المؤتمرنت ـ القبس -
تركيا: «انقلاب مدني» على العسكر
دعوى قضائية ضد قائد عسكري وحملات إعلامية
للمرة الأولى في تاريخ تركيا الحديث يجد العسكر انفسهم في موقع الدفاع وليس الهجوم.. وهو ما وصفه دانيز بايكال زعيم حزب الشعب الجمهوري المعارض بالانقلاب على الجيش. فجنرالات الجيش ومنهم كمال أتاتورك الذين حكموا البلاد بشكل مباشر حتى الخمسينات لم يترددوا في التدخل العسكري بين الحين والآخر، ليتابعوا هذا الحكم من خلال الانقلابات العسكرية التي وقعت عام 1960 ثم 1971 ثم 1980 واخيرا 1998 عندما تدخل الجيش بشكل غير مباشر واسقط حكومة الاسلامي نجم الدين اربكان.

وحظي الجيش دائما بتأييد ودعم وسائل الإعلام الكبيرة التي يملكها رجال الاعمال الكبار المعروف عنهم علاقاتهم المصلحية مع الجنرالات، وكانت واشنطن وراء معظم انقلاباتهم العسكرية.

وجاءت التطورات الأخيرة لتقلب الآية بالعكس. فقد تعرض الجيش للمرة الأولى لهجوم واضح من قبل وسائل الإعلام التي تبنت المشروع الاوروبي الداعي للحد من دور الجيش في الحياة السياسية. وساهمت التعديلات الدستورية الاخيرة في تحقيق هذا الهدف حيث اصبح عدد المدنيين اكثر من العسكر في مجلس الأمن القومي وتم تعيين مدني لأمانته العامة ولم تعد قراراته ملزمة للحكومة. ولم تفوت وسائل الإعلام التي يملكها رجال الاعمال أنفسهم ومصالحهم هذه المرة. مع الحكومة اي فرصة لتوجيه انتقادات شديدة للجيش لدى محاولته التدخل في أي امور سياسية.

اتهام قضائي

وجاءت التطورات الاخيرة لتضع وسائل الإعلام امام امتحان استراتيجي بعد ان تحملت دور الدفاع عن الحكومة بحجة الاصلاحات الديموقراطية من جهة وعن الجيش لحماية النظام العلماني من جهة اخرى.

وكان هذا التناقض واضحا في موقف وسائل الإعلام الرئيسية عندما سعت للدفاع عن قائد القوات البرية الفريق اول يشار يوك انيت واتهمه وكيل النيابة في مدينة «وان» بالقيام باعمال غير قانونية بما فيها دعم وتبني بعض عمليات التفجير والاغتيال الغامضة جنوب شرق البلاد حيث يعيش الاكراد.

وكان هذا الاتهام كافيا للجميع ليعيدوا النظر في المعطيات، خاصة ان الاتهام استهدف قائد القوات البرية المتوقع ان يصبح رئيسا للاركان في اغسطس خلفا لقائد الاركان الحالي الفريق اول حلمي اوزكوك المعروف عنه مرونته في الحوار مع الحكومة وتفادي التدخل في الامور السياسية، خلافا للفريق اول بويوك انيت المعروف عنه تشدده في موضوع العلمانية وخطر التيارات الإسلامية.

الأميركيون و«العسكر»

وكان بويوك انيت قد تعرض منذ اكثر من عام لاتهامات وحملات مختلفة كان اخرها عندما قلدته واشنطن وسام الشجاعة نهاية العام الماضي. وفسر البعض ذلك بمساعي الاميركان للعودة الى عادتهم القديمة في التدخل بأمور تركيا الداخلية وذلك بكسب الجيش من جديد الى جانبهم، بعد التوتر الذي شهدته العلاقات بين الطرفين بسبب أسر 11 من العساكر الاتراك شمال العراق من قبل الجيش الاميركي في 4 يوليو 2003 ردا على قرار البرلمان التركي رفض نشر القوات الاميركية في تركيا ابان الحرب على العراق.

شكوى إلى أردوغان

ومهما كانت نتائج الأزمة الأخيرة بين الجيش والحكومة، فقد بات واضحا ان المرحلة المقبلة ستشهد تطورات مثيرة بعد ان يصبح الجنرال بويوك انيت رئيسا للاركان، حيث عبر الجنرالات في لقائهم امس الاول في رئاسة الاركان عن قلقهم لهذا الاسلوب الذي تتبعه الحكومة للحط من سمعة العسكر من خلال الاتهامات التي اوردها وكيل النيابة في تقريره.

ورد رئيس الوزراء اردوغان خلال لقائه العاجل مع رئيس الاركان فقال ان الحكومة ليس لها اي علاقة في هذا الموضوع وهي لا تريد ان تتدخل في امور القضاء

تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 20-مايو-2024 الساعة: 06:55 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/28609.htm