مسكين سحاب اليمن..!! لو قُدِّر للسحاب الماطر في اليمن أن يتكلَّم لما تردَّد في القول : هيَّا كيف.. ما الذي تريدونه أيُّها اليمنيون؟ إذا تأخَّر المطر خرجتم للاستسقاء قالبين الأكوات.. نازعين الصمايط.. طالبين من اللَّه الغيث رحمة للأطفال الرضَّع والشيبات الركَّع.. أو حتى رحمة للبهائم العجماء.. فإذا جاء المطر ارتفعت صرخاتكم الشاكية من أن بشراً غرقوا وبهائم نفقت. ومع السحابة كل الحقّ.. فنحن -ولا شماتة في الذات- أمَّة عجب حتى في الموقف من أمطار نحن دائماً في أمسّ الحاجة لهطولها.. لأننا ببساطة بلد فقير للماء لا نملك نهراً وليس عندنا من الأموال ما يكفي لتحلية البحر. ولقد مرَّ اليمن بسنين طويلة من شحّ الأمطار بصورة ضاعفت المعاناة المزدوجة من أمور كثيرة فشلنا في التعاطي معها.. لكن في التغييرات المناخية في العالم ما يبشِّر بانعكاس إيجابي على الأحوال المناخية في اليمن إذا ما أحسنَّا استقبالها وتوظيفها في ما ينفع. ويحمل هذا الصيف بشائر أمطار غزيرة بفضلٍ من اللَّه ورحمة.. لكننا ما نزال نمارس عادتنا القديمة في «القدرية» بمعناها المغامر وليس بمعنى «اعقلها وتوكَّل».. الأمر الذي يفضي إلى عشرات القتلى.. حيث شهدت أيام قليلة وفاة أربعة عشر شخصاً وما يزال الصيف في أوَّله. ولا أعرف إذا كان في الكتابة عن ضحايا السيول تعدِّياً على أولويات بلد مشغول بالسياسة والحوار وضرب المسامير.. لكن المسؤولية المهنية والوطنية والأخلاقية تقضي بأن يرتفع منسوب التوعية للمواطنين بتجنُّب مخاطر الأمطار والسيول.. لأن الذي يحدث أننا نشكو عدم نزول المطر ونشكو عواقب ما بعد هطوله. مسكين سحاب اليمن وهو يكرر : ما الذي تريدونه بالضبط؟! |