الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 07:11 ص - آخر تحديث: 11:05 م (05: 08) بتوقيت غرينتش
Almotamar English Site
موقع المؤتمر نت
الدين.. الصحابة.. السياسة«3»



خدمات الخبر

طباعة
إرسال
تعليق
حفظ

المزيد من قضايا وآراء


عناوين أخرى متفرقة


الدين.. الصحابة.. السياسة«3»

الجمعة, 13-نوفمبر-2009
نصر طه مصطفى - أتصور أنه يمكن أن نطلق على الإنسان أنه (كائن سياسي) إضافة إلى جميع التوصيفات السابقة التي تطلق عليه عادة، وذلك لأن داخل كل منا سياسي يمارس السياسة منذ مراحل طفولته الأولى، فالطفل عندما يمارس الحيلة على والديه للحصول على شيء يحبه إنما هو في الحقيقة يمارس السياسة وإن بدت بصورتها الساذجة أو البريئة، والموظف العادي الذي يستجمع فكره وأسانيده ويستحضر كل ما يمكنه من الحيل للحصول على حق ضائع له إنما هو في الحقيقة يمارس السياسة وإن لم يقصد ذلك... وهكذا البشرية منذ خلقها الأول عرفت السياسة ورافقتها في كل مراحل تطورها، ومنذ قرر (إبليس) التمرد على خالقه عز وجل للأسباب المعلومة المتعلقة بمشاعر الكبر العنصرية التي اعترته جراء أمر الله تعالى له بالسجود لآدم عليه السلام فإن البشرية لم تعرف الاستقرار منذ ذلك الحين وغرقت في الممارسات السياسية الخالية من القيم... ولذلك اقتضت سنة الله تعالى أن يرسل الأنبياء عليهم السلام بين الحين والآخر لمختلف الأقوام لإعادة السكينة إلى النفوس والأخلاق إلى قيمها الأصيلة والمفاهيم إلى صوابها حتى تستقيم حياة الناس كما يريدها خالقهم لهم، حتى ابتعث عز وجل خاتم الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم بالدين الكامل والنعمة التامة المتمثلين بالإسلام الذي ارتضاه للبشرية بأكملها وجاء ليحرر البشرية من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد وهذا هو الجوهر الحقيقي الذي تميز به الإسلام عن باقي الديانات وكذلك عن باقي الحضارات التي كانت قائمة في ذلك الحين.
إن من يرزقه الله الحكمة يوفقه بلاشك لحسن التأمل في المقاصد الكريمة والعظيمة والنبيلة التي جاء بها الإسلام والتي تجعل منه دينا صالحا لكل زمان ومكان، فهو الدين الذي يتسق مع الفطرة التي خلق الله الناس عليها، ولذلك كما نجد الفطرة السوية تأنف من التفلت الأخلاقي فإنها في الوقت ذاته ترفض التشدد والتنطع باسم الحفاظ على القيم والأخلاق... وكما نجد الفطرة السوية تعشق الحرية فإنها في الوقت ذاته تكره الاستبداد وبالذات عندما يتلبس لبوس الدين... وكما نجد الفطرة السوية تعشق المساواة وتتمثل المقصد الرباني من خلق الناس (شعوبا وقبائل) بأن غرضه التعارف والاندماج والتعايش فإنها في الوقت ذاته تبغض كل من ينحرف بهذا المقصد الشرعي العظيم إلى مقصد إبليسي يتمثل في التمايز والاستكبار والعصبية وتعالي بعض البشر على البعض الآخر بالحجة الإبليسية (أنا خير منه)... ولذلك فقد جاء الإسلام ليكرس قيم العدل والحرية والمساواة وليحث على التحلي بمكارم الأخلاق بينما ترك قضايا الناس في عمومها للاجتهاد البشري ليختاروا ما يلائم العصر الذي يعيشون فيه في إطار تلك الضوابط الأخلاقية والمقاصد العليا... وفيما عدا المسائل التي نص عليها القرآن الكريم والمعروفة (بآيات الأحكام) فإن مساحة الاجتهاد كبيرة وواسعة لتجعل من الإسلام كقيم ومبادئ حاضرا في كل زمان ومكان، وهو ما ينطبق على العمل السياسي والنشاط السياسي والخلاف السياسي ولذلك لم يستخلف الرسول صلى الله عليه وسلم أحدا من بعده لأنه لا يمكن أن يناقض ما جاء به، ناهيك أنه يعلم أن أمته قد بلغت الرشد وأنه لم يتركها بلا هدى تستهدي به طريقها من بعده... ولولا كل ذلك ولولا القيم العظيمة التي تركها لهم ولنا على السواء لما مارس الصحابة رضوان الله عليهم السياسة بذلك المستوى الرفيع والراقي في (سقيفة بني ساعده)، ولست أدري لماذا يصر البعض على اعتبار ممارسة الصحابة للسياسة كأنه عمل معيب في حقهم، فإذا سلمنا بأن الإنسان كائن سياسي بطبعه وفطرته فلن يعيبه حينئذ سوى استخدامه لها بأساليب غير أخلاقية، أما الخلاف السياسي فهو حقيقة بشرية أزلية، وليس عيبا أن يختلف الصحابة بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم فهم ليسوا ملائكة وليسوا معصومين، كما أن خلافهم لا يقدح في الإسلام بشيء لأن الإسلام دين واقعي وضوابطه وقيمه واضحة بينة... والفارق هو بين من يمارسها بلا ضوابط ولا أخلاق ومن يمارسها متحليا بالضوابط والأخلاق، والصحابة مارسوها وهم متمسكون بأعظم وأنبل القيم والأخلاق، والأولى بمن يسيء إليهم لأسباب إبليسية عنصرية أن يستحضر قيم الدين ومقاصده ورسالته العظيمة للبشرية، ويكفي أن ندرك أن دعاوى هؤلاء العنصريين تضرب قيم العدل والحرية والمساواة بضربة واحدة في مقتل فما الذي يبقى من الإسلام الرباني الذي بعثه الله للبشرية؟! وهل يدركون أنهم بعنصريتهم يجعلون من الإسلام وكأنه أحد مخلفات العصور الرومانية والفارسية وما سبقها التي جاء الإسلام أساسا ليحرر إنسانها من عبودية سادتها؟!
comments powered by Disqus

اقرأ في المؤتمر نت

بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام المتوكل.. المناضل الإنسان

07

أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتورالمؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني

01

راسل القرشيبنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!

21

عبدالعزيز محمد الشعيبي 7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد

14

د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي* المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس

14

توفيق عثمان الشرعبي«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود

14

علي القحوم‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل

12

أحمد الزبيري ست سنوات من التحديات والنجاحات

12

د. سعيد الغليسي أبو راس منقذ سفينة المؤتمر

12

إياد فاضلتطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م

03

يحيى علي نوريعن هدف القضاء على حماس

20

فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬

15

بقلم/ غازي أحمد علي*‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني

15








جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024