النظام الانتخابي وتداعيات الصراع السياسي في اليمن.. دراسة علمية للعثربي
الخميس, 28-مارس-2024المؤتمرنت - دراسة علمية متخصصة للدكتور/علي مطهر العثربي بعنوان : النظام الانتخابي وتداعيات الصراع السياسي في اليمن
عرض الباحث : عثرب علي العثربي(طالب ماجستير علوم سياسية كلية التجارة جامعة صنعاء)
في إطار النشاط العلمي الأكاديمي لأستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور/علي مطهر العثربي المتخصص بدراسة التطورات السياسية في اليمن صدر مؤخراً العدد السادس من مجلة الجامعة اليمنية العلمية المحكمة (نصف سنوية ديسمبر 2021م) الصادرة عن الجامعة اليمنية في صنعاء ,2664-584x(online)(issN: 2664-5831(print والتي يرأس تحريرها الأستاذ الدكتور/عبدالله محمد يايه ومدير تحريرها الأستاذ الدكتور/علي اليزيدي الحاوري والتدقيق اللغوي الأستاذ الدكتور/رصين صالح الرصين ، حيث تضمن العدد دراسة جديدة متخصصة عن النظام الانتخابي وتداعيات الصراع السياسي في اليمن دراسة تحليلية للعملية الديمقراطية ( 1993م - 2009م ) ، أكد فيها الدكتور العثربي أن نظام الانتخابات هو الوسيلة المشروعة للتداول السلمي للسلطة في اليمن المعاصر وهو ما حددته أهداف الثورة اليمنية الواحدة سبتمبر وأكتوبر عامي 1962- 1963م ، مشيراً إلى أن البلاد مرت بمراحل ساد فيها الصراع بسبب تفاوت إيمان القوى السياسية بمفهوم التداول السلمي وأليات المشاركة السياسية فيها ، وقد كان لظروف الزمان والمكان ومتغيراته الدستورية والسياسية والفكرية التي سادت في كل تلك المراحل أثرها البالغ على تحديث وسائل وأليات المشاركة السياسية وتداول السلطة من خلال النظم الانتخابية المعاصرة ، الأمر الذي جعل مراحل الصراع السياسي على السلطة يفرز وسائل متعددة لا تتفق مع مفهوم المشاركة السياسية القائمة على الآلية الانتخابية ، بسبب عدم الالتزام بالعمليات الانتخابية وتعثر مسار المشاركة السياسية ، وقال الدكتور العثربي أن المراحل المتعددة لمسار المشاركة السياسية قد اتسمت بالتفكير الواقعي من خلال الاستمرار في البحث عن الآليات المناسبة لمقاربة حق الشعب في الاختيار الحر المباشر عبر صناديق الاقتراع ، باعتباره الطريق الأمن للتداول السلمي للسلطة من خلال المؤسسات السياسية الدستورية التي تجسد إرساء تقاليد العمل الديمقراطي الشوروي , حيث يرى أن من أبرز مهام تلك المراحل التركيز على صياغة أسس الدولة اليمنية الحديثة وتحديد الملامح العامة للدستور اليمني على طريق استكمال متطلبات قيام الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون التي كان ينشدها أحرار اليمن والتي قامت من أجلها الثورة اليمنية سبتمبر واكتوبر سنتي62و1963م ورسمت أهدافها الستة ، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء أن أحرار اليمن قد جعلوا من العمل الانتخابي وسيلة فعالة لتجسيد الاختيار الحر المباشر، ويؤكد الدكتور العثربي أن دراسة الأزمات في واقع الحياة السياسية في اليمن تعطي معناً واحداً وهو المحاولة الجادة للوصول إلى ما يحقق الرغبة الجامعة التي تحقق الاستقرار السياسي وبما يمكن الجهود الوطنية من إيصال اليمنيين إلى الطريق السديد الذي يخرجهم من الصراع المسلح إلى التعايش السلمي من خلال محاولة الوصول إلى الوسيلة المشروعة الوحيدة للتداول السلمي للسلطة وهي الانتخابات الحرة والمباشرة كوسيلة ناجحة لتثبيت حق مشاركة الشعب في الاختيار الحر لمن يمثله في مؤسسات الدولة ويقود اليمنيين إلى عهد جديد تتحقق فيه وحدة الدولة وتتعزز فيه السيادة المطلقة للدولة اليمنية الواحدة والموحدة ويسود فيه الاستقرار السياسي الطريق الآمن للتنمية