السبت, 20-أبريل-2024 الساعة: 03:29 م - آخر تحديث: 03:29 م (29: 12) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
باعاشير طليقا!



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


باعاشير طليقا!

الإثنين, 26-يونيو-2006
د. عبدالله المدني* - أفرجت جاكرتا مؤخرا عن رجل الدين المثير للجدل من اصل حضرمي أبوبكر باعاشير(68 عاما) والذي يوصف بأنه الأب الروحي لتنظيم الجماعة الإسلامية ذات الامتداد في منطقة جنوب شرق آسيا و الارتباط بتنظيم القاعدة، و المتهمة بالوقوف خلف معظم الحوادث الإجرامية في البلاد، ابتداء من مجزرة بالي في عام 2002 و انتهاء بالعملية الانتحارية الثلاثية في الجزيرة نفسها في عام 2005، مرورا بتفجيرات جاكرتا في عامي 2003 و 2004، و ذلك بعد أن قضى في المعتقل 26 شهرا كعقوبة لاستخدامه موقعه كداعية إسلامي في التحريض على العنف و تزعم تنظيم إرهابي محظور.

وما يعنينا هنا هو الآثار المحتملة لإطلاق سراح الرجل على أنشطة الجماعات الاندونيسية المتشددة و بالتالي على الأوضاع الأمنية في هذا البلد الذي يدين جل سكانه بالإسلام المعتدل المتسامح.

فعلى حين أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة بأن الإفراج عن باعاشير لا يعني تغييرا في التزامات جاكرتا حيال الحرب الدولية ضد الإرهاب أو تراجعا عن مواجهة أعمال العنف الميليشاوية بصرامة، و أن القرار يجب ألا يثير أية مخاوف لأن تأثير الرجل لم يعد كما كان في السابق بسبب نجاح الحكومة في السنتين الأخيرتين في تشتيت صفوف الجماعة الإسلامية و تقزيم إمكانياتها، فان مراقبين كثر لهم رأي آخر. حيث قيل أن الإفراج عن الرجل المعجب بشخصية و أفعال أسامة بن لادن، من بعد عقوبة قصيرة وغير متناسبة مع التهم الموجهة إليه، سوف يرفع من معنويات أعوانه و يجعلهم أكثر تصميما على تنشيط تنظيمهم المتشدد و التبشير بأفكارهم العنيفة. بل قيل أيضا أن أعوان باعاشير سوف يستغلون خروجه من السجن لتصويره كبطل صمد في وجه "قوى الاستكبار"، وبالتالي سيكون نجما دائما في كل الحشود الجماهيرية الراديكالية المنددة بالغرب. وهذا هو نفس وجهة نظر استراليا التي فقدت أكثر من 88 من رعاياها في عمليات الجماعة الإسلامية. إذ سارع رئيس حكومتها جون هوارد إلى الإعراب عن أسفه لقرار الإفراج، مطالبا جاكرتا بتقييد تحركات باعاشير و وضعه تحت مراقبة أمنية دقيقة، ومذكرا إياها بأن الرجل مدرج بقرار دولي ضمن رموز الإرهاب العالمي ممن يجب على دول العالم تجميد أموالهم و أصولهم و منعهم من السفر و الحيلولة دون تمكنهم من الحصول على أي دعم.

والحقيقة أن جاكرتا واجهت مع قرب انتهاء فترة محكومية باعاشير خيارين صعبين. فان أبقته في المعتقل دون مسوغات قانونية اتهمت بانتهاك الدستور و القانون و مباديء العدالة، و بالتالي جرت على نفسها المتاعب. و إن أفرجت عنه تعرضت لتنديد من بعض الحكومات الصديقة، ناهيك عن احتمالات أن يشجع ذلك على عودة الأعمال الإرهابية إلى وتيرتها السابقة، أو أن يفسد جهود بعض علماء الدين الاندونيسيين لتوعية مواطنيهم المسلمين من مخاطر التطرف والغلو و التفسيرات المتشددة للإسلام. و هي جهود انطلقت قبل أكثر من عام بدعم من الحكومة وكوسيلة من وسائل قطع الطريق على محاولات المتشددين للتغرير بالشباب وتجنيدهم للقيام بعمليات جهادية.

و يبدو أن جاكرتا قررت بعد تفكير أن تلجأ إلى الخيار الثاني، لكن مع ربطه بتأكيدات بأنها ستراقب خطوات باعاشير بدقة كيلا يعاود التخطيط لأعمال إرهابية أو التحريض على العنف، فضلا عن ربطه بفكرة أن الرجل لم يعد ذا تأثير في صفوف أتباعه على نحو ما أسلفنا. غير أن المشكلة التي أثيرت على نطاق واسع هي انه لئن كان بامكان السلطات الاندونيسية تقييد أنشطة باعاشير، فان ما لا يمكن توقعه هو نجاحها في إسكاته للحيلولة دون قيامه بغسل أدمغة الأميين و الشباب المتحمس. إذ أن الخطورة لا تكمن في تحركات الرجل، بقدر ما هي في أفكاره الراديكالية التي يمكنه إيصالها إلى من يريد بألف طريقة و طريقة دون ترك ما يدينه، خاصة وانه يعتلي منبر الخطابة الدينية، و يدير مدرسة "المؤمن ناغروكي الإسلامية" الداخلية التي كان قد أسسها في العام 1972 مع زميله عبدالله سونغكار في مدينة سولو على بعد 300 ميل من جاكرتا، فضلا عن انه احد القادة التنفيذيين لمجلس المجاهدين الذي شكل في مدينة يوغياكارتا في عام 2000 ليكون مظلة للجماعات و الأفراد الساعين لتحويل اندونيسيا إلى دولة إسلامية مطبقة للشريعة.

