ساركوزي:استعراضي كملياردير و"عديم الحياء" يشن منتقدو الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي حملة انتقادات ضده، متهمين إياه بأنه رئيس "استعراضي"، لعدم تردده في عرض مظاهر الثراء، ومجاهرته بميوله إلى الترف. لكن، لا يبدو أن هذه الاتهامات تزعج ساركوزي، الذي لا يبذل أي جهد لإخفاء نمط حياته, فيطل على الإعلام وهو يمضي عطلة في يخت فاخر أو في أحد فنادق الاقصر الفخمة ويقوم برحلات خاصة في طائرة يملكها احد اصدقائه الاثرياء. كما يضع ساعات ثمينة ونظارات شمس باهظة الثمن فيما تضع زوجته السابقة سيسيليا، ورفيقته الحالية كارلا بروني مجوهرات من دور صائغين شهيرة. كل ذلك جعل معارضيه يصفونه بعبارة "بلينغ بلينغ" المستخدمة عادة لوصف الحلي اللماعية التي يتباهى بها مغنو الراب الامريكيين. وحتى في ليلة انتخابه, اختار ساركوزي الاحتفال مع اصدقائه وبينهم بعض نجوم الغناء والسينما في مطعم فوكيتس, وهو مطعم شهير على جادة الشانزيليزيه يرتاده كبار الاثرياء. ويشكل نمط الحياة هذا سابقة بالنسبة للفرنسيين، الذين اعتادوا التكتم والتواضع من جانب رئيسهم. وقد جعلت منه المعارضة اليسارية التي تلقت ضربة قاسية بهزيمتها في الانتخابات الرئاسية ركيزة لحملتها على ساركوزي. وحملت منافسته الاشتراكية في الانتخابات الرئاسية سيغولين روايال في نهاية على الرئيس، ووصفته بـ "الخفة" و"الميل الاستعراضي" معتبرة انه "يعيش مثل ملياردير" و"عديم الحياء" في وقت تنتظر فرنسا "حلولا لمشكلاتها". وبعدما اطلقت الصحافة لقب "الرئيس البراق", لقي هذا التعبير رواجا كبيرا بما في ذلك داخل الطبقة السياسية. وجعلت صحيفة "ليبراسيون" اليسارية من هذه العبارة عنوان صفحتها الاولى في ديسمبر, فيما اكدت اسبوعيتان انهما كانتا اول من اطلق هذا اللقب عام 2007 لوصف يمين فرنسي مولع بالمادية يعتنق مفهوم تفوق المال، الذي عرفت به حتى الآن الولايات المتحدة. وانضم الى هذه الحملة زعيم اليمين المتطرف جان ماري لوبن، الذي سخر أخيراً من ميول ساركوزي الى عرض مظاهر الثراء والرخاء. لكن رئيس الوزراء فرنسوا فيون، المعروف برزانته، ردّ على هذه الانتقادات حاملا على "يسار الكافيار"، في عبارة مستخدمة لوصف يسار معين، ابتعد عن المبادئ اليسارية والهموم الشعبية، ليسعى وراء المظاهر الاجتماعية والثروة. واعتبر الخبير السياسي فيليب برود ان نيكولا ساركوزي وجد اسلوبا جديدا لتجسيد "القطيعة" التي وعد الفرنسيين بها، من خلال اعتماد اسلوب حياة غير مسبوق وموضع جدل كبير. وقال "انه يريد اعطاء درس لامثال (الرئيس السابق جاك) شيراك و(رئيس الوزراء السابق دومينيك) دو فيلبان المتمسكين بمفهوم اكثر كلاسيكية لمتطلبات المنصب الرئاسي". ورأى ان الرئيس الجديد اراد بسلوكه "الاضطلاع بمهمة" تقضي بـ "اسقاط عقد" الفرنسيين حيال المال واخراجهم من "علاقتهم الاشكالية بالثروة والنجاح". غير ان هذا الخيار ينطوي على مجازفة بنظر المحللين. واشار جان دانيال ليفي من معهد "سي اس آ" لاستطلاعات الرأي الى "استياء لدى الفرنسيين" بشأن هذا الموضوع, الامر الذي ساهم على حد قوله في تدني شعبية ساركوزي سبع نقاط في شهر الى 48% بحسب آخر استطلاع للرأي اجراه المعهد. وأكد ليفي أن "لا احد يجهل ان نمط حياة رئيس الدولة لا يمت بصلة الى نمط عيش المواطن العادي, لكنهم ينتظرون المزيد من الاعتدال من جانب الرئيس". |