المستدامة التي ينشدها اليمنيون ، مبيناً إن الرغبة الجامعة لدى اليمنيين تكمن في جعل الانتخابات وسيلة تدفعهم لتطوير وتحديث آليات العمل الانتخابي من خلال الالتزام بإجراء الدورات الانتخابية الرئاسية والنيابية والمحلية بهدف الوصول إلى التداول السلمي للسلطة وتأمين الإرادة الشعبية وحق كل القوى السياسية في المشاركة في صنع القرار السياسي الذي يحدد ملامح المستقبل المنشود , وقال الدكتور العثربي أن اليمنيين قد سلكوا المسار السليم في 17/7/1978م من خلال عودتهم إلى استلهام ماضيهم وتجارب أسلافهم الحضارية والإنسانية التي مكنتهم من تحريك عجلة التنمية وجنبتهم التدخلات الخارجية ومكنتهم من البدء في بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون عبر الالتزام بإرساء تقاليد العمل الشوروي الديمقراطي الذي يجسد الإرادة الشعبية ويضمن حق الاختيار الحر ، موضحاً بأن هذا هو المسار الآمن ، وقال بأن على الباحثين الأكاديميين أن يستشعروا المسؤولية من خلال إجراء البحث العلمي الذي يقدم الرؤية المنهجية العلمية التي تصون المشاركة السياسية الواسعة وتقود إلى الالتزام بآليات العمل الانتخابي في الاختيار الحر والمباشر ، مشيراً إلى أن هذه الدراسة تمضي في اتجاه البحث عن الرؤى العلمية التي تسهم في توفير البدائل المناسبة لصناع القرار السياسي في البلاد .
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور/علي مطهر العثربي أن البحث عن نظام انتخابي مناسب لليمن ليس ترفاً ، ولكنه ضرورة تلازم الحياة السياسية ، وربما كان واحداً من أسباب الصراع السياسي على السلطة في الجمهورية اليمنية ، ولذلك فقد شكل هماً وطنياً واسعاً في ذهن الباحث ، وجعل بعض المفكرين والساسة يسعون إلي دراسة العمليات الانتخابية وآلياتها بهدف معرفة المناسب منها لليمن ، بالإضافة إلى التعرف على أسباب الصراع الذي عثر الالتزام بالانتخابات الوسيلة المشروعة للتداول السلمي للسلطة ، وقال أن دراسته المعروضة عليكم تحاول الإجابة على التساؤلات الرئيسية التالية : هل النظام الانتخابي أحد أسباب الصراع السياسي في الجمهورية اليمنية ؟ ، وهل نظام القائمة النسبية هو الانسب لليمن ؟ ، وهل النظام الانتخابي المعمول به في الجمهورية اليمنية يتضمن قصوراً أسهم في تأجيج الصراع على السلطة ؟ ، ثم ما هي الأثار التي خلفتها التجارب الانتخابية التي جرت في الأعوام 93 ، 97 ، 2003م في مجال التداول السلمي وإرساء التقاليد العمل الديمقراطي الشوروي؟
وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء إن الدراسة المنهجية العلمية قد قدمت عرضاً شاملاً للمفهوم اللغوي والاصطلاحي للانتخابات لأنها تعني حق المواطنين ( الناخبين ) في الاختيار لمن يتولى تسيير أجهزة الدولة ، موضحاً أن الانتخابات هي الإجراء الرسمي لاختيار شخص ما لوظيفة رسمية أو قبول أو رفض مقترح أو قرار سياسي ما عن طريق التصويت ، وقال بأن الانتخابات وسيلة من وسائل صنع القرارات السياسية لرسم ملامح المستقبل ، ثم تطرق إلى التعريف بالنظام الانتخابي ، وقال بأنه مجموعة التشريعات والقوانين المعمول بها والتي ينتج عنها انتخاب الأداة السياسية الممثلة للشعب ، وهي مجلس النواب ، وقال بأن الأنظمة الانتخابية تتنوع بتنوع الدول ، ويرى بأن الاقتراع هو الطريقة التي يتم من خلالها تحويل الأصوات التي يتم الإدلاء بها في الانتخابات العامة إلى مقاعد للمرشحين أو للأحزاب بمعنى أكثر تحديداً أن النظام الانتخابي يخضع للمعايير الموضوعية المتعلقة بالخصوصية الجغرافية والبشرية لكل دولة على حدة بما في ذلك الدول التي تنتظم في اتحاد فيما بينها كالاتحاد الأوروبي أو