الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 12:51 م - آخر تحديث: 07:17 ص (17: 04) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
هل نحن أمة من الجهـــلاء؟



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


هل نحن أمة من الجهـــلاء؟

السبت, 26-فبراير-2005
كتب: نضال نعيسة - ماهو السر والسبب في كثرة الوعاظ والمرشدين ؟وهل نحن بحجة إلى حكواتية وملقنين ورواة أم إلى علماء في الذرة والعلوم والاقتصاد والفيزياء؟ فما إن تطالع قناة تلفزيونية من تلك القنوات التي استمرأت عمليات غسل الدماغ الجماعي الشامل "لتعزيله" من كل "الفيروسات" المضرّات ,وتخديره وتنويمه في كهوف الزمان,وفي كل المحطات الطالبانيات, أوالثورجيات اللاهبات ,أوحتى المهاجرات من دار الإيمان والمنمقة والمطلية بكل صباغات وديكورات العفة والإيمان, والتي تتناسل وتفرخ بكثرة هذه الأيام, حتى يطلع لك ملتح بعمامة وجلباب,قد أكمل لتوه تعليمه في "الكتّاب", وبهالة من الورع والتقوى ومسحة من الطهروالنقاء و"الصفاء", متعبدا ناسكا وزاهدا في الحياة , ولا يفكر أبدا بالدولارات ,فلا تظلموا الرجال ,والمذيع المتعفف الوديع البار, ماثل بين يديه بكل خشوع وطاعة وولاء ,وطالبا منه السماحة والبركات ,وهو يصب علينا سيلا من الوصايا والتعليمات, بكيفية الدخول إلى الحمّام ,والخروج منه,وماذا نفعل عند دخول السوق والخروج منه, وماذا يجب أن نقول وماذا لا يجب أن نقول ,وبأي رجل علينا أن ندخل البيوت,وبأي منها نخرج من القصور والفيلات ,وكيف نتزوج ,ونطلق,و"ننكح" النساء,وكيف نأكل ونشرب,وماذا يجب أن نأكل ,وماذا يجب أن نشرب,وكيف نغتسل ,وكيف نكون نظيفين من الأوساخ , وكيف ننام وكيف نصحو,وما هي الأحلام الواجبة,وما هي الأحلام الحرام ,وعلى أية جهة يجب أن ننام, وماذا ينبغي أن نقول عندما ننهض من الفراش,وكيف نسير في الشوارع ,وإلام ننظر وعن ماذا نغض الطرف , وما هو الحلال والحرام , وكثير من الأشياء الأخرى التي يتعلمها الإنسان بالفطرة,وعند الميلاد ,ومن والديه في الصغرأيام الطفولة والحضانات. وكل ذلك مقرون بقائمة طويلة من التعويذات, ومعلقات مسهبة من الأدعية والتمتمات.

