المؤتمر نت - .
المؤتمرنت - أ ف ب -
زهور بغداد تصارع الموت
لأن لغة الورود تنضح بكل المعاني النبيلة، وتشيع أجواء البهجة وحب الحياة، لم يستثن القتلة أصحاب الأيادي السوداء، مرتكبو أعمال العنف في العاصمة العراقية بغداد وضواحيها مشاتل الزهور، وأُجبر أصحابها على النزوح مراراً من مكان إلى آخر سعياً إلى الأمن والابتعاد عن المسلحين.


ويقول أبو عمار (46 عاما) صاحب مشتل للزهور في شارع فلسطين وسط بغداد: « إن رواد المشاتل كانوا يأتون بأعداد كبيرة، خصوصاً في منطقة الكريعات شمال الاعظمية حيث تتوزع عشرات منها على جانبي الطريق». ويضيف قائلاً: «بعد تصاعد العنف واستهداف المدنيين لم يعد هناك من يستطيع المرور على الطريق الرئيسية. ورغم ذلك واصلنا زرع الزهور ورعايتها في انتظار عودة الأمن ولكن من دون فائدة، فالموت أصبح يطارد حتى الزهور».


ويؤكد المزارع الذي كان يرتدي ملابس ريفية : «كنت أجني الكثير من المشتل السابق في الكريعات، لكن حوادث القتل والانفجارات هناك أرغمتني على استئجار حديقة متواضعة في شارع فلسطين لأكسب رزقي». وتقع منطقة الكريعات المعروفة بأنها الأكثر خصوبة في بغداد قرب الجانب الشرقي لنهر دجلة في شمال حي الاعظمية، حيث تتكرر أعمال العنف.


من جهته، يقول احمد إسماعيل (62 عاما) الذي هجر منزله في منطقة الراشدية بسبب أعمال العنف: « إن الزهور أصبحت تصارع الموت قبل أن تجد من يشتريها». ويضيف «كنا نبيع عشرات الشجيرات يومياً، لكن تراجع المشترين أدى إلى انخفاض أسعارها إلى ألف دينار (اقل من دولار) فيما كان سعرها قبل ذلك خمسة آلاف دينار (نحو أربعة دولارات)».


من جانبها، توضح المهندسة الزراعية وداد غفوري «أن عمر شجيرة الأزهار لا يتعدى ثلاثة أسابيع، تبعاً لنوعها والبيئة التي تعيش فيها، ولا بد من أن تنقل خلال هذه الفترة إلى مكان مناسب لتنمو وتكبر بشكل طبيعي». وتضيف غفوري أثناء شراء العشب الأخضر لزرعه في حديقة منزلها « إن عودة الحياة إلى طبيعتها تتضمن إعادة الحياة للحدائق العامة والخاصة، ولا يمكن أن تبقى هذه الزهور الجميلة أسيرة علب صغيرة».


وتشتهر المنازل البغدادية عموماً بحدائقها الجميلة وهي المكان الأفضل لاستقبال الضيوف، وتمضية الأوقات خلال أمسيات الربيع والصيف. ويقول هادي سالم (44 عاماً) المزارع المتخصص بالعناية بالزهور في أحد المشاتل في منطقة بغداد الجديدة (شرق) : «إن مدينتنا في حاجة إلى إعادة تشجير حزامها الأخضر الذي تعرض للتلف بسبب الإهمال وعمليات القطع والجرف لأسباب أمنية».


والطريق الرئيسية المؤدية إلى مطار بغداد الدولي (غرب العاصمة) هي الأكثر تضرراً بسبب إزالة مئات الأشجار على جانبيها لدواع أمنية. ويؤكد سالم «لا بد من إعادة الحياة للأشجار في كل شبر من العراق. وفضلاً عن جمالها، فهي تمثل رمزاً لحضارة بلاد الرافدين».


ولم يتبق في بغداد سوى متنزه الزوراء في ناحية الكرخ (الجانب الغربي لنهر دجلة)، بعد الإهمال الذي لحق بحدائق الراشدية والجادرية ومدينة الألعاب في القناة، التي كانت تضيق بالرواد خصوصاً أيام العطل والمناسبات.

تمت طباعة الخبر في: الأربعاء, 15-مايو-2024 الساعة: 01:05 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/42382.htm