الإثنين, 12-مايو-2025 الساعة: 01:04 م - آخر تحديث: 01:41 ص (41: 10) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
30 نوفمبر.. عنوان الكرامة والوحدة
صادق‮ ‬بن‮ ‬أمين‮ ‬أبوراس - رئيس‮ ‬المؤتمر‮ ‬الشعبي‮ ‬العام
الصَّارُوخُ الْيَمَانِيُّ الْعَظِيمُ الذي زَلْزَلَ الكيان
أ.د عبدالعزيز صالح بن حبتور
الذكرى العاشرة للعدوان.. والإسناد اليمني لغزة
قاسم محمد لبوزة*
اليمن قَلَبَ الموازين ويغيّر المعادلات
غازي أحمد علي محسن*
عبدالعزيز عبدالغني.. الأستاذ النبيل والإنسان البسيط
جابر عبدالله غالب الوهباني*
البروفيسور بن حبتور... الحقيقة في زمن الضباب
عبدالقادر بجاش الحيدري
في ذكرى الاستقلال
إياد فاضل*
نوفمبر.. إرادة شعبٍ لا يُقهَر
أحلام البريهي*
فرحة عيد الاستقلال.. وحزن الحاضر
د. أبو بكر القربي
ثورة الـ "14" من أكتوبر عنوان السيادة والاستقلال والوحدة
بقلم/ يحيى علي الراعي*
المؤتمر الشعبي رائد البناء والتنمية والوحدة
عبدالسلام الدباء*
شجون وطنية ومؤتمرية في ذكرى التأسيس
أحمد الكحلاني*
ميلاد وطن
نبيل سلام الحمادي*
المؤتمر.. حضور وشعبية
أحمد العشاري*
عربي ودولي
المؤتمر نت - صحيفة الخليج
الخليج - فيصل جلول -
درس شعبي لتكنوقراط أوروبا
تلقى قادة أوروبا الاندماجيون صفعة قوية خلال الاستفتاء على مشروع الدستور الأوروبي أواخر مايو/ أيار الماضي وأوائل يونيو/ حزيران الجاري، إذ رفضت هولندا وقبلها فرنسا المشروع فيما أكدت استطلاعات ألمانية انه لو عرض على استفتاء شعبي لتجاوز مستوى الرفض ذلك المسجل في البلدين المذكورين وان المستشار الألماني غيرهارد شرودر تدارك ممانعة شعبه بطرح المشروع على مجلس النواب والمصادقة عليه دون صعوبات تذكر، في حين قررت بريطانيا للتو تعليق الاستفتاء على الدستور خوفا من مصير مشابه. هذا ومن المرجح أن يتواصل الرفض في بلدان أخرى قررت المصادقة على مشروع الدستور عبر استفتاء الرأي العام وليس عبر البرلمانات المنتخبة.

لا يبدو الرفض الفرنسي والهولندي مفهوما كفاية في العالم العربي حيث ينظر للمشروع الاندماجي الأوروبي بوصفه نموذجاً مثالياً لكيفية تشكيل قطب دولي موازن للولايات المتحدة والصين والهند واليابان الأمر الذي يستوجب الغوص في عمق الدوافع التي تقف خلف هذا الرفض المتصاعد والمفاجئ عندنا لكنه متوقع منذ شهور عندهم.

يفصح الرفض عن أن الناخب الفرنسي بخاصة والأوروبي (جزئيا) لا يؤكل “أونطة” فهو يتمتع بمستوى مرتفع من الوعي يتيح الاختيار المناسب لما يرى انه مفيد له ولبلاده، وعليه كان من الصعب على هذا الناخب أن يصوت بنعم على 18 ألف صفحة هي مجموع نصوص الدستور الأوروبي وتعليلاته التفصيلية وحتى عندما اختصرت هذه الصفحات إلى 450 مادة في مشروع الدستور، لم يكن هذا الناخب قادراً على تبين مصلحته فيها وبالتالي توجس من مناورة تكنوقراطية شبيهة باتفاقية ماستريخت التي فازت بفارق أصوات لا يتعدى الخمسمائة ألف صوت في فرنسا إلى أن تبين أن هذه الاتفاقية حرمت المواطن الفرنسي من نحو 30 في المائة من قدرته الشرائية لمصلحة رأس المال المتراكم في السوق الأوروبية المندمجة.