المغاربي ، فإن الدول فيه تتخذ أنظمة انتخابية مختلفة تماماً عن بعضها البعض وليس هناك نظام انتخابي محدد يمكن تطبيقه في أي مكان أو زمان ، وقال الدكتور العثربي أن أهم ما يميز أي نظام انتخابي هو قدرته على تمثيل القوى السياسية الموجودة والعاملة في المجتمع المعني تمثيلاً حقيقياً ، وكلما كان النظام الانتخابي قادراً على تمثيل أكبر لهذه القوى كلما كان نظامًا انتخابيًا أكثر قوة وقدرة على تحقيق القبول الشعبي الركيزة الأساسية لاكتساب الشرعية السياسية والشعبية التي تعزز الوحدة الوطنية وترسخ الأمن والاستقرار السياسي وتصون السيادة الوطنية في البلاد ، وأشار إلى أن النظام الانتخابي في الحياة الديمقراطية هو الأداة المحركة للحياة السياسية ، مبيناً أن كل نظام سياسي في أية دولة يحتاج إلى نظام انتخابي يتناسب مع الخصوصية البشرية والجغرافية للدولة وتركيبتها السياسية والمرحلة التي تمر بها من تطورها السياسي ، وقال الدكتور العثربي أن هذا الاتجاه ينفي الاعتقاد الذي يسيطر على بعض القوى السياسية بأن نظاماً انتخابياً بعينه هو الأفضل لتحريك الحياة السياسية وتحديثها ، موضحاً أن النظام الانتخابي الذي قد لاءم اليمن خلال المرحلة الماضية قد لا يناسبها اليوم ، وما يناسبها اليوم قد لا يناسبها بالضرورة غداً ، وقال أن عملية بناء الدولة اليمنية الحديثة تتطلب قيام مؤسسات دستورية تعتمد الديمقراطية الشوروية التي ترسخ وجودها في الواقع الاجتماعي والسياسي عبر القانون والدستور، ولذلك فإن النقاش يدور في الجمهورية اليمنية حالياً حول النظام الانتخابي المناسب ، حيث تتعدد الرؤى فهناك من يرى إمكانية الأخذ بنظام القائمة النسبية ، أو اللجوء إلى حل وسط والدمج بينهما باعتماد النظام المختلط ، الذي يعده البعض نظاماً مناسباً لليمن خلال هذه المرحلة الراهنة من تعقيدات الحياة السياسية ، غير أن أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور علي مطهر العثربي يرى أن اختيار النظام الانتخابي ينبغي أن يحقق ظهور حجم القوى السياسية الحقيقية في المجتمع اليمني ويجنبها الوقوع في إظهار خارطة سياسية هزيلة لا معنى لها ولا جدوى ولا تحقق الشراكة المجتمعية الواقعية في الحياة السياسية الراهنة ، ويرى أن أهمية النظام الانتخابي تكمن فيما يحدثه من الأثر الكبير على الوضع السياسي في اليمن كونه يمكن صناع القرار السياسي من تحديد المرشحين القادرين على كسب ثقة الهيئة الناخبة ، ومن ثم تحديد الحزب السياسي الذي سيحصل على تشكيل الحكومة استعداداً لتنفيذ البرنامج الانتخابي خصوصاً أن النظام الانتخابي يتميز بالثبات النسبي الذي يصعب معه تغييره ، الأمر الذي يحتم على صناع القرار النص عليه في الدستور ، وبالتالي فإن الدستور هو الذي يحدد شكل النظام الحزبي في اليمن ونوع الحكومة التي يتم تشكيلها بعد الانتخابات وما إذا كانت ائتلافية أو غيرها ، كما أنه يؤثر على سلوك النخب السياسية ويحدد النظام الانتخابي والطريقة التي تمارس من خلالها الحملات الانتخابية ، ويساعد على بناء التحالفات الوطنية بما يخفف من حدة الصراع السياسي في المجتمع اليمني ويعزز مبدأ المشاركة السياسية الشعبية ، وقال أن اختيار النظام المناسب الذي يتجاوز الصعوبات المرتبطة بالمكونات البشرية والجغرافية للجمهورية اليمنية يسهل عملية التصويت بالنسبة للمواطن إذا ما أدركنا إن المجتمع اليمني ما زال يعاني من ضعف الوعي السياسي وتكثر فيه الأمية ، وقدم الدكتور العثربي عرضاً موجزاً لأنواع النظم الانتخابية التي منها النظام الفردي الذي يركز على الأشخاص أكثر من تركيزه على الأحزاب والبرامج ، وهو نظام يفوز فيه المرشح الذي يحصل