الأربعاء, 01-مايو-2024 الساعة: 03:54 م - آخر تحديث: 03:48 م (48: 12) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
فنون ومنوعات
المؤتمر نت - .
المؤتمرنت /السـيد زايـد* -
20 ألف جريمة اغتصاب سنويًّا في مصر
لم أنسَ أبدًا تلك الدموع المتحجرة في عينيها وخيوط الحزن التي تجمعت فوق صفحة وجهها البائس وهي تحكي لي عن واقعة اغتصابها، فذات ليلة كئيبة وهي في طريق عودتها من عملها بأحد مستشفيات القاهرة اختطفها ثلاثة من مجرمي الأخلاق لينتهكوا آدميتها، حكت لي كيف أن قلبها مات في تلك الليلة ودفنته هناك في حفرة عميقة داخل نفسها، وكيف حلقت شعرها وأضربت عن الارتباط. تمنيت لو أمكنني مساعدتها لكني لم أعرف كيف؟ ودّعتها وانصرفت لكن تلك الفتاة تركت بداخلي قصة سيئة تمنيت لو تخلصت منها يومًا ما.

كان لقائي معها منذ ثلاث سنوات وتخيلت أنني نسيت الواقعة، لكنها قفزت إلى الذهن إثر حادث التحرش بفتيات ومحاولة اغتصابهن بوسط القاهرة، ففي أول أيام عيد الفطر قام أكثر من 20 شابًّا بالاعتداء على 3 فتيات، وحاولوا هتك أعراضهن في الشارع العام لولا تدخل المارة، الأخطر من الواقعة هو رد فعل رجال الأمن، فضابط الشرطة قال "دعوهم نحن في عيد"، وهو رد فعل طبيعي جدًّا فماذا ننتظر من رجال شغلهم الشاغل هو سحل المتظاهرين ضد الفساد والمعارضين للتوريث، والمنادين بالإصلاح وإلقائهم خلف القضبان.

الثلاثاء الأسود

كان كتاب المدونات أول من كشف الواقعة وأطلقوا عليها "أحداث الثلاثاء الأسود"، في حين أصدر "مركز الجنوب لحقوق الإنسان" بيان بأن مجموعة كبيرة من الشباب قامت طوال أيام العيد بالتحرش بالنساء والفتيات في وسط البلد، ووصل الأمر إلى حد تجريد بعضهن من الملابس، ولم يكن للعدد القليل من رجال الأمن دور يذكر في حماية الفتيات. ويؤكد المركز الحقوقي أن "ما حدث يعتبر دليلاً على مشكلات ضخمة يعاني منها المجتمع المصري؛ بسبب الفقر والبطالة وتأخر سن الزواج وزيادة ثقافة العنف".

لا يعتبر انتشار جريمة "الاغتصاب" العلني في الشارع المصري كارثة فهذه نتيجة طبيعية لحالة الانهيار التي تمر بها الدولة بشكل عام، وقد يقول البعض إن هذه جرائم فردية، واعتبارها ظاهرة فيه تجنّي على الواقع، لكن الرد يأتي على مسئولية المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية بالقاهرة، حيث كشفت دراسة بالمركز أجرتها الدكتورة فادية أبو شهبة أستاذ القانون الجنائي بالمركز أن هناك تزايدًا ملحوظًا في عمليات اغتصاب الإناث في مصر خلال الفترة الأخيرة، بالإضافة إلى دخول فئات مهنية لم تكن موجودة من قبل في قائمة الجناة، وعلى رأسهم أطباء ورجال دين ومدرسون ورجال شرطة وهو ما ينذر بكارثة ويهدد سلامة وأمن المجتمع، فضلاً عن انتشار ظاهرة اغتصاب المحارم والأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة والاغتصاب الجماعي والاغتصاب المقترن بقتل الضحية.

وظهرت مؤخرًا إحصائية للمركز نفسه تقول: إن 20 ألف حالة اغتصاب وتحرش جنسي ترتكب في مصر سنويًّا، أي أن هناك حالتي اغتصاب تتم كل ساعة تقريبًا، وأن 90% من جملة القائمين بعمليات الاغتصاب عاطلين، ومع وجود 6 ملايين عاطل في مصر.. فربما يكون أحد التفسيرات لزيادة هذه الظاهرة مؤخرًا.

مغتصبات بلا حقوق

المتابع لمعدلات نشر جرائم الاغتصاب في الصحف المصرية -لن أقول الصفراء- ولكن الجادة يجد أنها تزايدت بدرجة كبيرة، لدرجة أنني رصدت خلال أسبوع واحد أكثر من سبع حوادث اغتصاب وهتك عرض، وتكرار الحوادث بهذا الشكل دفع أحد المصادر الأمنية رفيعة المستوى لإصدار بيان تحذيري للفتيات حتى لا يتواجدن في أماكن نائية ولا يتأخرن خارج المنزل، وهو ما يعني أن هناك خللاً ما أصاب الشارع المصري بحيث أصبحت الفتاة أو المرأة تخشى على أمنها الشخصي في الشارع، وإلا فماذا يعني زيادة جرائم الاغتصاب بهذا الشكل الواضح؟.

