الجمعة, 26-أبريل-2024 الساعة: 03:43 م - آخر تحديث: 03:37 م (37: 12) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
ثقافة
المؤتمر نت - الدكتور/ عبد العزيز المقالح
بقلم الدكتور/ عبد العزيز المقالح -
كمال أبو ديب والفرادة في النقد والإبداع
بداية،أعترف بأنني أجلّ الناقد والشاعر كمال أبو ديب وإنني أجلُّ فيه – قبل انجازاته في مجال النقد الأدبي وقبل شعره – انسانيته الشفيفة ونزقه الجميل وكبرياءه القائمة على التعالي عن الصغائر، وأجله مثقفاً محرضاً ومتفلتاً من الانتماءات السياسية والأقلياتية تلك التي تضغط مشاريع المبدعين الكبار وتحولها الى كبسولة صغيرة في جيب اتباع الطائفة أو المذهب.
وكمال أبو ديب – حين ينصفه أبناء جلدته العربية – سيعترفون انه أحدث انقلاباً جذرياً في بنية النقد الأدبي الحديث وانه واحد من عرب قلائل جداً عاشوا في الغرب وأدركوا بجلاء أبعاد مشروعه الامبريالي الهادف الى السيطرة على هذا العالم ثقافياً وسياسياً، وانه غرب مخيف قائم على المغامرة في كل شيء مغامرة في الفن وفي الأدب وفي السياسة والاقتصاد وفي البحث الدؤوب عن الجديد.
كان لكمال أبو ديب شقيق روح تماثلت مواقفهما من الفكر والفن والناس ذلك الشقيق هو الراحل إدوارد سعيد، المفكر والناقد الأدبي الرصين والمناضل العربي الرافض لأنصاف الحلول، لقد تشابها وتعاونا في تصحيح صورة العرب المغلوطة في الغرب وأدركا خطورة الذوبان في الآخر والانبهار بمنجزاته التقنية كما أدركا أهمية الحداثة بصفتها ضرورة حتمية في الحياة والآداب والفنون وفي مواجهة الأنماط الثابتة والمألوفة في الابداع والنقد الأدبي. وهذان الشخصان العلمان يشكلان بحق نموذجاً لقلة عربية لا تتجاوز في عددها أصابع اليد الواحدة ممن أعطوا الغرب في مجال المعرفة أكثر مما أخذوا منه، وهي صفة جديرة بالتنويه والاعتبار والإجلال ودليل على ان العربي قادر على تأكيد الندية في المجالات المعرفية الأدبية والفكرية وهي أصعب من تحقيق الندية في مجالات العلوم الرياضية والتقنية.
لقد تكونت صداقتنا – كمال وأنا – عبر مجموعة من المفاجآت المدهشة، اسمحوا لي أن أتوقف عند أربع منها:
1 – المفاجأة الأولى وكانت قبل أن نلتقي وجهاً لوجه، وتتمثل في كتابه المدهش (في البنية الايقاعية للشعر العربي) كنت يومها طالباً في مرحلة الدكتوراه بجامعة عين شمس وتحول الكتاب – يومئذ – الى موضوع للنقاش المبهر والى حوار إعجاب لا ينتهي كما كان حديث الزملاء والأساتذة في الكلية وخارج الكلية، لما تضمنه من استقراء صبور ودقيق لبنية الإيقاع كما اقترحها الخليل بن أحمد، مقترحاً هو من بعد بديلاً جذرياً قائماً على نظرية النبر.
2 – المفاجأة الثانية – وكانت قبل اللقاء أيضاً – من خلال ترجمته الفنية الباذخة لكتاب الاستشراق لزميله ادوارد سعيد. ولم أكن أدري أن الترجمة ينبغي أن تكون بهذا المستوى من اللغة الفاتنة والآسرة في آن. وشاهد أهمية هذا الكتاب تركيزه على إشكالية الذات والآخر وانه – أي كتاب الاستشراق – نقل مقولة الآخر الى أفق جديد فضح نيات الاستشراق والصورة التي خلقها عن العرب وثقافتهم كما تتجلى في ثقافته وأدبه.
