المؤتمرنت – تقرير : نزار العبادي - مع إطلالة اليوم الأول من فصل الربيع يحل المستشار الألماني السيد "جيرهارد شرودر" ضيفاً على صنعاء في زيارة تعد الأولى لمسئول ألماني رفيع بمستوى السيد "شرودر"، ومكانته السياسية الدولية، وبحجم العلاقة التي تربطه بقيادة اليمن السياسية.

· ثلاث محاور رئيسية
وطبقاً لما استعرضه سعادة سفير جمهورية ألمانيا الاتحادية بصنعاء، وممثلي دوائر ألمانية أخرى في مؤتمر صحفي عقد في مقر بيت الثقافة الألماني اليوم الأحد، فإن زيارة السيد "شرودر" إلى اليمن ستركز على ثلاثة محاور رئيسية.
ويذكر سعادة السفير"فرانك ماركوس مان" إن أول هذه المحاور هو دعم العملية الديمقراطية في اليمن، وثانيها تعزيز العلاقات الثقافية بين اليمن وألمانيا، والارتقاء بها لمستوى الطموح، وثالثها تعزيز أواصر العلاقات الاقتصادية بين البلدين، وسيتم تنسيق كل ذلك من خلال جلسات مباحثات تضمنها جدول الزيارة مع كلاً من الرئيس علي عبد الله صالح -رئيس الجمهورية- وعبد القادر باجمال -رئيس مجلس الوزراء.
ولعل المصالح الاقتصادية ستتصدر أعمال الزيارة،إذ أن وفداً اقتصادياً كبيراً سيرافق السيد "شرودر" وسيبحث مع الجانب اليمني فرص الاستثمار والتعاون الاقتصادي. كما سيتم التوقيع على اتفاقيتين: أولهما تتعلق بتشجيع الاستثمار في اليمن، وثانيهما خاصة بمكافحة الازدواج الضريبي ، إلى جانب توقيع عدد من العقود والاتفاقيات التجارية – وفقاً لما ذكره سعادة السفير الألماني.

· أنشطة ثقافية
على صعيد آخر، فإن برنامج الزيارة سيتضمن أيضاً زيارة للمعالم الأثرية والحضارية اليمنية وفي طليعتها مدينة صنعاء القديمة، وزيارة "سمسرة المنصورة".إلى جانب زيارة أخرى لدار المخطوطات الذي كان لحكومة ألمانيا الاتحادية ، فضلاً عن دعمه ليصبح محفلاً لمخطوطات قرآنية نادرة يعود تاريخها الى عصر صدر الإسلام، تحدث عنها السفير بكثير من الانبهار.
وأكد السيد "ماركوس مان" أن المستشار الألماني سيجري حواراً مع ممثلين من الأوساط الإسلامية اليمنية، بهدف " توثيق جسور التواصل مع العالم الإسلامي، وتأكيد مدى الاهتمام الألماني بالشعوب الإسلامية"، وبين من سيحضر الحوار القاضي حمود الهتار، ومحمد عبد الملك المتوكل، وأمل إبراهيم.
كما سيقوم السيد "شرودر" بافتتاح معرض صور فوتوغرافية قام بالتقاطها الرحالة الألماني "بوشر" في مطلع القرن العشرين بعد وصوله لليمن، وصفها السفير الألماني بأنها "صور نادرة وهامة لليمن في تلك الفترة، وتترجم مدى الاهتمام الألماني بتراث اليمن وثقافتها"، وقد تولى إعداد وترتيب المعرض معهد الآثار الألماني، الذي يقوم بأعمال التنقيبات الأثرية في مأرب منذ ما يقارب الخمسة والعشرين عاماً.
تقول الدكتورة "إيريس جيرلاخ" – رئيسة مكتب معهد الآثار الألماني بصنعاء- إن المعهد يبحث ويتحرى عن المستوطنات التاريخية في مأرب منذ خمس سنوات، ويجري التواصل حالياً مع الجهات الحكومية اليمنية للحصول على تراخيص للعمل في مواقع جديدة.
وتشير أن زيارة المستشار "شرودر" ستؤكد رغبة ألمانيا في الاهتمام بالآثار اليمنية والتنقيب عنها، وإظهارها للمجتمع الإنساني، وهو أمر يتحقق بالتعاون مع الهيئة الألمانية للتعاون الفني.