على العدد الأكبر من الأصوات (الأغلبية النسبية أو البسيطة للأصوات) ولا يشترط بموجب هذا النظام حصول المرشح على الأغلبية المطلقة (50%+1) من الأصوات ، وتقسيم الدولة إلى عدد معين من الدوائر الصغيرة ، حيث يتم اختيار فائز واحد عن كل دائرة انتخابية ، من خلال قيام الناخب باختيار مرشح واحد فقط من المرشحين المدرجين على ورقة الاقتراع ، كما هو الحال في الجمهورية اليمنية المكونة من 301 دائرة انتخابية (الآن ) وتنتخب كل دائرة نائباً واحداً لتمثيلها في مجلس النواب ولا يجوز للناخبين أن ينتخبوا أكثر من مرشح واحد ، كما استعرضت الدراسة مزايا النظام الفردي التي منها أنه يمكن الناخب من المفاضلة العملية بين المرشحين والتعرف الشخصي عليهم الأمر الذي يحقق له الاختيار السليم ، ويحد من الإغراءات الحزبية والتقليل من الضغوط المختلفة أو التأثير على إرادة الناخبين ، ويعطي فرصاً للأحزاب أو المستقلين أو الأقليات ذات الكثافة في بعض المناطق للفوز بالدائرة الانتخابية ويسهل التعامل مع النظام الفردي نظراً لسهولة إجراءاته في فرز نتائج الانتخابات، ويفرز حزباً واحدا يشكل الحكومة ويحقق الاستقرار الحكومي الذي يحقق التنمية المستدامة ، ويتمتع بالبساطة وسهولة الفهم في المجتمع الأقل تعليماً ويدفع بالمعارضة نحو التكتل لمراقبة الحكومة وإلزامها بتنفيذ برنامجها الانتخابي ، ويمكن المستقلين من سهولة الترشح ويعمق الصلة بين الناخبين وممثليهم في (مجلس النواب ) ، ويحد من قدرة الأحزاب المتطرفة من الوصول إلى مجلس النواب ، ويتيح للناخب اختيار الحزب واختيار الشخص في آن واحد ، كما أشار الدكتور العثربي إلى عيوب النظام الفردي التي منها أنه يقلل من إمكانية فوز الأحزاب الصغيرة التي لا تمتلك كثافة من الناخبين في كل الدوائر الانتخابية ، ويقلل من إمكانية فرض الأحزاب لمرشحين أكثر كفاءة وخبرة ، ولا يتيح الفرصة للمرأة أو ذوي الاحتياجات الخاصة في الفوز بالانتخابات ، ويفرز حزبين سياسيين ويحفز على التحالفات الحزبية ، ويمكن ان يؤدي إلى قيام حكومة الحزب الواحد ، ويحرم الأحزاب المتطرفة والأقليات من الحصول على تمثيليها في مجلس النواب ، وقال أستاذ العلوم السياسية أن هذه العيوب بالإمكان معالجتها بنصوص دستورية قطعية الدلالة ، ثم ركز أستاذ العلوم السياسية على القوائم النسبية وعيوبها وصعوبة التعامل معها ، وقال الدكتور العثربي أن دراسة النظم الانتخابية في أقاليم دول العالم يعطي التشابه في النجاح فنظام القائمة الفردية طبق في كل من بريطانيا وكندا والولايات المتحدة والهند وحقق قدراً من النجاح ، ورغم ذلك تظل الخصوصية الجغرافية والبشرية تلعب الدور المحوري في قبول ونجاح أي نظام انتخابي ، واستعرض الدكتور العثربي النظام الانتخابي القائم في الجمهورية اليمنية والمتمثل في النظام الفردي وقال بأنه لا يعد النموذج الأمثل ، كما هو شأن أي نظام انتخابي في بلد ما بسبب عدم وجود نظام انتخابي ثابت يمكن أن يطبق في كل زمان ومكان ، وبناءً عليه فكل نظام انتخابي يحتاج إلى تحديث وتكييف بما يتناسب مع الخصوصيات الجغرافية والبشرية للدولة المطبقة له ، بهدف تقييمه وإظهار مدى صلاحيته أو عدم صلاحيته ومن ثم اقتراح إصلاحه أو استبداله ، بمعنى هل النظام الانتخابي الفردي المعمول به حالياً يتناسب مع خصوصية المكونات البشرية والجغرافية للجمهورية اليمنية ويعزز من فاعلية التداول السلمي للسلطة ويسهم في إرساء تقاليد النظام الشوروي الديمقراطي ؟ أم أنه سبب الصراع السياسي وتداعياته في اليمن خلال الفترة محل الدراسة ، ثم ما هي العوامل التي غذت الصراع السياسي على السلطة في اليمن وعملت على تسريع تداعياته ؟ .
