تلوث الهواء يبطئ نمو دماغ الأطفال
الأحد, 19-أكتوبر-2025المؤتمرنت - كشفت دراسة علمية حديثة عن علاقة مقلقة بين تلوث الهواء أثناء الحمل وتباطؤ نضج الدماغ لدى الأطفال حديثي الولادة، مما يثير مخاوف جديدة بشأن التأثيرات العصبية طويلة الأمد للتلوث على الأجيال القادمة.
الدراسة، التي نُفذت بتعاون بين مستشفى ديل مار ومعهد برشلونة للصحة العالمية ومركز البحوث الوبائية والصحة العامة، ركزت على تحليل تطور أدمغة الرضع خلال الشهر الأول من حياتهم، وهو ما يُعدّ بحثًا غير مسبوق في هذا المجال. وأظهرت النتائج أن تعرض الأمهات الحوامل لمستويات مرتفعة من الجسيمات الدقيقة المحمولة جواً (PM2.5) يبطئ عملية الميالينة في أدمغة أطفالهن — وهي العملية الأساسية التي تُغلف الألياف العصبية بمادة الميالين، ما يتيح نقل الإشارات العصبية بكفاءة وسرعة.
وقال الباحث جيرارد مارتينيز-فيلافيلا من وحدة التصوير بالرنين المغناطيسي في مستشفى ديل مار:
“تظهر دراستنا بوضوح أن الأطفال الذين تعرضت أمهاتهم لمستويات أعلى من تلوث الهواء أثناء الحمل، يعانون تباطؤًا في وتيرة الميالينة، ما يشير إلى تأخر في نضج الدماغ.”
وتتسم الجسيمات الدقيقة PM2.5 بصغر حجمها الفائق — إذ يقل قطرها عن سمك الشعرة البشرية بنحو ثلاثين مرة — وتتكوّن من مزيج من العناصر السامة الناتجة عن الاحتراق والمركبات العضوية الضارة، إضافة إلى عناصر معدنية مثل الحديد والنحاس والزنك، التي تلعب أدوارًا معقدة في تطور الجهاز العصبي.
واستندت الدراسة إلى متابعة مجموعة من النساء الحوامل في ثلاثة مستشفيات كبرى في برشلونة، حيث خضع 132 طفلًا حديث الولادة لفحوصات دقيقة باستخدام التصوير بالرنين المغناطيسي خلال الشهر الأول بعد الولادة، بهدف تقييم مراحل نضج الدماغ من خلال قياس تطور الميالينة.
النتائج بيّنت ارتباطًا مباشراً بين ارتفاع نسب الجسيمات الدقيقة وتراجع سرعة الميالينة، ما يُنذر بآثار عصبية محتملة على القدرات الإدراكية والسلوكية في مراحل لاحقة من الحياة. وأوضح الباحث جوردي سونير من معهد برشلونة للصحة العالمية أن هذه النتائج:
“تمثل جرس إنذار يدعو إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتحسين جودة الهواء في المدن، خاصة وأن الخطوات الحالية لا تزال دون المستوى المطلوب لتأمين بيئة آمنة للأم والجنين.”
وتُبرز الدراسة أهمية دور المشيمة كحاجز وقائي يحاول الحد من انتقال الملوثات إلى الجنين، لكنها تؤكد في الوقت ذاته أن هذا الحاجز ليس كافياً في مواجهة نسب التلوث العالية في المدن الكبرى. كما تفتح الباب أمام أبحاث مستقبلية حول الوتيرة المثلى لنضج الدماغ لدى الرضع، والعوامل البيئية التي قد تُبطئ أو تُسرّع هذا المسار الحيوي.
وختم فريق البحث بدعوة الحكومات إلى تشديد المعايير البيئية ومراقبة الانبعاثات بدقة، حمايةً لصحة الأمهات والأطفال، ولضمان نمو عصبي سليم للأجيال المقبلة.