· اهتمام ألماني كبير
المؤتمر الصحفي الذي عقدته سفارة ألمانيا الاتحادية بصنعاء الأحد كشف وزن زيارة السيد "شرودر" لليمن وأهميتها بالنسبة للألمان أنفسهم، وهو ما يؤكده سعادة السفير الألماني بقوله: (إن الزيارة تؤكد أهمية التنمية في هذه المنطقة).
ورغم أن اليمن تتطلع دائماً الى توسيع دائرة علاقاتها ومصالحها مع دول الاتحاد الأوربي إلا أن الألمان حرصوا خلال ا لمؤتمر الصحفي على الترويج لسعة قاعدة علاقاتهم مع اليمن، وتأكيد الكثير من المواقف الرسمية التي ربما ستكون بمثابة الرصيد الألماني للفوز بالقدرة ا لأكبر من الاستثمارات والمصالح الاقتصادية المشتركة.
السيد "جيرهارد ريديكر" مدير صندوق التسليف الألماني- أكد خلال المؤتمر الصحفي: إن المساعدات الألمانية المقدمة لليمن أخذت تتضاعف منذ عام 2001م، حتى وصل الدعم السنوي إلى (40) مليون يورو سنوياً، وهي مساعدات مثالية، بالمقارنة مع ما تقدمه دول أخرى، مشيراً الى: أن إجمالي ما تم تقديمه لليمن يبلغ حوالي (800) مليون يورو.
أما السيدة "بوريت تسيبتر" –مديرة الهيئة الألمانية للتبادل الأكاديمي- فقد أكدت من جانبها أن المنح الدراسية المقدمة من الجانب الألماني ازدادت في الأعوام الأخيرة، وقد تم تقديم (15) منحة مؤخراً لتمكين الخريجين اليمنيين من مواصلة دراستهم العليا.
فيما أكد السيد "ماركوس مان" جملة من المواقف الألمانية والتي منها ما يخص قضية الشيخ المؤيد ومسالة تسليمه للولايات المتحدة، في إطار رده على سؤال تقدم به "المؤتمر نت" لاستكشاف مدى تأثير الحادثة على سير العلاقات الثنائية، وأوضح أنها "قضية تخضع للنظام القضائي الأمريكي، وأن ألمانيا مهتمة جداً بأمرها، وقد أصدرت المحكمة الألمانية المختصة قراراً يقضي بضرورة حصول المتهم على محاكمة عادلة".
إلا أنه استبعد أن تكون هذه القضية أحد مواضيع نقاش المستشار الألماني "شرودر" خلال زيارته لليمن، وجدد التأكيد على متانة علاقات بلاده باليمن.

· جوانب مهمة للزيارة
من جهة أخرى اعتبر السفير الألماني زيارة السيد "شرودر" بأنها : "تأتي لتؤكد مسألة أن اليمن اصبح مكاناً أكثر استقراراً في المنطقة، مقارنة بدول أخرى، وأن ألمانيا تدرك أن اليمن حققت نجاحات في السنوات الماضية- خاصة في إطار حل مشاكلها الحدودية مع دول الجوار، والتي تمت إما عن طريق التفاوض السلمين أو المحاكم الدولية مشيراً إلى أن هذه الأمور هي ما نود تأكيدها من خلال زيارة المستشار الألماني لليمن".
وأضاف سعادة السفير: " إن الزيارة تمثل أيضاً تأكيداً للنجاحات التي حققتها اليمن في مكافحة الإرهاب. إذ أن اليمن نجحت في الثلاثة أعوام الماضية في منع حدوث أو استمرار الهجمات الإرهابية، مؤكداً أن ألمانيا على اطلاع بالتكاليف الباهظة التي تتكبدها اليمن من أجل مكافحة الإرهاب، وأن هذا الاتجاه يدخل ضمن مجالات عديدة تقوم ألمانيا بدعم اليمن فيها".
لاشك أن الزيارة المزمعة للمستشار شرودر ستمثل رهان الطرفين – اليمن وألمانيا – على مستقبل قد يبلور انعطافة تاريخية نحو آفاق رحبة ، عنوانها الوحيد – الشراكة الدولية .