الإثنين, 29-أبريل-2024 الساعة: 10:12 ص - آخر تحديث: 10:15 م (15: 07) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
السياسة الأميركية والدور الإقليمي السوري



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


السياسة الأميركية والدور الإقليمي السوري

الخميس, 23-سبتمبر-2004
حسين العودات - أنذر مساعد وزير الخارجية الأميركية وليام بيرنز سوريا بعد محادثاته مع الرئيس بشار الأسد قائلاً (لقد أزفت الساعة لعمل ملموس وليس لإطلاق الشعارات)، وهذا يعني (استناداً إلى أكداس التصريحات الأميركية خلال الاثني عشر شهراً الماضية وإلى ما سمي قانون محاسبة سوريا وقرار مجلس الأمن الأخير 1559) أن المطلوب من سوريا العمل الجاد والفوري لحراسة حدودها مع العراق والاتفاق مع الأميركيين وحلفائهم العراقيين على آلية محددة ومفصلة وملموسة لضبط هذه الحدود، والعزوف عن التأثير أو التعاون أو التحالف مع قوى سياسية عراقية ترفض الاحتلال وتقاومه، وبذل الجهود للمحافظة على استقرار العراق، وعدم (التدخل) بالعملية السياسية في لبنان، ونزع سلاح المقاومة اللبنانية والمقاومة الفلسطينية، والكف عن طرح الشعارات القومية كشعارات التحرير وربما شعار الوحدة، أي أن المطلوب من سوريا التخلي عن كونها قوة إقليمية ذات تأثير فعال في مستقبل المنطقة، أو على الأقل نزع دورها الإقليمي وإعادة اهتمامها إلى داخل حدودها، وتناسي دورها القومي وقدراتها الإقليمية وأراضيها المحتلة، وتحييد نفسها تجاه ما يجري من صراع يومي في المنطقة له تأثير مباشر وفعال على مستقبلها كدولة وعلى مستقبل شعبها والشعب العربي عامة، وذلك كله من دون أي مكسب يقدم لها أو ميزة تتمتع بها أو إعادة حقوقها سواء في الأراضي المحتلة أو في فعالياتها الإقليمية. وفي الخلاصة تريد السياسية الأميركية من سوريا أن تلعب دورين متناقضين في آن واحد:
أولهما يعترف بأنها قوة إقليمية ذات قدرات ولكن ينبغي توظيفها لخدمة المصالح الأميركية في العراق والإسرائيلية في لبنان ومشروع الشرق الأوسط الكبير في المنطقة على شمولها.
وثانيهما يطالب سوريا بأن تنسى أو تتناسى أنها قوة إقليمية ذات قدرات، وتكفكف نفوذها وتبقيه داخل حدودها، فلا شأن لها حسب هذا المنطق بما يجري في العراق ولا بالصراع الإسرائيلي الفلسطيني ولا بالمقاومة اللبنانية ولا حتى بشعارات تحرير الأرض. أي القطع الكلي مع تاريخها ومنطلقاتها وسياساتها منذ الاستقلال حتى الآن.
وهكذا ترفض السياسة الأميركية الدور الإقليمي السوري إلا إذا وضع في خدمتها، فسوريا حسب هذه الازدواجية قوة إقليمية وغير إقليمية في الوقت نفسه، تعترف أميركا بنفوذها إذا وظف أميركياً وإسرائيلياً وتنكر عليها استخدام هذا النفوذ إذا كان لغير مصلحة أميركا وإسرائيل، وتؤكد الولايات المتحدة بذلك أن لها سياسة مزدوجة ومعايير مزدوجة تجمع الصيف والشتاء على سطح واحد كما هي تقاليد السياسة الأميركية خاصة خلال السنوات الأخيرة.
إن الخيار صعب أمام السياسة السورية من دون شك، فهي من جهة ولأسباب عديدة راهنة وتاريخية لا ترغب (ولا تستطيع) أن تغير أهدافها وتتخلى عن شعاراتها (الثابتة والمبدئية) وعن مصالحها ودورها الإقليمي والقومي وأرضها المحتلة وعن أوراقها العديدة التي ما زالت صالحة سواء في العراق أم بجوار العراق أم مع المقاومتين اللبنانية والفلسطينية أم بمجال الحفاظ على مصالحها الاستراتيجية مع لبنان، وهي من جهة أخرى تواجه مصاعبها من دون وجود حليف حقيقي عربي أو أوروبي أو شروط داخلية مناسبة (سياسية واقتصادية واجتماعية ولحمة وطنية) أو قدرات عسكرية للدفاع وردع عدوان إسرائيلي أو أميركي محتمل. لا هي قادرة أن تصطف على قائمة الدول الموالية للولايات المتحدة (وخلف الأردن أيضاً لا قبله) ولا هي واثقة من نجاحها في المواجهة باعتبار الظروف القائمة حالياً، خاصة أن السياسة السورية توقن أن المطالب الأميركية لا تنتهي، وما الظاهر منها إلا رأس كتلة الجليد.
بقي أمام السياسة السورية اتباع السبيل الوحيد الذي يتيح لها الحفاظ على دورها الإقليمي وهو تغيير الشروط الداخلية والخارجية، وإقامة بنى جديدة في مختلف المجالات تؤهلها للصمود بوجه المد الأميركي والصلف والعدوانية الإسرائيليين، ولعل ذلك يتحقق داخلياً من خلال العمل الدؤوب والمخلص لإعادة بناء داخل سوري آخر، داخل متماسك متناغم، يجعل المواطن مواطناً (وخفيراً) ويلملم وحدة المجتمع ويضعه على طريق التنمية، ويخلصه من آثام الفساد والعسف والترهل في مختلف مجالات الحياة، ليصبح أرضاً صلبة يتمكن النظام من الوقوف عليها صامداً، ويجد في مجتمعه عوناً حقيقياً ونصيراً يواجه معه تحدياته، وفي الوقت نفسه يبدو أنه من الصعب إن لم يكن من المتعذر على السياسة السورية، وفي شروط عالم اليوم وظروفه ومعطياته أن تبقى بدون حليف أوروبي يساعدها على الوقوف بوجه رغبات الثور الأميركي الهائج غير المشروعة، ولعله من المهم أن تعيد السياسة السورية عرى التشاور والتوافق وإن أمكن التحالف مع فرنسا ودول المنظومة الأوروبية كائنة ما كانت أسباب الفرقة الأخيرة، وكائناً من كان المسؤول، لأن الفرقة تضر بمصالح الطرفين، وسوريا أحوج للتعاون مع هذه الدول أكثر من أي وقت مضى، خاصة أنها بحاجة للحفاظ على دورها الإقليمي (بكل ما يعني) واستعادة أرضها المحتلة، والدخول شريكاً مع منظمة الدول الأوروبية والتعاون معها لتحقيق بعض المصالح الاقتصادية والثقافية والسياسية ولتخفيف حدة الصلف الأميركي. وإن لم يتحقق الشرط الداخلي والآخر الخارجي فقد تواجه السياسة السورية مصاعب عديدة إن لم يكن طريقاً مسدوداً.
() كاتب سوري
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024