المؤتمر نت - سيدات يمنيات - الصورة عن نبأنيوز

إبراهيم طالع الألمعي -
الإيمان يَمان..
كنتُ يوما ما في بقيّة بريطانيا العظمى وبالذات في (لندن)، وأثناء العشاء في دار أحد الأحبة هناكم، نادانا إلى شرفة المنزل بعد العشاء. المنظر: مجموعة كبيرة من البشر تتهافت من أماكن مجهولة على بقايا العشاء التي وضعها خدم المنزل في القمامة، حتى أخذ كل منهم نصيبه، ولكلٍّ منكم إكمال الحوار حول الحدث..
مناسبة ذكري هذا: أنَّ المعاناة الاقتصادية والسياسية ليست معياراً للشعوب نوعا وسلوكا وثقة في ارتباط الشعب بقيمه وأرضه.

فَيَمَنُ العروبة والإيمان - كغيره من شعوب العالم الثالث - يعاني اقتصاديا وسياسيا، غير أنَّ هذه المعاناة تقتصر على هذين المستويين وأحسدهم غبطة على عدم معاناتهم حضاريا!.
وخلال وجودي في صنعاء بضعة أيام لحظتُ أشياء رأيتُ أنّ من المفيد لنا عرضها . فأول مظهر أراحني وزملاء الرحلة كان:
هدوء الإيمان وروحانيّته وحضاريَّته، فتجدُ الأذان يسمعه الجميع، لكنه غير مزعج ولا تسمعُ السباق على توتّر الأداء الذي اعتدناه بحيث ينتهي المؤذنون المزدحمون بتوتر صوتي ينبئ عن أنّهم مصرون أن الأذان تقريع نفسي لسامعيه، ولا يحتمل الأداء الهادئ المريح، وكأن راحة السمع والنفس عدو للعبادة!.

وقس على هذا خطب الخطباء المؤدية لأغراضها هناك وبكل أريحية وهدوء، عكس ما اعتدناه من توتر عصبي وارتفاع واختلاط للأصوات بحيث يتحول تركيز السامع نفسيا إلى طريقة الخصام في الأداء والنبرات المزعجة المبحوحة العصبية.. وكذلك طريقة القراءة . هناك: تسمع فيها أداء القرآن الكريم (بلحون العرب) كما ورد في الحديث، ونحن اعتدنا على لحون تبعد عن اللحن العربي في كثير منها حتى أنك تسمع نطق الدال كما نعرفه لدى تعليم العربية لغير الناطقين بها، ولعل السبب يعود إلى ما نذكره من جهدٍ مشكور لقراءٍ أفغانٍ وسواهم من غير العرب أسهموا في تحفيظ القرآن وأخرجوا رواد تلاوته الذين بدورهم علموا الأجيال الحالية!.

أما ملحوظتي الثانية التي لفتت انتباهي بوضوح فهو وضع المرأة في اليمن . فأنت ترى الاحتشام العربي الإسلامي الأمثل، مع انطلاقة المرأة بحرية كاملة، وبكل صدق: لقد راقبت ذلكم أنا وزملاء الرحلة وبموضوعية الْمُشَاهد، فقارنّا بينها في اليمن - الذي نرتبط به عضويا - وبينها هنا وهي تمشي في الأسواق مع زوج أو بدون، هناك يا سادتي رأينا احتراما عجيبا للمرأة، لم نجد مضايقات المرأة الرسمية أو الشخصية التي تعوّدنا عليها، فكل في طريقه أو عمله، بينما اعتادت عيوننا عليها تعمل أو تمشي في الأسواق تحت مطاردات العيون أو الأجساد والأفعال، وإن لم يكن فالهيئات وأمثالهم من الذين رأوا أنّ قضية الأمة تكمن في مدى حراسة المرأة شكلا وتحركاً!.

تُرى لماذا كان العِلْمُ يمانياً والحكمة يمانية؟ أبالإصرار على تديين الناس بالعصبية المزعجة والأصوات المبحوحة التي تقسم لك على المنابر أيمانا مغلظة أن الله هو الخالق!!، أم أن الإيمان والحكمة سلوك حضاري لا يجدي له التَّصنع الذي يسببه النقص في الثقة بالنفس وبالناس والوعي العام؟
*عن الوطن السعودية
تمت طباعة الخبر في: الإثنين, 03-يونيو-2024 الساعة: 09:21 م
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/50410.htm