لقد خيل للكثيرين و هم يستمعون للتصريحات التي أدلى بها باعاشير فور خروجه من السجن، بأن الرجل ربما راجع أفكاره السابقة داخل المعتقل على نحو ما حدث مع رموز الجماعات الإسلامية في مصر أو بعض رموز ما يسمى بالصحوة في السعودية. بل قيل أكثر من ذلك، مثل احتمال وجود صفقة بينه و بين الحكومة يتراجع بموجبها عن أفكاره مقابل إطلاق سراحه و عدم ملاحقته مستقبلا. فإدانته علنا اللجؤ إلى العنف كوسيلة للتغيير، و تحريمه الاحتكام للسلاح و التفجير في أجواء السلم، واتهامه بعض من اعتبروا طويلا من أتباعه كالإرهابي الفار الماليزي الجنسية نور الدين محمد توب بتضليل المجاهدين الحقيقيين، كان شيئا جديدا و مختلفا عما عرف عنه أو عما اعترف به بعض أتباعه ممن اعتقلوا و حوكموا بتهمة ضلوعهم في عملية تفجير فندق ماريوت في جاكرتا في عام 2004 (مثل محمد ريس الذي تدرب في معسكرات الجهاد في أفغانستان و إسماعيل عبدالرحمن الذي تدرب في معسكرات جبهة مورو الإسلامية في جنوب الفلبين) من أنه كان يرسل طلاب مدرسته إلى المعسكرات المذكورة، بل زار شخصيا معسكرات جبهة مورو في مندناو في منتصف 2000 و ألقى خطبا حماسية في منسوبيها للقتال بضراوة ضد الكفار و المشركين، و تبادل الرسائل مع بن لادن في عام 2001 ، و منها رسالة يدعوه فيه الأخير إلى الانتقال إلى أفغانستان.

لكن سرعان ما أتضح أن قناعات باعاشير لم يطرأ عليها أي تغيير، بدليل مضامين الخطب التي ألقاها في أنصاره و طلبته بمجرد وصوله إلى مدرسته الدينية، و التي أعرب فيها عن اعتزازه بأفراد الميليشيات المقاتلة و وصفه لهم بالمجاهدين الأفذاذ لدفاعهم عن الإسلام، فضلا عن قوله أن اتهامه بالإرهاب شرف له، و أن دخوله السجن لا يقاس بالتضحيات التي قدمها الآخرون من اجل الدين، مشبها معاناته بما لقيه الرسول (ص) من أذى على يد كفار قريش. و في السياق نفسه، بدا واضحا أن التحريض ضد الآخر لا يزال لازمة لأحاديث الرجل، بدليل اتهامه للغرب بالتآمر ضد الإسلام وحثه أتباعه على التصدي لذلك بمختلف أنواع الجهاد حتى الموت، و دعوته "بوش الشيطان" و "هوارد المشرك" إلى اعتناق الإسلام كوسيلة وحيدة لحماية نفسيهما، و وصفه لما تعيشه اندونيسيا و الدول الإسلامية المجاورة اليوم بالظلام الدامس الذي لا مخرج منه إلا بتطبيق الشريعة و إقامة الدولة الإسلامية.

يشار إلى أن حلم إقامة دولة إسلامية في اندونيسيا ظل يراود باعاشير منذ زمن بعيد، و بسببه اعتقل و زج به في السجن في أواخر السبعينات، قبل أن يطلق سراحه في منتصف الثمانينات و يهرب من ملاحقات أخرى إلى ماليزيا حيث عاش 13 عاما و لم يعد إلى بلاده إلا بعد الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق سوهارتو.

من جانب آخر، يعتقد البعض أن الإفراج عن باعاشير سيزيد من التوتر الراهن ما بين القوى المتشددة ممثلة في "جبهة المدافعين الإسلامية" بقيادة حبيب رزاق، و التي تنتهج أسلوب الحشود الشارعية العنيفة للضغط من اجل مطالبها، و جماعة نهضة العلماء المعتدلة بقيادة الرئيس الأسبق عبدالرحمن وحيد، و التي يقال أن عدد منسوبيها يصل إلى 40 مليون عنصر. و كانت الأخيرة المعروفة بدفاعها عن علمانية الدولة و حقوق الأقليات قد طالبت الحكومة مؤخرا بحظر الجماعة الأولى إضافة إلى مجلس المجاهدين، بعد أن تمادى الطرفان في مطالبهما بتحريم الكثير من مظاهر الحياة التي اعتاد عليها الاندونيسيين كالاختلاط مثلا.


*باحث و محاضر أكاديمي في الشئون الآسيوية

[email protected]

شفاف الشرق


comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024