ويرشدنا,كالعميان, إلى ما نفعل في كل حالة من هذه الحالات,ويسهب في الشرح والتفسير والإطناب,وكأننا أمة من الأطفال والجهلاء التي لا تعرف هذه الأمور البسيطة والصغيرة في الحياة,وبحاجة إلى من يعلمنا ويلقننا إياها على الدوام , والتي يمارسها الناس في كل دول العالم بالفطرة, ولم يحتاجوا إلى أحد من هؤلاء الناس ليخبرهم عما يفعلوه ,ووصلوا,بدونها, إلى القمر والمريخ والمجرات, وبنوا الحضارات,ويعيشوا قمة الرفاهية والمدنيات, وهم يرددون ويحفظون قوانين نيوتن ولا فوازييه وإينشتاين في الفيزياء والرياضيات, ولم يجلسوا ,في يوم ما, في حضرة أي من هؤلاء الفطاحل الأذكياء,أو يتعلموا أيا من هذه الطقوس والحركات.
ولكي لا نكون متحاملين وأغبياء ,لاشك أن هناك علوما شرعية, ومسائل فقهية معقدة أحيانا تهم الناس,وهي حاجة ماسة عند البعض, ولا يعلم بها إلا المختصين والعلماء, وبعض القضايا المعقدة, التي تستلزم الخبرة والمشورة, وآراء الخبراء والعلماء في القانون والشريعة والقضاء,ولكن مكانها في الجامعات, والمحاكم, ومراكز الأبحاث, والإفتاء. أما الأشياء الصغيرة التي يركز عليها هؤلاء ,فلا تحتاج لكل هذا "العك"والإعياء,وبرامج باهظة ومكلفة في الفضائيات. وإذا كنا بنظر هؤلاء,ومن وراءهم, لانتقن هذا السلوك الإنساني البسيط وطرق الحياة الأخرى,فكبروا علينا من الآن ,والموت أشرف لنا من هذه الحياة.
وقد حاولت جاهدا تلمس أي اتجاه أو فكر يخاطب العقل والمنطق والواقع في أحاديث هؤلاء ,أو مناقشة قضايا ساخنة اجتماعية’ أو سياسية’ أو اقتصادية خطيرة تهم الصالح العام, وتفسر للفقراء والمنكوبين- الذين أصبحوا , ومن شدة الفقر والإملاق,في وضع لا يعرفون فعلا حتى الحمّام, لأنه لا يوجد مجارير وتصريف صحي من كثرة ما شفط ونهب من الثروات ,ولا يعرفون أيا من الاتجاهات الأربعة, بسبب التجهيل ومسح الدماغ- ولم يشرح لهم أحد أسباب فقرهم وعجزهم وتردي أحوالهم وبقاءهم في جهنم الأرضية, وسعير دائم الغليان, يتلظون بنار الأنظمة, وظلم الحكومات, وقراقوشية الفراعنة والديكتاتوريات كل هذه القرون ,وظلّ الفردوس الأرضي مستحيلا من رابع المستحيلات,وحلما بعيد المنال لهؤلاء الأشقياء . فمبدأ تكافؤ الفرص ,والعدالة الاجتماعية ,وتوزيع الثروات ,والديمقراطية ,وتداول السلطات والانتخابات الحرة , والانفجار السكاني,وأزمة المساكن والإسكان ,وحقوق الإنسان,والبطالة,والعنوسة,وغلاء المهور ,واضطهاد النساء,والرشوة والفساد, وعيش البؤساء في مدن الصفيح, وأحزمة الفقر والفقراء,والتلوث ,والوحدة الوطنية,وترهل البنى ,وتخلف الاقتصادات,وتدهور العملات,وانهيار التعليم والقضاء , والتصحر وغلاء الأسعار هي من الأمورالتي لايجب مناقشتها وغير مهمة أمام موضوع حيوي وعاجل وهام كدخول الحمام ,مثلا,الذي تخصص له الحلقات, وتفتح له القنوات,وتصرف عليه الأموال. وما هي حلوله وتصوراته لكل تلك الأمور الحياتية الكبرى التي يعاني منها التعساء والبسطاء؟بالتأكيد لا يوجد جواب.
وحين اتصلت إحدى المشاهدات المنكوبات بداعية استهبالي كبير من أصحاب الياقات والبزات الفاخرات والابتسامات الكثيرات ,ويُبكي ويُدمي قلوب العذارى والمراهقات ,من شدة التنسك والتضرع والابتهالات إلى رب السماوات, لتطلب منه العون والنصح والارشاد وكيفية الخروج من مأزقها وورطتها في هذه الحياة, وحل مشاكلها في غابة الذئاب والحيتان, أجابها وبكل بساطة:"اتحجبي يا أُختي." ولنفترض أنها سمعت كلامه ,ووضعت على نفسها كل ما لديها من قماش وأسمال وشراشف وبطانيات, فهل ستهطل عليها الدولارات من الفضاء ,وتدخل فورا في بحبوحة اقتصادية مثل النرويج اليابان؟

وإذا كان المنطق يفرض نفسه ,فهل المقصود من كل ذلك,وهذه رسالة موجهة لنا وبصرامة من أننا مادمنا لا نعي أبسط الأشياء في السلوك البدائي الغريزي,فنحن أميون وجهلة وبلهاء,وأنه لا يؤمن جانبنا, ويلزمنا دائما تقريع و"رص",وتوجيهات ,ولا يمكن أن نكون قادرين على البقاء لوحدنا, أو تركنا وشأننا مثل الأطفال ؟فلذلك كله, نحن بحاجة أيضا لمن يقودنا في دهاليز السياسة, وسراديب الاقتصاد حتى لا نضيع ونكون خاسرين,وما علينا سوى الجلوس والإصغاء.وأننا مجرد كائنات ومخلوقات جاهلة لا تعرف التصرف في توافه الأمور,فما بالك بعظائمها؟ونحن لا نفهم بكل هذه الخرابيط والترهات وبحاجة لمن يتسلط علينا إلى آخر الزمان. والحل السحري لكل ذلك هو بالانقياد الأعمى وراء أولي الأمر القادرين على قيادتنا مثل الصغار,والبقاء في حضنهم وعهدتهم وتحت رحمتهم,والانصياع لكل ما يطلب منا,وما علينا سوى اتباع التعليمات والإرشادات ووصايا الحكماء الأتقياء.وهذا يستلزم بقاء الطغاة والهراوات فوق رؤوسنا ,والمستعمرون الأشداء يعلمونا الألفباء والديمقراطية والأبجديات لكي لا نتوه في العراء . إذا كان هذا هو المقصود ,فقد وصلت الرسالة, وفهمناها جيدا ومن زمان,وسامحناكم بكل شيء ,أما إذا كان القصد أننا فعلا لا نعرف الدخول إلى الحمّام, والخروج منه مثل بقية خلق الله ,فهذا ما لا نقبله,ومن كبائر الإجحاف, فنحن قد بلغنا وكبرنا من زمان ,ولم نعد بحاجة لمرشدين, وتعاويذ وتمائم و"حفاضات".


عرب تايمز
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024