مجلس (الإخوان) و(الكومبارس)!! بعد فترة طويلة من المراوغة والتحايل واللف والدوران من قبل أحزاب اللقاء المشترك إزاء ما يتصل بإجهازها على أحلام وتطلعات الشباب، الذين تأثروا بما جرى في بعض الميادين العربية كتونس ومصر، فعمدوا إلى تقليد تلك الوقائع، وخرجوا للاعتصام أمام جامعة صنعاء، ومنطقة عصيفرة بتعز للتعبير عن بعض مطالبهم، شاءت إرادة الله أن تنكشف هذه الأحزاب وتتعرى أمام الملأ حيث تأكد للجميع يوم أمس أن أحزاب المشترك التي ظلت تدعي كذباً وزوراً وبهتاناً أن لا علاقة لها باعتصامات الشباب لم تترك مع الأسف الشديد متسعاً من الوقت إذ سارعت إلى ركوب موجة تلك الاعتصامات وإعلان نفسها وصية على تلك المجاميع من الشباب لتسرق تطلعاتهم وطموحاتهم وكل ما أرادوه وسعوا إلى طرحه أمام الدولة التي أبدت تفاعلاً إيجابياً مع تلك المطالب. وهو ما تأكدت آخر شواهده في ما عبر عنه فخامة الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية في كلمته الموجهة يوم أمس الأول للمشاركين في مؤتمر قبائل اليمن، حيث أشار إلى أن القيادة السياسية والحكومة لم تكونا تشعران بأية غضاضة تجاه مطالب أولئك الشباب الأنقياء بل أنهما سارعتا إلى التعاطي مع تلك المطالب بكل مسؤولية وصدق، إلاّ أن انتهازية تلك الأحزاب دفعت بالشباب إلى مغادرة الساحات والعودة إلى منازلهم لتستبدلهم أحزاب المشترك بشباب من عناصرها ومن المتحالفين معها، ولذلك لم يكن الإعلان عن تشكيل ما يسمى بـ"المجلس الوطني" سوى إعلان صريح عن مواراة هذه الأحزاب لأحلام وتطلعات الشباب في التراب، واعتراف لا يقبل اللبس بأنها قد نجحت في ذبح الاحتجاجات السلمية من الوريد إلى الوريد، ووضعت مشروعها الانقلابي والتخريبي بديلاً عن مطالب الشباب، الذين خرجوا إلى الساحات بنقائهم فرفضوا تبني المشروع الانقلابي لأحزاب المشترك الذي لا يعنيهم من قريب أو بعيد، لأنهم لم يخرجوا أصلاً للمطالبة بإسقاط النظام ولا لتكريس الفوضى وأعمال التخريب وقطع الطرق وسفك الدماء، وإقلاق الأمن والاستقرار والسكينة العامة، وإنما للتعبير عن أنفسهم وبعض مطالبهم المشروعة. ورغم أن إقدام أحزاب اللقاء المشترك على إعلان ما يسمى بالمجلس الوطني لم يفاجئ أحداً باعتبار أن صيغة مثل هذه ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، فقد سبق لهذه الأحزاب وأن أعلنت عن مسميات عدة، ابتداء من مسمى كيانها "اللقاء المشترك" ومرورا بمسمى "اللجنة التحضيرية للحوار" و"مجلس التضامن" و"المجلس الانتقالي" و"المجلس الثوري" وانتهاء بهذا المجلس الذي وصفه البعض داخل القاعة التي شهدت إعلانه بأنه ولد مغدوراً من جماعة الإخوان المسلمين التجمع اليمني للإصلاح، الذين استأثروا بأكثر من نصف قوامه، فيما تركت البقية الباقية من القوام للقوى الحليفة والعناصر المتهالكة والمهرولة والانتهازية التي أرادت أن تضمن لها موقعاً في هذه الهوجة التي لا تعدو كونها فرقعة إعلامية نسي فيها تجار الأزمات واللاهثون وراء السلطة الحديث عن الأسباب التي دفعتهم إلى تهميش الشباب في هذا المجلس الزائف، ولماذا خلا هذا المجلس من ممثلين للشباب المستقلين مع أن قيادات تلك الأحزاب هي من ظلت تتباكى من أجلهم وتذرف دموع التماسيح على "ثورتهم" التي اغتالوها، أم أن هذا التمثيل قد أوكل للقيادية الإخوانية في التجمع اليمني للإصلاح توكل كرمان..؟ لقد سقطت كل أقنعة الزيف والخداع وبرزت الحقيقة شاخصة أمام الجميع، الذين وجدوا أن ما كان يطلق عليه "الثورة الشبابية" قد صودر من جماعة الإخوان بصورة مفجعة أفزعت حتى الحلفاء الذين اكتشفوا متأخرين وقوعهم في شرك الاحتواء المزدوج لجماعات التطرف التي جعلت منهم غطاء لمشروعها الظلامي والانقلابي وأنهم لم يكونوا إلا كمالة عدد أو كومبارس أو ضحايا أو مغدورين دفع بهم بؤسهم إلى واقع أكثر بؤساً. وشر البلية ما يضحك. |