3 – المفاجأة الثالثة حين التقيت به للمرة الأولى في صنعاء استاذاً زائراً ثم مقيماً للتدريس في قسم اللغة العربية بكلية الآداب، فقد أذهلني وبهرني تواضعه وجمال روحه وصفاء نفسه وإخلاصه في أداء واجبه العلمي وحرصه على ان يمكن طلابه من الانخراط في اللحظة الحضارية المعاصرة من دون أن يتخلوا عن مكوناتهم الذاتية والموضوعية أو يتناسوا ما تفرضه أصول المنهج العلمي من رصانة وتقص ومن جرأة وتبصّر.
4 – المــــــفاجأة الرابعة التي زادت من تعميق صلتي بهذا الصديق الرائع كتابه «الرؤى المقنعة – نحو منهج بنيوي في دراسة الشعر الجاهلي –» الذي ساعد على ازدياد تواصلنا بتراثنا الشعري القديم وتمتين رباطنا عمقاً واتساعاً بهذا الإرث الإبداعي الذي يؤكد أهمية المكونات الأولى للثقافة العربية في صورتها الشعرية القابلة للتجدد والاستمرارية، مقترحاً رؤية الشعر الجاهلي وقراءته بمنظور تحليلي يكشف الوحدة داخل بناه النصية وما تركه الإرث الشعري من إنجاز.
بعدما سبق تجدر الإشارة في هذا السياق الى ان كمال أبو ديب الناقد والمبدع كتب شعراً جميلاً عذباً تجاوز به شعر أبناء جيله بمسافات كبيرة، لكن شهرته العالية في مجال النقد الأدبي ألقت بظلالها على هذا المنجز الشعري وما حفل به من طاقة هائلة على التأمل والايحاء. كما انه يكتب نثره بطريقة لامعة وآثرة، ودلالة ذلك محبته للغة العربية تلك المحبة التي تكاد تختبئ وراء كل سطر وخلف كل كلمة. ولغته الرشيقة الجميلة لا تعوق ايصال أفكاره وتحليلاته العميقة كما يتوهم البعض بل هي على العكس من ذلك وسيلة إيصال راق، وفي الوقت ذاته وسيلة استقطاب للقارئ المثقف وللقارئ المتخصص... في أوروبا وفي فرنسا بخاصة يكتبون نقدهم وتحليلاتهم الفلسفية بلغة بالغة الرقي يقرأها القارئ وهو يحلق في فضاءات من الموسيقى الناعمة، أما نحن فيراد لنا ان نهبط بمستوى اللغة حتى لا تعلو عن لغة الجرائد التي كثيراً ما تكون هابطة وممسوخة.
أخيراً، كل لغة تلد موسيقاها أو انها تولد مع موسيقاها، ولغتنا العربية واحدة من أقدم لغات العالم التي اكتسبت موسيقاها المميزة عبر العصور. وكمال أبو ديب يكتب بهذه اللغة ذات الشعرية الفائقة مستمداً جماليات تعبيره من هذه اللغة التي تنبه مبكراً الى ما تنطوي عليه من إيقاعات صوتية غنية وما يضيفه اليها مستويات التركيب والمعاني الضدية من جماليات ذاتية عالية. ونحن في حاجة دائماً، أو على الأقل بين حين وآخر، الى ان نكتشف لغتنا وأن يكون بيننا من يقوم بهذه المهمة بالنيابة عنا. وما فعله كمال أبو ديب في هذا المنحى كثير وكبير حتى لا تتحول العربية الى لغة قروية فقيرة تحمل محوها وتدميرها في ذاتها لخلوها من امكانات جمالية تحافظ على وجودها. وهي في الأصل والمصدر لغة غنية في موسيقاها وفي تحولاتها، وفي المعاني والأشكال والألوان الدقيقة المتباينة التي تعبر عنها. وأجزم ان كمال واحد من المبدعين والمفكرين المعاصرين الذين أدركوا ان اللغة العربية واحدة من اللغات العظيمة التي عليها ان تصارع لا من أجل الوجود والبقاء وإنما لتؤسس مشروع نهوضها الجمالي الذي يمكن تنميته في أشكال مختلفة بعيداً من التقليد والاجترار والخوف من عالمية اللغات الأخرى.
وما أعمال كمال إلا تجسيد راق، علمي ومعرفي وجمالي لهذا الإدراك المدعم بالذائقة والرهافة والمتابعة المتجلية في تحليل النصوص ورصد تحولاتها الجمالية الفنية... وبهذا كانت فرادة كمال بين نقاد جيله وباحثيه.

نقلاً عن الحياة








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "ثقافة"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024