ويفصح الرفض أيضا عن ضيق شعبي متزايد من فئة الموظفين التكنوقراط التي تنسب إليها إدارة المشروع الأوروبي فهي تلعب دورا حاسما في بروكسل عاصمة الاتحاد لكنها في الوقت نفسه غير منتخبة بل معينة من الحكومات. وللفارق بين الانتخاب والتعيين أهمية مركزية في الديمقراطيات الاوروبية. فالمعين تحاسبه السلطة التنفيذية ويدين لها بالولاء فيما المنتخب مجبر على تقديم ولائه للناخب وبالتالي العمل وفق ما يناسب تمثيله تحت طائلة عدم انتخابه لولاية جديدة. في هذه الحالة يسود الناخب وفي الحالة الأولى لا سيادة له.

عندما منح الناخب الفرنسي والأوروبي (جزئيا) فرصة القول في الاستفتاء على دستور وضعه التكنوقراط عبّر بوضوح عن استيائه من موظفي بروكسل الذين يستخفون به عبر طرح مشروع على التصويت يقدر بعشرات الآلاف من الصفحات مصاغاً بلغة لا تفهمها العامة ، مشروع يعكس تصورا لأوروبا هجين يخسر فيها المواطن الفرنسي ضماناته الاجتماعية تدريجيا خصوصا عندما يرى بأم العين أن بعض المصانع في بلاده تستفيد من الاندماج الأوروبي فتسرح عمالها في فرنسا وتستقر في بولونيا أو رومانيا طلبا لمزيد من الربح بواسطة عمالة متدنية الأجر والضمانات. من جانب آخر لا تجد الفئة الشعبية من المواطنين وخاصة من ذوي الأصول المسلمة والعربية فائدة في مشروع أوروبي يستدرج عمالة رخيصة من بلغاريا ورومانيا تنافس العمالة المحلية على مصدر رزقها المحدود أصلا.

يبقى أن المواطن الفرنسي العادي لا يرى فائدة كبيرة في أن يصبح لأوروبا وزير خارجية يحل محل وزير خارجية بلاده التي تتمتع بمقعد دائم في مجلس الأمن وتفتخر بنفسها عندما يناطح وزير خارجيتها منفرداً أكبر قوة في العالم عشية الحرب على العراق. لهذه الأسباب ولما يشبهها قرر الفرنسيون توجيه صفعة قوية لتكنوقراطيي بروكسل.

ثمة من يقول ان اسبانيا ودولا أخرى اقترعت بنعم على المشروع رغم المخاطر المذكورة وهو قول صحيح مع فارق أساسي هو أن مدريد تمكنت عبر الاندماج الأوروبي من تقليص فارق التقدم الشاسع بينها وبين فرنسا خلال أقل من 15 عاما بأثر من المساعدات الأوروبية وهي بالتالي تحتفظ بأسباب قوية لمواصلة دعم الاندماج الأوروبي وبخاصة مشروع الدستور الجديد الذي يساويها تقريبا مع الأوروبيين الكبار وهي التي كفت منذ حوالي قرنين عن الحضور على مسرح السياسة الدولية.

يخطيء من يظن أن للولايات المتحدة الأمريكية سهما في الرفض الشعبي الأوروبي لمشروع الدستور ذلك أن الشعوب الأوروبية بقدر تطلعها إلى مشروع اندماجي متوازن بين العمل ورأس المال فإنها تتطلع إلى بناء قطب دولي موازن للولايات المتحدة وقادر على الانخراط معها في شراكة الند للند لا في شراكة التابع والمتبوع.

يبقى ان الرفض الشعبي الفرنسي والأوروبي (جزئياً) لمشروع الدستور الأخير لن يكون نهاية المطاف بالنسبة للاتحاد الأوروبي الذي كان يسير منذ نشأته على طريق معبدة بعثرات مشابهة وبالكثير من الرفض والممانعة القابلة للتجاوز والاستدراك. فالديمقراطيات الأوروبية تنطوي على جدل يتيح القبول والرفض وبالتالي التكيف مع مزاج الرأي العام الذي وجه صفعة للتكنوقراط لعلها تجعلهم أكثر قابلية للاستماع إلى الرأي العام الذي يظل حتى إشعار آخر صاحب الكلمة الأخيرة في المشاريع المصيرية في القارة العجوز. العقبى للعرب والمسلمين.








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "عربي ودولي"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2025