المؤتمرنت -
رويترز:650 مليون دولار سخاء عربي كبير لمساعدة واشنطن

إعصار كاترينا: إدارة بوش تعدّ الأميركيين لمواجهة الأسوأ

بدت مدينة نيو اورليانز كمدينة للأشباح أمس بعد اكتمال عملية إجلاء الناجين من إعصار كاترينا، الذي ضرب ثلاث ولايات جنوبي الولايات المتحدة هي ميسيسيبي ولويزيانا وألاباما، فيما دعت ادارة الرئيس جورج بوش مواطنيها إلى الاستعداد لمواجهة الأسوأ بعد انحسار المياه، وبدأت حملة علاقات عامة للتخفيف من حدة الانتقادات التي تتهمها بالتقصير في مساعدة المنكوبين.
وظهرت مشكلة جديدة تمثلت بالضغط الضخم الذي أحدثه تدفق مئات آلاف اللاجئين من الإعصار على ولاية تكساس، ذات الموارد الصغيرة، وتخوف أهالي الولاية من تكرار أحداث الشغب والقتل والسرقات التي وقعت في نيو اورليانز، في حين كانت الدول العربية الاكثر سخاء في تقديم المساعدات الى واشنطن مع اعلان الكويت تقديم مشتقات نفطية ومساعدات انسانية بقيمة 500 مليون دولار غداة قرار قطر منح مئة مليون دولار.
ومع انخفاض مياه الفيضانات ببطء، ظهرت الجثث ملقاة في شوارع نيو اوليانز. ولم يتوفر بعد تعداد شامل لعدد قتلى إعصار كاترينا، إلا أن السناتور الجمهوري ديفيد فيتر قال إن عدد القتلى قد يتجاوز عشرة آلاف في لويزيانا وحدها.
وتحدثت أول حصيلة رسمية مؤقتة عن مقتل 54 شخصا في نيو اورليانز. وقالت مصادر طبية
انه تم إحصاء 30 جثة في مشارح أقيمت بسرعة، وعثر على 20 جثة أخرى على الطريق السريع الرئيسي الذي يؤدي إلى الخروج من المدينة، وتم تأكيد وفاة 10 أشخاص في منطقة وسترن جيفرسون.
ودعا وزير الأمن الداخلي الاميركي مايكل شيرتوف الاميركيين إلى الاستعداد لمواجهة الأسوأ بعد انحسار المياه. وقال لمحطة <<فوكس>> الاميركية <<يجب إعداد البلاد لما سيحدث، ما سيجري عندما تنحسر المياه عن نيو اورليانز أو يتم ضخها هو أننا سنكتشف وجود أشخاص موتى، قد يكونون مختبئين في منازل وعلقوا في الفيضانات أو جثث في شوارع>>، مضيفا <<سيحدث تلوث، وسيكون أفظع من كل ما شهدناه في هذا البلد، ربما باستثناء اعتداءات 11 أيلول التي كانت بالتأكيد فظيعة>>.
وبينما تدفقت أعداد إضافية من الجنود على المدينة المدمرة، بدأت إدارة بوش حملة علاقات عامة لمواجهة الانتقادات التي وجهت إليها بسبب تأخرها في معالجة آثار الإعصار. وتفقدت وزيرة الخارجية الاميركية كوندليسا رايس ووزير الدفاع دونالد رامسفيلد وشيرتوف المناطق المنكوبة، فيما سيتفقد بوش المناطق المنكوبة في ولايتي لويزيانا وميسيسبي اليوم.
ودافعت رايس في ألاباما عن أداء بوش اثناء الكارثة. وقالت <<لا احد خصوصا الرئيس قد يترك المواطنين خصوصا على اساس عرقي>>، وذلك ردا على اتهامات ان بوش لم يتدخل بسرعة لان معظم المواطنين في المنطقة هم من السود الفقراء.
وتم أمس الأول إخلاء ملجأين كبيرين في نيو اورليانز، حيث أقيم اكبر جسر جوي في تاريخ الولايات المتحدة لنقل 41 ألف شخص من الولاية، بعد أسبوع من الاحتجاز شهد غيابا للأمن بينما ساد الخوف والحرمان من المواد الأساسية.
وقال شيرتوف إن <<المهمة هائلة>>، موضحا <<بوضوح نقوم بنقل مدينة نيو اورليانز إلى أماكن أخرى في البلاد>>. وأضاف <<أقمنا جسرا جويا قادرا على إجلاء حوالى عشرة آلاف شخص يوميا، ولدينا قطارات يمكن أن تنقل مئات الأشخاص>>، إلا انه أوضح انه <<لا تزال أعداد من الناس تظهر مع انخفاض مستوى مياه الفيضانات حيث يبحثون عن مساعدة وإنقاذ>>.
وبالنسبة للكثير ممن تم إنقاذهم فإن عملية الإجلاء لم تكن آخر طريق المعاناة، حيث تردد أن الملاجئ التي أقيمت على مشارف المدينة المنكوبة لم تستطع قبول المزيد من الناجين الذين اكتظت بهم الحافلات الآتية من المدينة. وقال رئيس مجلس بلدية نيو اورليانز اوليفر توماس انه رافق مئتي شخص رفضتهم ثلاثة ملاجئ. وأوضح <<قيل لهم لا تفكروا حتى في النزول من الحافلات>>.
