قلق في موريتانيا بشأن قتل السياح والجنود يسري قلق كبير وترقب شديد لدى الأوساط السياسية والرأي العام الموريتاني في انتظار الكشف عن معلومات يفترض أن تحملها نتائج تحقيقات تجريها الاستخبارات الموريتانية مع خمسة عشر معتقلا على خلفية مقتل السياح الفرنسيين. وتدور أغلب الأسئلة والاستفسارات في المجالس الخاصة والعامة حول ما إذا كانت هناك خلايا إرهابية نائمة، وحول حقيقة وضع التيار السلفي في موريتانيا ومدى اختراق التنظيمات الجهادية في الخارج له. وفيما تتكتم السلطات على أي معلومات بشأن نتائج التحقيقات الجارية، تلح جهات سياسية في السر على قادة أمنيين لمعرفة حقيقة ما يجري، في محاولة منها، وبينها أحزاب موالية ومعارضة، لرسم صورة عن الوضع الأمني في بلادها. ولعل ما يزيد القلق إدراك الجميع صعوبة تحدي الإرهاب في بلد مترامي الأطراف، ولا تتمتع فيه أجهزة الأمن بالوسائل الضرورية من كوادر بشرية وأموال ومعدات كافية، لمواجهة تحد من هذا النوع. وقال مصدر سياسي ل “الخليج” إن الارتباك سيبقى سائدا، ما لم تحسم التقارير الأمنية في دوائر نواكشوط إن كانت عمليتي مقتل السياح الفرنسيين الاربعة في الاق والجنود الموريتانيين الأربعة في الغلاوية عابرتين ولهدف واحد هو “منع سباق رالي لشبونة -دكار”، ورفع بذلك وتيرة الإنجاز في الحرب الإعلامية لتنظيم القاعدة، أم أنهما بداية عمل ممنهج يقرر فعلا نقل جزء من معركة تنظيم القاعدة مع الغرب إلى الصحراء الموريتانية، على اعتبار أنها الحلقة الأضعف في شبه المنطقة. ويضيف المصدر الذي فضل عدم الكشف عن اسمه، أن تقارير أمن الجيران لم ترشح كفة أحد الاحتمالين، ما يبقي نواكشوط في حالة تعامل “مع خيارات مفتوحة”. تزيد من صعوبة مهمتها. واتفقت تقارير وتحليلات على أن نشاط “القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي” وشبه المنطقة يهدف أساسا لتخفيف الضغط العسكري والأمني عن ميادين التنظيم التقليدية والتي منها أفغانستان والعراق. ووفق ذلك، فإن نظرية “تشتيت الانتباه وتفريق الجهد”، بدأت بدعوة الرجل الثاني في القاعدة، ايمن الظواهري، من سماهم أبناء المغرب الإسلامي إلى طرد المستعمرين والكفار من أراضيهم، وتم اختيار هذا المعنى لمنطقة لا يتواجد فيها الغرب بصفة استعمارية تقليدية (احتلال)، ما يرجح أن القاعدة بدأت اتباع طريقتها الخاصة في صنع “نسختها” من “الفوضى الخلاقة”. السؤال المطروح بين الموريتانيين هو “ما الذي يحدث فعلا؟” خصوصاً أن الغموض لا يزال يلف الموضوع لدى الدوائر الرسمية التي لم تعط تفاصيل ما حدث، فالجيش لم يعلن أي شيء بشأن عملية مقتل الجنود الموريتانيين، وهل فعلا كان هناك مخطط لمجزرة ضد الجيش في “الغلاوية” والمنطقة التي تقع على حدود عمليات التنقيب عن النفط. وبينما دخلت موريتانياً شهرها السابع في معركة مع شبكات تهريب المخدرات من دول أمريكا اللاتينية، والتي اتخذت الأراضي الموريتانية منطقة عبور نحو أوروبا، جاء تلميح بيان رئاسة الوزراء الموريتانية إلى “عمل الإجرام العابر للحدود” ومسؤوليته عن حادث “الغلاوية”، فلم يعد ممكنا الخروج بتصور واضح عما يحدث فعلا. يضاف إلى ذلك تردد قوى سياسية كبرى في الاندفاع وراء “الحملة على الإرهاب”، باعتبارها جعجعة تهدف للتغطية على الواقع ونسيان المشكلات الحقيقية التي يعاني منها المواطنون الموريتانيون. ويبقى القبض على اثنين من القتلة الافتراضيين للسياح الفرنسيين بمثابة المفتاح السري، إذ وحدهم المنفذون يملكون أجوبة عن اسئلة كثيرة مركزية مطروحة حاليا على الساحة الموريتانية. *الخليج |