وقد أجاب أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور/ علي مطهر العثربي على ذلك التساؤل بقوله لقد تبين من خلال الدراسة أن المشرع اليمني اعتمد في اختياره للنظام الفردي على المميزات التي استعرضتها الدراسة على اعتبار أنها أكثر من العيوب ولما يتمتع به من البساطة وسهولة الفهم في المجتمع الأقل تعليماً ويدفع بالمعارضة نحو التكتل لمراقبة الحكومة وإلزامها بتنفيذ برنامجها الانتخابي ، وبناءً على ذلك تم تقسيم الجمهورية اليمنية إلى 301 دائرة انتخابية متساوية من حيث العدد السكاني , ثم قسمت الدوائر الانتخابية إلى 5620 مركزاً انتخابياً بناءً على المعيار السكاني الذي يعني قسمة عدد السكان في المحافظة على عدد الدوائر الانتخابية المقرة ، وكان نتيجة ذلك (49.733) لكل دائرة انتخابية كحد أعلى و(44.997) كحد أدنى ، ويرى الباحث أن جزءً من مشكلة الصراع السياسي على السلطة تكمن في تحديد الدوائر الانتخابية ، حيث اتضح ذلك من خلال سعى كل حزب سياسي إلى تحديد الدوائر والمراكز الانتخابية وفق مصلحته الحزبية الآنية دون النظر إلى مستقبل الحياة السياسية في اليمن ، الأمر الذي أظهر المطالبة بإعادة التقسيم للدوائر والمراكز الانتخابية في ضوء المعايير الموضوعية بيعداً عن التفكير الحزبي أو تأثير القوى التقليدية المحلية التي تسعى إلى الحفاظ على مصالحها على حساب مستقبل الأجيال اليمنية .
هذا وقد بين الدكتور العثربي إن التعرف على الأسباب الحقيقية التي تكمن خلف الصراع السياسي في اليمن تتضح معالمه من خلال التحضيرات العملية لإجراء الانتخابات النيابية الرابعة في موعدها المحدد في 27 إبريل 2009م وفق نصوص القانون ، حيث هددت أحزاب اللقاء المشترك بالمقاطعة وقالت إن إجراء الانتخابات النيابية في موعدها سوف يؤدي إلى فتنة ما لم يتم العمل على تنفيذ مطالب هذه الأحزاب المتمثلة في إعطاء فرصة مناسبة للأحزاب والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني لمناقشة التعديلات الدستورية اللازمة لتطوير النظام السياسي والنظام الانتخابي بما في ذلك القائمة النسبية ، وإعطاء فرصة مناسبة للأحزاب السياسية الممثلة في مجلس النواب لتتمكن من استكمال مناقشة المواضيع التي لم يتفق عليها أثناء إعداد التعديلات على قانون الانتخابات وتضمين ما يتفق عليه في صلب القانون ، وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وفقاً لما ينص عليه القانون ، حيث يرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور/علي مطهر العثربي أن أحزاب اللقاء المشترك قد طرحت مسألة إصلاح النظام الانتخابي كمسألة عرضية ولم تكن قضية جوهرية ، وهو ما يوحي أن النظام الانتخابي لم يشغل مساحة كبيرة في الأزمة السياسية ، واعتبرت تلك الأحزاب أن التعديلات الدستورية اللازمة لتطوير النظام السياسي وإعادة تشكيل اللجنة العليا للانتخابات وفقاً لما ينص عليه القانون هي القضايا الجوهرية المسببة للأزمة السياسية ، وبناءً على ذلك طلبت أحزاب اللقاء المشترك من التنظيم السياسي الحاكم ( المؤتمر الشعبي العام) تأجيل الانتخابات الرابعة عن موعدها المحدد ، كما تناول الدكتور العثربي مارثون الحوارات بين المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك الممثلة في مجلس النواب التي افضت إلى موافقة مجلس النواب باتخاذ الإجراءات الدستورية اللازمة لتعديل المادة (65) من الدستور المتعلقة بمدة مجلس النواب أو من خلال حكم انتقالي ، بما يسمح بتمديد فترة مجلس النواب