اللطمة الأخيرة... ليس من المتوقع أن تنجح الجهود الدولية في إثناء إيران عن تخصيب اليورانيوم... وليس من المحتمل ان تقدم واشنطن علي اجراء عسكري ضد ايران.... وبذلك تكون ايران قد افلتت من مصيدة الابتزاز النووي الذي تمارسه أمريكا وإسرائيل!! وفي كل المعارك والمواجهات التي خاضتها أمريكا لمنع الانتشار النووي, اخفقت السياسة الأمريكية اخفاقا تاما, إلا بالنسبة للدول التي لا تملك قرارها, فكانت النتيجة كما نري: دولا تحتفظ بخطط مستقبلية وإرادة سياسية مكنتها من حيازة القدرات النووية وإقامة بنية علمية معتمدة علي ذاتها. ودولا خرجت من السياق العالمي استجابة لمطالب ورهانات لم ولن تتحقق. ومنذ اللحظة التي سعت أمريكا فيها إلي احتكار التكنولوجيا النووية وقصرها علي الدول الخمس الكبري, أدرك الحكماء في العالم أن معاهدة حظر الانتشار النووي لن تطبق إلا علي الدول الصغري. ومن أوائل الدول التي جري استثناؤها كانت إسرائيل التي حصلت علي اول مفاعل نووي لها من فرنسا في الستينيات, ولم يطالبها أحد بالتوقيع علي معاهدة حظر الانتشار النووي, بل شاركت امريكا ودول أوروبية في مؤامرة صمت للتغطية علي الانشطة النووية الإسرائيلية, التي تصاعدت وتطورت من الاغراض المدنية إلي إنتاج أسلحة نووية. وقد أدركت الهند ببعد نظرها انها لا تستطيع ان تترك مصيرها للعبة الخداع العالمي, تحت رحمة حرب باردة, وفي جوار دولة نووية كبري منافسة هي الصين, وفي خضم نزاع دموي مع باكستان, ووسط بيئة آسيوية مضطربة فنجحت في الحصول علي مساعدة روسيا لبدء برنامجها النووي, وسرعان ما اعقبتها باكستان بقدرات نووية بمساعدة الصين, وفي كلا الحالين كانت هناك قدرات علمية ذاتية وإرادة سياسية... فلم تفلح الضغوط والعقوبات الاقتصادية والسياسية الأمريكية في منع الهند وباكستان من تطوير برامجهما النووية, وشجع الاستثناء الإسرائيلي كلتا الدولتين علي رفض هذه الضغوط. وليس هناك شك في أن سياسات الهيمنة الأمريكية التي ازدادت عنفوانا مع نهاية الحرب الباردة وسقوط الاتحاد السوفيتي, قد عجلت بتطوير البرامج النووية للهند وباكستان إلي مرحلة إنتاج اسلحة نووية ولجأت كوريا الشمالية إلي نفس الأسلوب بسبب الضغوط الأمريكية وتهديدات القواعد العسكرية الأمريكية في كوريا الجنوبية, فحصلت علي مساعدات تقنية من الصين وروسيا في المجال النووي. ولم تكن إيران التي تعرضت منذ سقوط الشاه وصعود الثورة الإسلامية لسياسات عدوانية أمريكية وحصار اقتصادي وسياسي, بعيدة عن سلوك نفس الطريق الذي سلكته كوريا الشمالية. حيث نجحت في اكمال برنامجها النووي, وعندما اعلن أحمدي نجاد أخيرا ان إيران نجحت في تخصيب اليورانيوم, ولن تتراجع عن موقفها, كانت تلك هي اللطمة الأخيرة لسلسلة من الاخفاقات الأمريكية, نتيجة سياسات اعتمدت علي غطرسة القوة العسكرية وازدواجية المعايير, ولمحاولات مستمرة لإذلال الشعوب واستغلالها |