلامي مسألة خطيرة ينبغي تفاديها ليس فقط لأسباب أخلاقية وإنسانية وإنما أيضاً لأسباب أمنية، حيث إنها قد تستغل من طرف ثالث لارتكاب جرائمه بحق الأبرياء ولإشعال فتنة أكبر من قدرة المعارضة والسلطة على احتوائها ململمة أطرافها.
فالأحزاب مطالبة بالارتقاء إلى وعي الساحة الشبابية وإرادتها لأن محاولات الترويض مستحيلة، وستعود بمردود سلبي عليها، فأسوأ إحساس يمكن أن ينتاب الشباب هو أن هناك من يستغفلهم أو يستغلهم.. فامنحوهم الثقة والاعتزاز بالنفس ليمنحوكم الإرادة التي لا تقهر..!
*عن صحيفة الجمهورية
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 03-مايو-2024 الساعة: 08:17 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/2014x/90051.htm