الحرمان الشعبي!!
الأحد, 18-يونيو-2006بقلم / سلامة احمد سلامة - هل يوجد فرق بين قرار قيادة المحاكم الشرعية في الصومال بمنع اذاعة مباريات المونديال, واللاقرار المصري الذي أدي الي نفس النتيجة؟
فلأول مرة يفرض علي قطاعات عريضة من الشعب المصري تمثل أغلبيته الساحقة, نوع من الحرمان المتعمد الذي تمارسه قوة احتكارية غاشمة لرأس المال, تمنع اذاعة مباريات كأس العالم لكرة القدم, وتفرض أمرا واقعا علي بعض حكومات عربية, بل وتجبرها علي التعاون معها في إذلال شعبها. ويثبت النظام الاعلامي هنا عجزه عن فهم وظيفته حتي وإن اقتصرت علي خدمة النظام.
وقد بلغ من جبروت هذه الرأسمالية المتوحشة, التي استطاع صاحبها أن يشتري حقوق بث مباريات المونديال في الشرق الأوسط حصريا في ظروف تفتقر الي الشفافية, أنه سارع الي مقاضاة كل من حاول اذاعة المباريات عن طريق غير الاشتراك في قناته, وارتكب بذلك اثما لايقل وطأة عن اثم المتاجرين بأقوات الشعوب.
ونحن نقول إن احتكار اذاعة مباريات المونديال أشبه باحتكار أقوات الناس والتلاعب بأسعارها, بعد أن غدت الكرة غذاء شعبيا علي اتساع العالم, لاينبغي أن يحرم منها غني أو فقير. والدليل علي ذلك أن الدول الفقيرة فقط هي التي تعرضت لهذا النوع من الحرمان أو الهوان القسري غير المبرر.
فاذا كان أباطرة الفيفا قد فرضوا هذا النظام الاحتكاري, الذي أخضع لعبة شعبية للعرض والطلب مثل أي سلعة تجارية, فقد كان من واجب الدولة التي تتحمل مسئولية الملكية المطلقة لوسائل الاعلام أن تجد حلا لتوفير هذا الغذاء الرياضي للشعب بأي ثمن, كما تفعل مع دعم الخبز والبنزين.
وهناك تساؤلات حول أسباب بيع حقوق البث التليفزيوني في صفقة سرية الي شركة عربية بعينها, ولماذا أختفت وعود بلاتر رئيس الفيفا باذاعة مباريات الافتتاح والختام مجانا, أو الوعد الذي قطعه لافريقيا بالحصول مجانا علي اذاعة مباريات المونديال؟!
إن تقاعس أجهزة الدولة عن ايجاد حل لهذه المشكلة لايعفيها من المسئولية. فلم أسمع عن أن أي دولة أخري مثلنا وفي مستوانا واجهت هذه المشكلة وحرم شعبها من حق متابعة مباريات المونديال هذا العام بالشروط التعجيزية التي يفرضها محتكر بث هذه المباريات, ورغم أنني شخصيا لست من هواة كرة القدم, وقد تتاح لي فرصة متابعتها علي قنوات اجنبية, إلا أن مايشعر به المواطن العادي الذي هوسناه بالفوز بكأس افريقيا, من احساس بالانكسار والتعاسة والعزلة بسبب عجزه عن متابعة مباريات كأس العالم, يثير شكوكا حول مدي احساس أصحاب الثروة والنفوذ في هذا البلد بمشاعر الشخص العادي وهمومه! بل يثير شكوكا حول درجة الذكاء السياسي للقائمين علي الاعلام.
*عن صحيفةالاهرام