اما في مطار نيو اورليانز الذي تم تحويله إلى مركز تجمع للمسنين والعجزة، إضافة إلى كونه مكانا لخروج سكان المدينة، يرقد العشرات من نزلاء دور العجزة والمستشفيات يحتضرون على نقالات وضعت على الارض. ويخشى الاطباء من ان تتسبب المياه الراكدة والظروف الصحية السيئة في الملاجئ في انتشار مرض الكوليرا والتيفوئيد والملاريا وفيروس النيل الغربي. واضطرت السلطات في مدينة بيلوكسي في الميسيسبي الى اجلاء المئات من احد الملاجئ بعد مخاوف من انتشار مرض الزحار (الديزنتاريا).
من جهة اخرى، وصلت الدفعة الاولى من التعزيزات التي تضم 17 الف رجل، سبعة آلاف جندي وعشرة آلاف عنصر من الحرس الوطني، وأرسلت الى جنوب الولايات المتحدة، الى نيو اورليانز بعد ستة ايام على مرور الاعصار، وبذلك سيرتفع الى خمسين الفا، 11 الف عسكري ونحو 40 الفا من الحرس الوطني، عدد الجنود على الارض اعتبارا من اليوم لمساعدة ضحايا الكارثة.
وتزامن وصول الدفعة الجديدة مع انتهاء عمليات الإجلاء الجوية والبرية الهائلة لاستاد <<سوبر دوم>> ومركز المؤتمرات اللذين انتشرت فيهما عمليات القتل والاغتصاب والسرقة.
وقالت افريكا برومفيلد <<هناك عمليات اغتصاب تتم هنا، النساء لا يمكنهن الذهاب الى المرحاض من دون الرجال، انهم يغتصبونهن ويقطعون رقابهن، وهم يقولون لنا ان الحافلات قادمة ولكنها لا تغادر ابدا>>.
مساعدات
ووافقت الولايات المتحدة على عرض قدمته الامم المتحدة للمساعدة، كما اعلنت المفوضية الاوروبية ان واشنطن طلبت رسميا مساعدة طارئة من الاتحاد الاوروبي، تتضمن بطانيات وتجهيزات طبية للطوارئ وماء، و500 الف وجبة غذائية لضحايا الاعصار كاترينا.
كذلك اعلن حلف شمالي الاطلسي انه تلقى طلب مساعدة من الولايات المتحدة يتناول وجبات غذائية. وأرسل ضابط من الحلف الى واشنطن للتنسيق مع السلطات الاميركية بينما يعمل الحلف على تنسيق الرد على الطلب مع الدول الاعضاء.
وفيما سارعت دول اخرى الى تقديم المساعدة، احتلت دول الخليج العربية المرتبة الاولى بين البلدان التي قدمت مساعدات الى الولايات المتحدة، مع اعلان الكويت عن تقديم مشتقات نفطية ومساعدات انسانية بقيمة 500 مليون دولار غداة قرار قطر منح مئة مليون دولار.
وفي المنامة، أعلن مصدر رسمي ان مجلس الوزراء البحريني قرر التبرع بخمسة ملايين دولار مساهمة من مملكة البحرين في الجهود المبذولة لاغاثة ضحايا كاترينا.
وكان مصدر رسمي إماراتي اعلن ان دولة الامارات قررت تقديم <<مساعدات اغاثة عاجلة>> لضحايا الاعصار، تشمل خصوصا مستلزمات ومواد طبية ومواد اغاثة انسانية.
من جانبها، عرضت السعودية تقديم مساعدة لضحايا الاعصار، وأكدت استعدادها لزيادة انتاجها النفطي للتعويض عن اي نقص في الامدادات في السوق العالمية يمكن ان ينجم عن الاعصار. وعرضت إيران ارسال مساعدات انسانية الى ضحايا كاترينا لتنضم لعدد من خصوم الولايات المتحدة الذين عرضوا مد يد العون.
من جهته، اعلن رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ان بعثة اسرائيلية ستتوجه الى الولايات المتحدة لدراسة المجالات التي يمكن لتل ابيب تساعد فيها.
وأعلن البابا بندكت السادس عشر انه طلب من المنظمة الخيرية المركزية التابعة للفاتيكان (كور أونوم او القلب الواحد) تنسيق مساعدات لضحايا الاعصار كاترينا.
ووجه الرئيس السوري بشار الاسد برقية <<مواساة وتعاطف>> الى بوش، جاء فيها <<تابعنا بألم انباء الكارثة الانسانية التي اصيبت بها ولايات اميركية جنوبية، وإنني اذ اقدم لسيادتكم ولشعب الولايات المتحدة خالص مواساتنا، اؤكد لكم مشاعر التعاطف العميق مع الضحايا وأسرهم، وأعبر عن قناعتي بقدرة الشعب الاميركي على التغلب على هذه المحنة ونتائجها>>.
وأعربت جامعة الدول العربية عن مواساتها لحكومة الولايات المتحدة وللشعب الاميركي في ما نجم من خسائر في الارواح والممتلكات في ولايات الجنوب التي ضربها إعصار كاترينا مناشدة الدول والمؤسسات العربية مد يد العون لها.
تأمين
ونقلت صحيفة <<اوبزرفر>> البريطانية عن مصادر في لويدز أن سوق لويدز اوف لندن للتأمين البريطانية تتوقع ان يكبد الاعصار كاترينا خسائر 40 مليار دولار.
(أ ف ب، أب)
تمت طباعة الخبر في: الثلاثاء, 15-يوليو-2025 الساعة: 04:36 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/23965.htm