الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 08:56 م - آخر تحديث: 08:44 م (44: 05) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
التاريخ لا يعيد نفسه.. أنه يمضي للأمام



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


التاريخ لا يعيد نفسه.. أنه يمضي للأمام

الثلاثاء, 10-فبراير-2004
المؤتمرنت- فيصل الصوفي -
من المسكوكات اللغوية التي يشيعها الجامدون والسلفيون، أن التاريخ يعيد نفسه، وهم يسعون لاستعادته طبعاً وأن لم يفعل، وفي هذا السياق تذكر مقولات لرجال أوائل مثل: لا يصلح آخر الأمة إلا بما أصلح أولها، وأن تخلف المسلمين يرجع إلى كونهم تركوا دينهم وراءهم،وتبرير هذا الحنين إلى الماضي ودعم الاتجاه الداعي للعودة إلى الإسلام الذي يتبناه الإسلاميون جميعاً وعلى اختلاف تياراتهم وأهدافهم ووسائلهم تم تكريس مقولة شاعت بقوة في مجتمعاتنا مؤداها أن الإسلام في هذا العصر لا وجود له في الحكم، والحياة العامة عدا بعض مظاهر العبادات التي تؤدى يومياً من قبل المسلمين كوظيفة أو عادة مجردة من أية قيمة أخلاقية أو وظيفية، وإذا حدث حادث يروق لهم أو يتشابه في بعض الحزئيات مع حوادث وقعت في العصور الأولى للدعوة الإسلامية قالوا أن التاريخ يعيد نفسه وأن هذا الحادث أو ذاك مؤشر على إمكانية استعادة الماضي أو العودة إلى التاريخ الغابر، ومن هنا يمكن فهم انكبابهم على عنايتهم بالنصوص القديمة وأقوال وأفعال الأسلاف الأوائل وتقليدها أو محاكاتها وتحويلها إلى راس المال الوحيد الذي يستحق العناية حفظاً ودرساً ونشراً وتقديساً والدفاع عنه بالحق والباطل، ويتم أقناع الأمة بشتى الوسائل وأن هذا التراث الذي خلقه المسلمون الأوائل هو رأسمالها المتبقي لها لكي تنهض وأن أعظم ما يمكن أن تفعله هو أن تبني حياتها الجديدة على صورة ذلك القديم، وكأن هذه الأمة ظلت لأكثر من ألف سنة في غيبوبة أو بطالة لم تنتج شيئاً له قيمة. فوجدت نفسها اليوم أنها بحاجة للعودة للخزانة التي أودع فيها الأولون معارفهم.
وأن هذا المنهج السلفي الجامد له سمات أخرى كلها لا تعتبر من الماضي ولا تأخذ بدروس التاريخ ولا تفكر تفكيراً علمياً ولا تعايش العصر، ومن هذه السمات تصور أن التاريخ أو الزمن يدور حول دائرة مغلقة يبدأ عند نقطة معينة ويعود للمرور بها ثانية وبالتالي فإن التراث الإسلامي الذي تركناه عند نقطة ما في محيط الدائرة يمكن الرجوع إليه بالسير في الاتجاه الأخرى للدائرة، وقضية الرجوع أو العودة هذه تحمل دلالة واضحة عند أصحاب هذا المنهج، أن الدين أو الإسلام أو التراث شيء ما مثل كتلة منفصلة عن الإنسان أو عن المجتمع تركت هناك أو تم التخلي عنها، وحان الوقت للعودة إليها اليوم.. وواضح أن الأمر ليس كذلك فأمة الإسلام كباقي الأمم لها تاريخ يسير بخط مستقيم متصاعد كل نقطة أو مرحلة فيه تختلف عن الأخرى وتمثل كل خطوة أو مرحلة تقدماً على سابقتها وهذا هو معنى إن الأمم تتقدم أو تتطور ، وهي حين تتقدم لا تكون معزولة عن تراثها أو ثقافتها أو دينها بل تحمله معها لأن جزء من هويتها وحضارتها، والمسلمون اليوم تقدموا عما كان عليه حالهم قبل قرون مثلاً وهذا التقدم هو حصيلة تراث حضاري وإبداع ثقافي وعملي فيضاف مع تجاربهم اليومية المعاصرة بمعنى أنهم يخلقون جديداً إلى جانب التراث الماضي الموجود بيننا بشتى الصور والأشكال، أي أن الماضي الثقافي والديني مندمج فينا، ومن الغباء – بالتالي- القول أن المسلمين تركوا دينهم وتراثهم وأصبحت حاجتهم إلى النهضة تستدعي الهجرة إلى الماضي.
ومن سمات منهج السلفيين في الحركة الإسلامية المعاصرة البعد عن العلمية وتجاهل قوانين التطور الاجتماعية والطبيعية، فتراهم يتحدثون عن إمكانية إعادة التاريخ والعودة إلى عصر السلف الأول، ويتصورون المجتمع كشيء مستقل عن الزمن والمكان وكتلة خاملة يمكن نقلها من مكان إلى أخر دون حدود أو عوائق، فيريدون مثلاً العودة بنا إلى عصر السلف متناسين التطورات والتغيرات التي حدثت منذ ذلك العصر وحتى العصر الحاضر، والعكس أيضاً غير ممكن، فلا يمكن تطبيق قوانين ذلك العصر على عصرنا كما كانت عليه.
إن عودة التاريخ خرافة واستعادة الماضي مستحيل، كما هو الحال مع الموتى أيضاً فقد تلبس الميت أجمل الثياب لكن إعادة الحياة إليه غير ممكن إلا على يد نبي مثل عيسى عليه السلام.. استعادة شيء من الماضي السحيق لكي يطبق في الحاضر ضرب من العبث وإهدار الوقت والجهد في تكريس التخلف وإعاقة التطور، ما يمكن أخذه من الماضي ككتلة مستقلة هو القطع الأثرية وحدها، وحتى أشكال اللباس التي يظهر عليها.
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024