المؤتمر نت - ترويسة الصحيفة
يوسف الكويليت* -
حتى الأطباء احترفوا الإرهاب!!
من تمرد الحوثيين إلى تفجير سيارات السياح باليمن، الجريمة المتطورة للإرهابيين ليست شأناً يريد إصلاح وضع شامل وقعت به أخطاء تقتضي مثل هذا التصرف، ولو كان ضد العقل والمنطق، فقد رأينا الشعوب المتقدمة لا تنتهج العنف إذا ما أرادت تغيير نظام دولة أو حزب، بل يتم بالاحتجاجات والمقاطعات والتظاهر بصيغ سلمية، وقد شهدنا كيف قاد العمالي "ليخ فاونسا" عمال بلاده في أحد أهم الموانئ في بولندا أيام سطوة وقهر الحزب الشيوعي المدعوم من الاتحاد السوفياتي، وقد نجح في محاولته تحرير بلده، ونفس الأمر في أوكرانيا، واليونان وغيرهما، بينما نحن في البلاد العربية فقدنا منطق التغيير السلمي بالإرهاب أو الانقلابات، أو الاغتيالات، وهذه المسائل تعيدنا إلى أن هذا الوطن المبتلى بالسلوك الخاطئ، هو من تجري فيه الحوادث نقيض العقل..

المتضرر في اليمن ليس الدولة، أو الجماعات المنضوية تحت سلطتها إذا كانت الهدف في قتل السياح ومرافقيهم، وإنما هو السائق، وصاحب المطعم، وبائع التحف إلى العامل البسيط في الفندق والمطار، ومن يشرف على بيع تذاكر الدخول للمتاحف أو المواقع الأثرية، أي أن الخسارة تأتي على شريحة عريضة ممن يكسبون قوت عوائلهم من هذا السائح، والذي يعتبر واحداً من أهم دخول الدول التي تتسابق على جذبه وتأمين متطلباته..

ما جرى في بريطانيا لن يغير أنظمتها أو يعرّضها لاتخاذ مواقف تلتقي مع أفكار الإرهابيين، لأن ردة الفعل سوف تأتي على بنية الإسلام ديناً وعقيدة، وستقع المخاطر والمطاردات على المسلمين الذين اكتسبوا جنسية هذه الدولة، والمؤلم أن الاتهام طال طبيبين عربيين، وهذا يشير إلى أن المغرر بهم من التفجيريين في نهر البارد، والعراق وبقية البلدان العربية والإسلامية ليسوا هم من حديثي السن، أما الأطباء ممن اكتملت رجولتهم ووصل تعليمهم إلى اختصاصات نحن أحوج إليها حتى من تعرضهم للموت والجزاء، فذلك يعتبر تطوراً خطيراً أي أن هذا الفعل سيضع علماء ومهندسين، ورجال أعمال مسلمين تحت طائلة المراقبة والملاحقة مما يجعل المشكلة ليست سياسية، أو سلوكاً عنصرياً يفرق بين مواطن بريطاني مسلم وغير مسلم، وإنما ستتسبب في إضافة قوائم كبيرة، حتى على الذين نجحوا في امتحان الوصول إلى مراكز مرموقة في التجارة والصناعة وقد تصل الأمور إلى كل دول العالم ممن تخشى تفشي هذه الظاهرة لتدخل في دوامة الإرهاب، وتفرض على المسلمين تضييقاً شاملاً..

بريطانيا ليست بريئة من جرائم عديدة، وحتى في عصر انحسار نفوذها أمام المد التحرري في مستعمراتها، مارست أساليبها كدولة ذات مصالح، ودخلت في حروب خسرت بعضها وكسبت أخرى، وهي الآن تمارس نفس الفعل في العراق، وتذهب إلى أن تكون سياستها مضادة للعرب، لكن هل يفرض ذلك اتخاذ العنف المضاد من خلال الإرهابيين كوسيلة ضغط عليها رغم عدم جدوى ذلك؟.

خط الإرهاب طويل ومتعرج، لكنّ لكل شيء عمراً قد لا يطول، والعالم المستنفر والخائف من الإرهاب لابد أن يوجد البديل، وهو ضرب هذه القواعد وتدميرها..
*افتتاحية الرياض السعودية
تمت طباعة الخبر في: الجمعة, 14-نوفمبر-2025 الساعة: 06:10 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/46258.htm