الخميس, 25-أبريل-2024 الساعة: 09:17 م - آخر تحديث: 09:17 م (17: 06) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
إصلاح النفوس بين (طبائع الاستحباب) و (طبائع الاستبداد)



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


إصلاح النفوس بين (طبائع الاستحباب) و (طبائع الاستبداد)

الخميس, 15-فبراير-2007
بقلم : أ.د . محمد بن حمود الطريقي - الكتابة هذه المرة، مختلفة تماماً، فهي لن تتدخل في شؤون السياسة ولن تلعن حظ الاقتصاد العاثر، ولن تجيب على أي سؤال من أسئلة الوضع الفكري المتردي الراهن، إنها كتابة في طبائع الاستحباب وليس الاستبداد، وهي البداية التي تقدم لكل معاني العلائق الاجتماعية النفسية ذات الأثر على كل الأضداد والمتناقضات التي تحكم هذه العلاقات.


تأتي هذه الكتابة بعد ما عجّل أحدهم بإخباري عن إساءة أحدهم لي وعن نيته تقنين هذه الإساءة وفق معطيات لا تخضع لمنطق مقبول، أو قاعدة متعارف عليها، وأصرّ ذلك المخبر على معرفة ردي ومدى استعدادي لمواجهة هذه الإساءة، بل وأراد أن يعرف ما مخزوني من الألفاظ النابية، والأفكار السوداء، والافتراءات الجاهزة والحقائق المقلوبة، التي يمكن أن أرد بها على كل رأي ضدي أو مسيء لي عن قصد أو غير قصد ... ويا لخيبة أمله ، فمخزوني لا يملك إلا سلاحاً واحداً هو سلاح المحبة وهو أفتك وأشد الأسلحة على الكريم واللئيم معاً !!!


إن أي شخص يعطي رأيه في شخصي أو عملي أو اسلوب تعاملي مع قضيتي هو شخص بالبداية يستحق كل احترام وتقدير مني، مهما كان هذا الرأي حتى لو وصل إلى حد الإساءة أو الإضرار بي ، لأنه بكل بساطة هذا يعني لي نقاء سريرته، وصفاء صدره، وأنا لا أخشى على نفسي إلا من المتربصين المتلونين الذي يمتطون النفاق حباً إذا ما أقبلت الدنيا وكراهية إذا ما أدبرت.


في تجربتي ، أن العلاقات تبنى على أسس الوضوح والمكاشفة ، ثم تعزز على أسس المساندة والمواقف العظيمة، ثم تتخذ طبائعها على أسس تبادل الآراء والاجتهادات والتي تتخذ أشكال النقد الهادف تارة والنصح تارة أخرى، ويكون طابعها الأوحد هو المحبة، لذا فإني لا أملك أن أزيّف تاريخي في أي علاقة كانت، أو أتناسى ما بها من كرم ، واستذكر ما بها من لؤم، فقط أنا أحفظ تاريخ علاقتي بكل ما فيها، ولا يثيرني للرد إلا في مواطن الكرم، أما المواطن الأخرى فهي للصغار .. وأنا كل علاقاتي مع الكبار .. والكبار في كل شيء.

سأبقى أعمق ما في نفسي من فلسفة المحبة، وإن كان أحدهم قد بادرني برأي فيه بعض القسوة، فالعيب ليس فيه أو منه ، بل العيب مني لأني على ما يبدو لم أفيه حقه من المحبة المرجوة التي يؤملها مني، لذا فليس له عندي إلا مزيد من المحبة من كل شكل وعلى كل جانب.

لابد لنا من التفريق بكل وضوح بين قدرة المرء على التعبير عن نفسه وعن معاناته، وبين قدرته على إنكار الجميل وعدم الاعتراف بالفضل، ومهما أراد أياً كان ممن يعرفونني جيداً أن يحكوا معدني من أي جانب، فلن يجدوا إلا الريح الطيب ، فكما أنك لا تجني من الشوك العنب، فأنت أيضاً لن تجني من العنب أي شوك، وأنا دائماً في كل هذه العلاقات أبحث عن الشهد الصافي وهو ما لا يمكن الحصول عليه إلا بتحمل شيء من إبر النحل !!


إن أردت أن تملك الكريم فأكرمه، وإن أردت أن تملك اللئيم فأكرمه أيضاً، لأن الكريم بإكرامك له ستجني إكرامه لك، واللئيم بإكرامك له ستجني تأهيلاً له، لأنه بالأصل مريض .. ولكن تأكد تماماً أن كل كرم دونه لؤم فاللؤم أولى به، وكل لؤم دونه كرم فالكرم أولى به، وأنا أنظر دائماً إلى كل كرم أنه كرم بلا لؤم، وأنظر إلى كل لؤم قد يوجه لي إلا أن دونه شيء من الكرم فأطمح بهذا الشيء.. وهذه هي طبائع الاستحباب التي تجمع الكريم باللئيم.


لقد كان قدوتنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقابل اللؤم بالمحبة.. (إذهبوا فأنتم الطلقاء) وشواهد التاريخ مليئة بالمواقف التي انتصرت بها المحبة على كل الأسلحة البشرية .. بالمحبة فُتحت مكة المكرمة .. بالمحبة حُررت القدس .. وبالمحبة صار الإسلام أكثر دين إنتشاراً بين البشر.
بعد كل هذا وذاك أيبقى لي غير المحبة سلاح وعقيدة ؟!

أبشرك يا أخي وأبشر الجميع، أن مفرداتي من الإنكار والقدر ليست واهية ولا تصلح لأي رد فعل ، وأن مفرداتي من المحبة تتجاوز كل اللغات، لا لأني مميز عن الغير، بل لأني لم ألقَ من الغير إلا كل محبة، حتى مَن مارس اللؤم معي مارسه لمحبته لي !! ولا تعجبوا من ذلك .. فما هذه نرجسية إنها طبع واحد من طبائع الاستحباب التي تدحض طبائع الاستبداد في الشخص وفي السلطة التي يملكها .. وعلى حسب نواياكم ترزقون .

ستبقى المحبة تحكم هذه العلاقات ، وسأبقى أكتب عنها وأعزز كل مفاخرها الجميلة، بل وأقدم مشاريع حضارية بها فكراً ونشراً ، مهما كان رأي الغير بها ، فالدعاوي لا تقام على المحبين والمشانق لا تعلق لمن يمارسون طبائع الاستحباب بل لمن يمارسون طبائع الاستبداد ، وهذه كتابة في إصلاح النفوس.
* خبير تأهيل دولي
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024