الجمعة, 19-أبريل-2024 الساعة: 05:10 م - آخر تحديث: 04:16 م (16: 01) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
قوانين بلير... هل تخدش أم الديموقراطيات؟



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


قوانين بلير... هل تخدش أم الديموقراطيات؟

السبت, 18-فبراير-2006
عادل درويش - منذ عدوان القاعدة الارهابي على الولايات المتحدة، لا يكف رئيسها جورج بوش، وحليفه رئيس الوزراء البريطاني توني بلير، عن تذكيرنا بأن «الحرب على الارهاب»، التي كلفتنا ثمنا باهظا في الأرواح والاقتصاد، ناهيك من راحة البال، كانت ضرورة للدفاع عن أساسيات الحضارة والثقافة التي يرتكز عليهما عالمنا الحر: الديموقراطية، حريتنا في الاختيار والتفكير والرأي والعقيدة والتعبير، والأهم حكم القانون وسيادته.
قبل اغلبنا هذه المقولة، على مضض، لأن «العدو» غير الواضح الملامح، يحاول تغيير اسلوب حياتنا بفرض نمط اللباس والطعام والشراب وانهاء حرية الاختيار والفكر.
لكن سياسات ادارة بوش، وحكومة العمال الجديدة بزعامة بلير، أخلت بتوازن المقولة فوق حافة هاوية الاختبار التاريخي، وأعانت «العدو» على الاقتراب من تحقيق اهدافه.
وحتى نرى اكثر، لنستعرض أحداث اسبوع واحد.
فقد أوصت مفوضية حقوق الانسان التابعة للأمم المتحدة باغلاق معتقل غوانتانامو، السيء السمعة، وتقديم السجناء للقضاء الأمريكي او الافراج عنهم. الى جانب ادانتها للعسكرتارية الامريكية التي رفضت التعاون مع مفتشي المفوضية، والسماح بلقاء المساجين. فماذا كان رد فعل ادارة بوش؟
تصرفت ادارته كديكتاتورية درجة ثالثة من ماركة روبرت موجابي وصدام حسين، وهاجمت المنظمة الدولية!
ومن جانب آخر، فالصور التي بثها التلفزيون الاسترالي لسوء معاملة العراقيين في سجن «ابوغريب» العراقي قبل عامين، ليست جديدة؛ الجديد هو كشف ان مهندسي حرب فرض الديموقراطية على الاخرين، بزعامة وزير الدفاع الفصيح، دونالد رامسفلد، حاولوا «خنق» حرية التعبير بدفن الصور في الأرشيف. ولولا قانون حرية المعلومات لما عرضت، ولما انكشف ايضا افلات الرتب الكبرى المسؤولة، من العقاب، وموت احد السجناء تعذيبا على يد وكيل الـ «سي أي ايه».
وفي هذه الناحية من البركة الأطلسية، تحاول حكومة العمال البريطانية تجنب ان تؤدي «حرية المعلومات» الى فضائح الحليف الأمريكي، خاصة بعد نشر تقرير لفيديو عن غياب الانضباط في وحدة من الجيش البريطاني، في صحيفة «نيوز اوف ذي وورلد» (رغم أن ملكيتها هي لروبورت مردوخ حليف حكومة بلير).
كل ذلك جرى في اسبوع الدفع بثلاثة قوانين، تمزق ما بقي من ثوب اقدم الديموقراطيات في العالم وتقضي على اسلوب حياتنا الحرة:
* قانون يجبرنا على حمل بطاقات تحقيق الهوية ويدخل ادوات الدولة، فعليا، كما رآها جورج اورويل في كابوس «1984» في عيوننا ورؤوسنا، ويجبرنا رغم انوفنا على دفع ثمن اصدار البطاقة.
*قانون ينزع من المواطن حريته في التدخين حتى في ناديه الخاص.
* قانون يدخل البوليس في عقل وقلب المواطن ليمنعه من التعبير بحرية، ويعتقله على « نواياه» غير المعلنة بحجة «تمجيد الارهاب». وهي المرة الثانية التي عرض فيها القانون على مجلس العموم، لتضرب الحكومة عرض الحائط بتعديلات مجلس اللوردات ـ المكون من حكماء الامة والقضاة والصمام الضابط لديكتاتورية الاغلبية ـ ليعيد دس فقرة كاملة تجعل من «تمجيد الارهاب» جريمة، كان اللوردات قد صاغوها بلغة أكثر دقة: «التحريض المباشر على العنف عن طريق الارهاب».
وتقول لويز اربور، رئيسة مفوضية الامم المتحدة العليا لحقوق الانسان، ان القانون الجديد يناقض المادة العاشرة من قانون حقوق الانسان، التي تنظم الظروف التي قد تقيد حرية التعبير؛ لأنه لا يتطلب ادلة دامغة تثبت ان «تمجيد» شخص للارهاب، سيدفع شخصا آخر لارتكاب جريمة.
ومثلا، هل يصبح تصريح شيري بلير قبل عامين حول قراءتها الخاصة لدوافع الانتحاريين الفلسطينيين، جريمة «تمجيد ارهاب»؟! خاصة ان الخط الثابت لحكومة زوجها هو ادراج العمليات الانتحارية في خانة الارهاب؟
ام ان انتخاب حماس، ديموقراطيا، سيستثنيها من القانون؟
وكيف يثبت المحامون «حسن نية» شيري، فالقانون الجديد يعكس القاعدة الثابتة ببراءة المتهم حتى تثبت ادانته؟
حكومة بلير تمطر بلا توقف قوانين وتشريعات؛ لدرجة شكوى المحامين والقضاة من تناقضها وكثرتها وصعوبة تفسيرها.