الحالي لمدة عامين مستعرضاً بنود اتفاق 23 فبراير 2009م الذي مثل مخرجاً لكل القوى السياسية ، هذا وقد أوضح الدكتور العثربي جوانب كثيرة من الصراع الذي يعتقد أن أحزاب اللقاء المشترك كانت المتسبب في تدويل الأزمة السياسية اليمنية وخروجها عن السيطرة المحلية ، مشيراً في دراسته إلى إن اختيار النظام الانتخابي الأفضل للجمهورية اليمنية يستوجب الوقوف أمام الأولويات الأهم للبلاد التي ينبغي أن تعمل القوى السياسية من أجل إنجازها ، وهنا يرى الدكتور العثربي أن الأولويات التي ينبغي إنجازها هي المصالحة الوطنية الشاملة التي لا تستثني أحداً من القوى الوطنية ولا شيئاً من قضايا الصراع السياسي المحتدم على الساحة اليمنية بما يمكن اليمن من الانتقال من الصراع إلى السلام ومن تسيد البنى التقليدية إلى معاصرة الحداثة والتحديث ، وبناءً على ما سبق من العرض فإن الدكتور/ علي مطهر العثربي يرى أن هناك أولويات ينبغي أن تسبق إنجازها اختيار النظام الانتخابي والمتمثلة في المصالحة الوطنية الشاملة وإعادة بناء المؤسسة الدفاعية والأمنية واستكمال بناء المجتمع المدني الديمقراطي وتعزيز الاندماج السياسي والاجتماعي وترسيخ مبدا الولاء الوطني الذي لا ينسجم بأي حال من الأحوال مع التبعية الخارجية أياً كان شكلها أو نوعها وتحريك عجلة التنمية المستدامة وإعادة إعمار اليمن .
حتاماً فإن أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء يرى إن اختيار النظام الانتخابي الأفضل للجمهورية اليمنية لم يشكل مشكلة سياسية قد تكون سبباً مباشراً في تفجير الصراع السياسي بقدر ما هي قضية فنية إدارية قائمة على العلم والمعرفة ، وهو قابل لتوافق الأحزاب السياسية متى ما رأت بناءً على منهجية علمية موضوعية تحقق رغبة الإرادة الشعبية صاحبة المصلحة ومصدر السلطات ، ولذلك فإن معطيات الوضع الراهن في الجمهورية اليمنية يجعل الباحث يميل إلى الأخذ بالنظام الانتخابي الفردي لاعتقاده بأنه الأكثر ملاءمة لظروف الواقع السياسي في المرحلة الراهنة على أقل تقدير انطلاقاً من إيمانه الراسخ بالمنهج العلمي الموضوعي ، كما أن ميله هذا لا يعبر عن موقف سياسي أو رغبة شخصية على الاطلاق ، وإنما انحياز كامل للموضوعية العلمية ، إذ لا يمكن المجادلة بشأن ضرورة إخضاع مثل هذه المسائل لآراء ذوي الاختصاص ، ومن هذا المنطلق فإن الدكتور العثربي يعتقد بأن آخر خطوة في مسلسل إصلاح النظام السياسي في الجمهورية اليمنية هي اختيار النظام الانتخابي ويرى ضرورة التركيز على الأولويات التالية :
- المصالحة الوطنية الشاملة .
- إعادة بناء المؤسسة الدفاعية والأمنية .
- استكمال بناء المجتمع المدني الديمقراطي .
- تعزيز الاندماج السياسي والاجتماعي .
- ترسيخ مبدا الولاء الوطني الذي لا ينسجم بأي حال من الأحوال مع التبعية الخارجية أياً كان شكلها أو نوعها.
- تحريك عجلة التنمية المستدامة .
- إعادة إعمار اليمن .
على اعتبار أن تلك الأولويات ضرورة حياتية لإعادة بناء الدولة اليمنية الحديثة دولة النظام والقانون التي يلمس فيها المواطن اليمني المواطنة المتساوية في كل المكونات الجغرافية والبشرية للجمهورية اليمنية من خلال سيادة الدستور والقانون وفرض هيبة الدولة وسيادتها الواحدة والموحدة التي تمثل الإرادة الشعبية الواحدة ، هذا وقد طرح أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء العديد من التوصيات التي يرى بأن على صناع القرار الاستفادة منها في الحفاظ على مستقبل أجيال اليمن الواحد والموحد.