السبت, 20-أبريل-2024 الساعة: 03:27 م - آخر تحديث: 03:17 م (17: 12) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
الأسباب العشرة وراء قوّة "حزب الله"



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


الأسباب العشرة وراء قوّة "حزب الله"

السبت, 19-أغسطس-2006
حازم صاغية - في تجربة حزب الله" اللبناني، تضافرت أسباب استثنائية لا يمكن من دونها فهم "الحزب" وصعوده، كما لا يمكن فهم أدائه في الحرب الأخيرة.

وما لاشك فيه أن الغزو الإسرائيلي في 1982 يبقى السبب الأوّل في هذه المسيرة الممتدة على ربع قرن. فهو العامل المباشر في ولادة الحزب مستفيداً من الإذلال الذي أنزله الإسرائيليون بالسكان الشيعة في الجنوب والبقاع، والذي ترافق مع تدمير الاقتصاد اللبناني وتوقّف الاستثمارات الخارجية، ومن ثم انكماش فرص العمل بين الشبيبة وتوسّع مساحة الفقر والتعاسة. وكان ما فاقم أثر العامل الإسرائيلي أن معظم الشبان الذين أصبحوا لاحقاً مؤسسي الحزب، تعرّضت عائلاتهم، وهم صغار السّن، للتهجير من المناطق المسيحيّة في شرق بيروت التي أقاموا فيها حتى حرب السنتين في 1975-1976. وبلغة أخرى، فإن حسن نصرالله وكثيرين من رفاقه وجدوا في الإذلال الإسرائيلي تتمةً وتتويجاً لإذلال وتهجير سبق أن تعرّضوا له وهم أصغر سنّاً.

لكن قصة ذاك الحزب لا تكتمل، ثانياً، من دون استعادة الثورة الإيرانيّة الخمينيّة التي لعبت في نشأتهم دوراً لا يقلّ عن دور الغزو الإسرائيلي. فإيران التي بدت منذ 1979 مهتمة بـ"تصدير الثورة"، والتي اندرجت في حرب شرسة مع النظام العراقي السابق، وجدت في هذه القبضة من الشبان المؤمنين أداتها للتأثير خارج نطاقها الجغرافي المباشر، ومن ثم تحسين مواقعها حيال الغرب عبر النافذة التي يشكّلها "حزب الله" على إسرائيل.

وإنما بالمعنى هذا، تولّى السفير الإيراني في دمشق، علي أكبر محتشمي، تأسيس الحزب ورعايته ومدّه بما يحتاج من مال وسلاح. وبدوره، فإن "حزب الله" الذي أخذ بمبدأ "ولاية الفقيه"، تولى من خلال شبكات عائلية تنفيذ عدد من العمليات الإرهابية ضد القوات المتعددة الجنسية في بيروت، عام 1983، فضلاً عن عمليات خطف الرعايا الأجانب ممن وفّروا لإيران وسوريا ورقة مقايضة مع الولايات المتحدة.

والسبب الثالث يكمن في وضع الطائفة الشيعية التي كانت تنتظر القائد. ذاك أن حرب 1975 أجهزت على القيادات السياسية التقليدية من آل الأسعد وحمادة وغيرهما، لمصلحة الإمام السيّد موسى الصدر، مؤسّس حركة "أمل". لكن في 1978، خُطف الصدر تاركاً وراءه طائفة بلا قيادة وحركةً هي موضع تنافس بين عدد من الطامحين. وقد ابتدأ "حزب الله" بوراثة الجناح الأكثر ديناميكية في "أمل" ممن عُرفوا بـ"أمل الإسلاميّة" وكان في عدادهم حسن نصرالله ابن العشرين عاماً يومذاك. بعد هذا، سارت العلاقات في مدّ وجزر تخللتهما، في الثمانينيات، اشتباكات دامية بين الطرفين، في بيروت والضاحية الجنوبية والجنوب، انتهى بها المطاف إلى تثبيت "الحزب" في موقع قيادة الطائفة.

والشيء نفسه يمكن قوله عن اليسار اللبنانيّ الذي كان يتمتع بقوّة ملحوظة في الوسط الشيعي، إلا أن الحرب والدور السوري في لبنان وجّها له ضربات قاصمة، فيما كان صعود الهويّات الطائفية والإثنية يحاصره ويضيّق عليه. ولئن بادر هذا اليسار إلى إنشاء المقاومة الوطنية للاحتلال الإسرائيلي، فقد تعاون "حزب الله" و"أمل" على تصفية بعض قياداته وكوادره ومثقفيه بحيث رُبطت المقاومة بهما حصراً، ثم بأولهما على حساب الثاني. وكان الهدف من عمل كهذا ضمان انضباط النشاط المقاوم بالخط الإقليمي الإيراني- السوري انضباطاً محكماً.

أما، رابعاً، فهناك الرعاية السورية التي استمرت في لبنان حتى العام الماضي. ففي ظل الرعاية هذه، أمّنت دمشق لـ"الحزب" المظلّة السياسيّة المطلوبة، وحوّلت قضية المقاومة التي يمثّلها إلى قضية مقدّسة لا تقبل المسّ ولا النقد أو المساءلة. بيد أنها، وهذا هو الأهمّ عمليّاً، وفّرت لـ"حزب الله" الوسيط الذي تصل عبره المساعدات العسكريّة الإيرانيّة، لاسيّما الصواريخ، مما راح يتعاظم سنةً بعد أخرى. وهذا كله ما كان ممكناً لولا تغليب القراءة السوريّة لاتفاق الطائف في 1989، الذي طالب بحصر السلاح في يد السلطة المركزية وحدها. فبموجب القراءة تلك اعتُبر أن تسليم سلاح الميليشيات لا يسري على الحزب كونه "مقاومة" لا "ميليشيا".