اعجاب حكومة العمال الجديد بكل ما هو امريكي يغذي تيارا جمهوريا يسعى للقضاء على الارث التاريخي لبريطانيا التي نعرفها، فتتحول المملكة المتحدة الى «جمهورية حزب العمال الجديد». وهذا التيار لا يعجبه الفصل التام بين الدولة، والحكومة كأساس للملكية الدستورية.
الدولة بموظفيها ومؤسساتها وجيشها والبوليس، تتبع التاج وهي ثابتة لا تتغير، اما الحكومة فتتغير بالانتخاب. لكن حكومة العمال تسعى لدمجهما في «إدارة» على النمط الأمريكي، كما يتضح من اسلوب بلير «الرئاسي» في ادارة البروباجندا السياسة Spinning، وفي تعامل 10 داوننج ستريت مع الصحافة باسلوب البيت الابيض، واظهار« شيري» كالسيدة الاولى، رغم ان سيدة بريطانيا الأولى دستوريا هي جلالة الملكة اليزابيث.
اهم اعراض النزعة الجمهورية هو السيطرة والتحكم، وانهاء حرية الفرد في الاختيار. استغلت «ادارة» العمال اغلبيتها البرلمانية لتصفعنا بقوانين تنظم طريقة العمل، وتربية الاولاد، وركن السيارة، وتركيب مصابيح الكهرباء في منازلنا وطهينا للطعام والتخلص من نفايات المنازل، ومضغ العلكة، ومتى واين وكيف ندخن السيجارة...
وفي كتابه «تاريخ انجلترا» الصادر عام 1965، قارن المؤرخ البريطاني ألان جون بيرسيفال تايلور ( 1906- 1990) حرية مواطنيه، قبل الحرب العالمية الأولى، بحياة الأوروبيين في قبضة قياصرة واباطرة تتدخل دولتهم في شؤونهم الخاصة، وتقنن سلوكهم.
راي تايلور، المواطن الإنجليزي يقضي حياته من المهد الى اللحد من دون الشعور بشيء اسمه الدولة، ولا يوجد لديه ابعد من تعامله الأسبوعي مع مكتب البريد او مع رجل بوليس الدورية. أما حرية المواطن البريطاني التي لا تقدر بثمن، فيصفها تايلور في عبارة بسيطة: «يستطيع الإنجليزي ان يعيش في أي مكان يشاء، من دون ان يخضع للترقيم او يحمل بطاقة هوية». لكن حكومة العمال دقت المسمار الاخير في نعش الحرية البريطانية التي تباهى بها تايلور قبل 40 عاما.
فتضحيات الجيل السابق، لمنع النازية من تحويل أم الديموقراطيات الى معسكر اعتقال كبير نحمل فيه بطاقات الهوية، استغلها بلير ليجبر المواطنين على تسليم اجسامهم وعقولهم وقلوبهم الى يد الدولة الحديدية لتعبث بها كما تشاء.
قانون بطاقات الهوية يتيح للدولة التحديق الوقح في عين المواطن ابتداء من 2008. فعندما يذهب المواطن لتجديد جواز السفر، سيواجهه ممرض غليظ، ممسكا بآلة من طراز اورويل 1984، يدفعها في عين المواطن لتسجيل البيولوجية الالكترونية ويغمس اصابعه في حبر البصمات لاستخراج «الباسبور» البيوميتري ارضاء لفتوى الامريكان.
وقبل قوانين بلير كان الفارق بين رعايا جلالة الملكة، ومواطني الجمهوريات التسلطية، ان البريطاني يفعل ما يحلو له في حدود القانون الذي يمنع رجل البوليس من ان يطلب منه ابراز بطاقة هوية. لكننا جميعا مشتبه فيهم اليوم وعلينا إبراز بطاقة الهوية «للشاويش»، حسب فرمان العمال الجديد.
ولأن القوانين الجديدة لم تكن ستحول دون تنفيذ الارهابيين لجريمة 7 يوليو، فلسان حال الظواهري وبن لادن يقول : برافو يامستر بلير، لقد حققت كثيرا من الاهداف التي فشلت القاعدة طوال هذه الأعوام في تحقيقها، وهي الحاق خسائر باقدم واهم قلاع الديموقراطية
*نقلا عن الشرق الاوسط
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024