![]() من الاستنكار إلى الاستنفار مما يؤكده الإجماع الوطني على إدانة الجرم الإرهابي في مارب والاستنكار العربي والدولي الواسع لفعله الدموي أن القاعدة الإنسانية ما تزال سليمة، وأن التطرف والإرهاب سيظل في الموقع الشاذ اجتماعيا وأخلاقيا. - ويصور رد الفعل الغاضب على الجريمة الشنعاء حقيقة أنه كلما ازداد التطرف عتواً ونفوراً كلما زادت المواقف الرافضة والمقاومة لعصابات الموت والدمار صلابة وتشبثاً بفكرة وحق الحياة. ولا شك في ما للاستنكار التعبيري من دور في تخفيف آلام اللحظة وامتصاص أوجاع الصدمة، وبشيء من الاهتمام والعمل على الانتقال به إلى مستوى الجدوى العملية نضع الخطوات على طريق الحل الجذري والسلامة المستدامة. - وذلك هو بالضبط ما تتطلبه عملية المواجهة الحقيقية لظاهرة التطرف ومظاهرها الإرهابية، وتتهيأ - في ظل أجواء الإجماع الوطني على رفض جريمة مأرب - الفرصة والإمكانية على الانتقال به من القول إلى الفعل. - وأول الفعل أن تلتقي القناعات والإرادات السياسية للتعددية الحزبية على لفظ ثقافة العنف والتخلي عن أي ميل أو هوى يغري النفس بالتمصلح من وراء أي حدث ينطوي على سفك الدم وإقلاق السكينة العامة. - والانحياز الكامل للمبدأ السلمي تفكيراً والتزاماً سلوكياً ضرورة مصيرية لاستقامة الحياة الديمقراطية. - وكذلك هي القوى والشخصيات الاجتماعية معنية بالاضطلاع بدورها في متابعة ومقارعة أية بادرة وردم كل بؤرة يطلع منها قرن الإرهاب. - ولكلٍّ دوره وإسهامه الذي يمكنه تقديمه في إطار محاصرة مسألة حيازة السلاح وتنقية مراكز التنشئة من بذور الفكرة المتطرفة وتعزيز خطوات بناء المجتمع المدني بمؤسساته وقواعده القانونية. - وإشاعة سلطة النظام والقانون واحدة من أقوى ضمانات الحياة الآمنة المستقرة التي يتساوى فيها الجميع في الواجبات والحقوق. - ويتيح مناخ الاستنكار الإقليمي والدولي للجريمة الإرهابية التزود بأشكال ووسائل مهمة داعمة لعملية المواجهة ومقدرتها على النجاح والانتصار. ويمكن البناء على الخطوة الاسبانية التي ارتسمت في إطار عبارات وزير الخارجية المؤكدة استعداد اسبانيا دعم جهود اليمن في التصدي للإرهاب، وتمثل الخطوة فاتحة لقيام تحالف وتعاون دولي يأتلف حول نهج التفاهم والتعايش ويخوض المواجهة الشاملة للتطرف فكرا وممارسة. - وليست المواجهة الأمنية والعسكرية الخيار الوحيد الذي يأتي بكل الحل، وإنما للأمر ميادينه ومجالاته التي تشمل الجانب الاقتصادي أولاً وتالياته من دواعٍ ثقافية. - ولا بد من نزع فتيل الازدواج المعياري السياسي في العلاقات والتعاملات الدولية لتأكد مسؤوليته عن إثارة كوامن العداء وإشعال حرائق الصراع، ومنه يستمد الإرهاب في المنطقة العربية خاصة الكثير من دوافع وأسباب التأثير والبقاء. - وغالبا، بل دائما، ما تأتي المستجدات والتطورات المتطرفة لتعيد التذكير بمواقف اليمن من مكافحتها والتأكيد على صوابية وعدالة هذا الموقف الذي ينظر إليها كظاهرة لا دين ولا وطن لها يمكن تصنيفها وفقه وحصرها فيه ، وأن معالجة أسبابها السبيل الوحيد لاجتثاثها من جذورها. - ولا داعي لإضاعة الوقت والتسبب في ضياع المزيد من المجتمعات. - ومن الاستنكار إلى الاستنفار لا بد أن تتقدم ردود الأفعال. |