وخامساً، كان هناك وضع الدولة اللبنانية. فهذه الأخيرة كانت تعاقبت عليها، منذ 1975، الحروب والاحتلالات مؤدّية إلى حرمانها القدرة على أداء أدوارها الاجتماعيّة والخدميّة التي تتولاها الدول عادة.

هكذا وفّر "الحزب"، من خلال المعونات الماليّة الإيرانيّة، ما يشبه الدولة البديلة التي تقدّم لطائفتها خدمات تعليميّة وصحيّة واجتماعيّة كانت الطائفة الشيعيّة، ولا تزال، في أمسّ الحاجة إليها.

وجاء، سادساً، تفاهم نيسان/ ابريل 1996 الذي قضى بمنع التعرّض للمدنيّين في حرب إسرائيل و"حزب الله"، إثر مجزرة قانا العام ذاك، ليعطي "الحزب" طابعاً إقليميّاً ودوليّاً مكرّساً. ذاك أن الولايات المتحدة وإسرائيل باتتا تتعاطيان معه، ولو في صورة غير مباشرة، كأمر واقع معترف به، فيما بلد كفرنسا يتعاطى معه بمباشرة كاملة.

وكان للتحرير، سابعاً، دوره الكبير. فبغضّ النظر عن الإسهام الفعليّ لـ"الحزب" في حمل حكومة إيهود باراك، عام 2000، على تنفيذ برنامجها في الانسحاب من لبنان، عُدّ الأمر انتصاراً ضخماً للحزب.

فهذه، كما قيل مراراً، المرّة الأولى التي تنسحب فيها الدولة العبريّة من أراضٍ عربيّة من دون توقيع معاهدة سلام مع الدولة صاحبة الأرض.

أما ثامناً، فتندرج العوامل التي جدّت على إيران في السنوات الثلاث الماضية. فقد أفضت الحرب في أفغانستان، بعد 11 سبتمبر 2001، إلى إسقاط نظام "طالبان"، ومن ثمّ إراحة طهران من وضع حدوديّ مُعادٍ ومُقلق. وما لبثت الحرب على العراق أن أطاحت صدّام حسين، خصم إيران اللدود، وأتت بالقوى الشيعيّة المعروفة بصلاتها الإيرانية إلى السلطة. وقد تمثّل التطوّر الأهم في الارتفاع الصاروخي الذي راح يسجّله سعر برميل النفط الخام مؤدّياً إلى مراكمة البلايين في خزائن آيات الله الإيرانيين. وهذا جميعاً، معطوفاً على وصول الراديكاليّ والشعبويّ محمود أحمدي نجاد إلى رئاسة الجمهوريّة في طهران، حمل الأخيرة على مضاعفة المعونات المقدّمة إلى "الحزب"، وفي الوقت نفسه ارتفاع المعنويات والثقة في ما خصّ اتباع سياسات أكثر مبادرة وإقداماً.

ولا يمكن أن تُنسى، تاسعاً، الشخصيّة الكاريزمية واللينينية لحسن نصرالله، الأمين العام لـ"حزب الله" منذ 1992، عندما اغتال الإسرائيليون الأمين العام السابق عباس الموسوي. فالرجل الذي تلقى في شبابه بعض العلوم الدينية في إيران، ما لبث أن تكشّف عن وجه حديدي منكبّ على التفكير بالسلطة والمقاومة لا يثنيه عن ذلك مقتل نجله هادي في إحدى المواجهات مع الإسرائيليين. وغني عن القول إن هذه الطبيعة النضالية تختلف تمام الاختلاف عن طبيعة باقي السياسيين اللبنانيين المصنوعين من عجينة أخرى يصعب بها التنافس مع زعيم "حزب الله". كذلك، ساد حرص ملحوظ على ألا يظهر "الحزب" بمظهر فاسد أو عديم الكفاءة أو قليل الجديّة، وهي كلها مواصفات ليست مألوفة كثيراً في حيّز السياسة اللبنانيّة.

وعاشراً وأخيراً، وقعت الحرب الأخيرة في ظلّ نظرية عسكرية إسرائيلية ثبت أنها بائدة. فمفهوم الردع الموروث عن الحروب العربية- الإسرائيلية السابقة، بل عن عهد الحرب الباردة، مبني على مقاتلة الجيوش الكلاسيكية الجرارة، وهو ما لا يصحّ في حرب العصابات التي يتبعها "حزب الله". لكن مفهوم الردع إياه، لاسيما في ظلّ تولي دان حالوتس رئاسة أركان الجيش الإسرائيلي، هو الذي كان سابقاً قائداً لسلاح الجوّ، عنى التركيز على الطيران وفعاليته المطلقة. لكنْ بغضّ النظر عن درجة تأثّر الإسرائيليين بتجربة كوسوفو (على ما أشار عدد من المراقبين والمعلقين) يبقى أن هذه الممارسة لم تكن بالغة الفعالية في جنوب لبنان. والحال أن الاستراتيجية تلك ربما أفضت إلى مزيد من التعاطف مع "حزب الله" إذ دفع المدنيّون الأبرياء ثمنها أكثر بكثير مما دفع المقاتلون.

لقد تضافرت الأسباب المذكورة أعلاه لتنجب حزباً قوياً واثقاً من أنه حقق انتصاراً "تاريخياً"، بحسب وصف أمينه العام. أما مصير لبنان البائس، والذي يتجسّد بؤسه في صعود "حزب الله"، فموضوع آخر.

الاتحاد الاماراتية
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024