قطوف امــرأة

تكتبها: آلاء الصفار -
الحجاب الإسلامي وتحديات العصر

أثار القرار الفرنسي بمنع المسلمات من ارتداء الحجاب في نفوسنا أشجاناً، وصدّع تباشير الصورة الجميلة التي حملتها عيوننا للفرنسيين، وثقافتهم، وفنونهم الإبداعية التي خطتها أنامل "رينيه" و"ريبوار" وغيرهما ممن جسد معاني الحياة الإنسانية، وخلجات الطبيعة المتغنجة، والمتباهية بسحر ما حفها الخالق المصور من بدائع صنعه جلّ شأنه.
فكان من حقنا أن نذهل ونندهش أن تضرب الحكومة الفرنسية طوقها على حريات المسلمات وحقوقهن الشرعية في ارتداء ما يطيب لنفوسهن من اللباس في بلد كان يقدّم نفسه للعالم بأنه بلد الديمقراطية، والحرية والمساواة، ويدعو العالم لحوار الحضارات وتقريب الثقافات. في الوقت الذي نكتشف أن القرار الفرنسي لم يكن سوى تعبير عن الخوف من واقع إسلامي آخذ بفرض نفسه في بلاد الغرب، ويتشبث بكل ما أوتي من قوة ليحافظ على خصوصياته، وملامحهُ بعد ما نشرت الصحافة البريطانية قبل أيام تقديرات تشير إلى أن النمو السكاني للمسلمين في فرنسا يكاد يبلغ بهم حجماً مساوياً للمسيحيين في غضون 25 عاماً وليس أكثر من ذلك.
يقيناً أن مسألة حظر الحجاب لا تناقش كشأن فرنسي داخلي لأن أعراف الدول تقتضي التعامل بالمثل، وكان يجب التفكير أولاً كيف ستؤول الأمور لو أن بعض الدول الإسلامية ردت على القرار الفرنسي يآخر يلزم الفرنسيات بارتداء الحجاب، والجلباب الشرعي للمرأة المسلمة؟ لكنهم ربما كانوا يعلمون أن الإسلام هو دين السماحة، وشرعية السلام، والتآخي، وإن أقصى ما يمكن أن نرد به عليهم هو قوله تعالى:(لكم دينكم ولي دين).
إن هناك أمور قد يجهلها الغرب عنا فيسيء الظن فينا، ويخذله تسرعه في إطلاق الأحكام، وتجميع العواطف الانفعالية عن فهم خصوصياتنا الإسلامية فيعمل على تجريمنا بذنوب الأفراد من بين جموع ملاييننا رغم أننا لا نأتي بالشيء ذاته عندما يسيء بعض من هم محسوبون عل الغرب، أو على الديانة المسيحية، أو اليهودية. فلا يمكن أن نعتبر الإرهابي "كارلوس" هو كل الغرب، ولا جرائم (الصرب) بحق مسلمي (البوسنة) هي سلوك كل النصارى، ولا إرهاب (المافيا) عقيدة عند الأوروبيين، ولا جرائم ومجازر (ارئيل شارون) تعني أن كل اليهود صهاينة سفاحون.
إن شريعتنا هي خاتمة الشرائع المنزلة من عند الله بما فيه صلاح أمر العباد في المعاش والمعاد.
ولو قصر حديثنا عن الحجاب في الإسلام لوجدنا أن ديننا قاد الدعوة إلى كل فضيلة، والنهي عن كل رذيلة، وصان المرأة، وحفظ حقوقها خلافاً لأهل الجاهلية قديماً وحديثاً الذين يظلمون المرأة، ويسلبون حقوقها جهاراً، أو بطرق ماكرة كأولئك الذين يدعون إلى تحصين حُرمة النساء فيحرمونهن حتى من التعليم، أو العمل الشريف الذي تعين به زوجها، وأسرتها على مواجهة ضنك العيش، وقهر شبح الفقر القاتل.
الإسلام فرض الحجاب كشريعة محكمة أوجبها الله على المؤمنات بقوله تعالى:(وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلاّ ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن..) إلى آخر الآية (31/سورة النور). وفي هذه الآداب التي اشتملت عليها الآية الكريمة صيانة لكرامة المرأة، وإغلاق لمنافذ الفساد في المجتمع، من أجل أن تُرفع قواعد المجتمع بشكل سليم، وطاهر من الرذيلة، والفواحش التي هي معاول تخريب الحياة، وتشويه متاعها.
وذلك هو مطلب أعداء الإسلام من أهل الفسق (ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلاً عظيماً)-(سورة النساء/27).
بكل تأكيد إن المرأة تستطيب كثيراً لزوجها حين يجد نفسه الوحيد الذي يستمتع بالنظر لجمال شعرها، أو بهاء زينتها، أو تقاسيم جسدها، وغير ذلك. أما حين تشاطره أعين الجميع بكل ذلك فإنه لن يجد لنفسه امتيازاً على غيره من عامة الناس.. ومن هنا تشتعل الفتن، وتستعر المشاكل، وتستحيل الحياة الزوجية جحيماً تلتهم نيرانه كل لون جميل للحياة الأسرية الفاضلة.
تمت طباعة الخبر في: السبت, 11-مايو-2024 الساعة: 11:43 ص
يمكنك الوصول إلى الصفحة الأصلية عبر الرابط: http://www.almotamar.net/news/7126.htm