للإجابة على هذا السؤال وفك طلاسم هذا الواقع المتشابك دعونا نطرح على أنفسنا سؤلاً هامًّا يتعلق بأسباب انتشار هذه الجريمة بهذا الشكل المفزع؟ وبداية تحمل الأديبة والناشطة النسائية سحر الموجي -في مقال لها بجريدة المصري اليوم- الحكومة مسئولية ما حدث تقول "هل كان المسئولون في الحكومة في الأساس قد منحوا هؤلاء الشباب وطنًا حقيقيًّا فيه التعليم والرعاية الصحية ولقمة عيش كريمة ومشروع بيت وامرأة وطفل، أم أن انتهاكاتهم لحقوقهم الإنسانية هي السبب في إطلاق شياطين هذه العدوانية الخارجة عن كل الأطر الأخلاقية". وتساءلت "أين ذهب أمنك يا حكومة في هذا اليوم وهو الذي يسد عين الشمس وقت المظاهرات السياسية، إن يومًا كهذا من شأنه أن يسقط حكومات ويفيق شعوبًا كاملة على عمق الهاوية التي وقعت فيها".

ويعتبر الكاتب نبيل شرف الدين "إن ما حدث يعني أن هناك خللاً يضرب روح هذه الأمة وأن هذه السلوكيات ليست إلا إرهاصات أولية لقادم أسوأ وهو باختصار ودون التفاف سيناريو الفوضى، سواء جاء في صورة ثورة جياع أو انتفاضة شعبية".

العشوائيون الجدد


ما د. أحمد عبد الله - المستشار الاجتماعي بشبكة "إسلام أون لاين.نت" فيقول: إن انتشار التحرش الجنسي والاغتصاب ظاهرة مقلقة، وطبقًا للدراسة التي أجريتها عن التحرش الجنسي فإن 60% من الفتيات والنساء في مصر يتعرضن للتحرش الجنسي في الطفولة، سواء كان تحرشا لفظيا في صورة كلام أو الصور، أو تحرشا باللمس عن طريق مس أجزاء من جسد الأنثى، أو أقصى درجات التحرش وهو الاغتصاب، وليس هناك سبب واحد يمكن أن نضع أيدينا عليه لانتشار هذه الجريمة، لكن أسبابًا عدة أولها انعدام أو ضعف الرادع في المجتمع، سواء كان الضمير أو الكابح الاجتماعي أو القانوني، ثانيها زيادة الدوافع لدى الشباب لارتكاب مثل هذه الأفعال فهناك رغبات جنسية تغذيها وسائل الإعلام وليس هناك قناة شرعية تفرغ فيها هذه الشهوة، وهناك دوافع للتمرد على النظام القائم الذي لا يلبي حاجة الشباب ولا يوفر له فرصة عمل أو زوجة أو أبناء أو يسمح له بالتعبير عن رأيه، فتكون النتيجة خروجًا هذه الطاقة من الغضب والتمرد بشكل عشوائي ودون نظام، فهناك حالة من الفصام بين الشباب وبين النظام الحاكم، والشباب بشكل عام لا يجد نفسه جزءًا من أي نظام سياسي أو اجتماعي أو اقتصادي.

ثالث هذه الأسباب هو السياق التي تتم فيه هذه الجريمة (البيئة) هذه البيئة تعاني من غياب منظومة الدولة، فهي بيئة عشوائية ونظام عشوائي، عشوائية الحياة هذه أفرزت عشوائية في السلوك وفي التصرفات، خلقت فئة من العشوائيين الجدد الذين يتصرفون بروح القطيع، وفي حالة من غياب العقل والهمجية والذين يشكلون خطورة حقيقية على حالة الأمن الاجتماعي، ولا أحد يعرف ماذا تخبئ لنا الأيام القادمة.

طبقية وإباحية

الاغتصاب جريمة ناتجة عن حالة من الخلل أصابت المجتمع بشكل عام والأسرة بشكل خاص وحولتها من أسرة مترابطة إلى مفككة، بالإضافة إلى التفاوت الملموس بين طبقات المجتمع، جاء هذا التفسير على لسان الدكتورة سامية خضر أستاذة علم الاجتماع بجامعة عين شمس، وتوضح أن هذا الوضع خلق مناخًا من السخط الاجتماعي والإحساس بالإحباط وغياب العدالة بين طبقات الشباب، هذا المناخ يمثل البيئة النموذجية للجرائم بأنواعها ومنها جرائم الاغتصاب الجنسي، بالإضافة إلى انتشار الإدمان وتعاطي المخدرات وهي أمور تقود أيضا إلى ارتكاب جرائم.

من جانبه يحمل الدكتور "محمود خليل" - أستاذ الصحافة والإعلام وسائل الإعلام خاصة المرئية منها المسئولية، مشيرًا إلى أنها أصبحت تلعب دورًا كبيرًا في انتشار مثل هذه الجرائم الخطيرة بتقديمها برامج وأغاني إباحية تداعب الغرائز وتنميها لدى بعض الأفراد غير الأسوياء، فأفلام الرذيلة والسموم التي تدس في الدراما، ونشر الأفلام غير العربية التي تعتبر ممارسة مثل هذه الأفعال شيئًا طبيعيًّا، هذه كلها دوافع لارتكاب الجريمة، وفي الوقت ذاته يتم الإفلات من القانون بسهولة.

الرؤوس في الرمال


أما الباحث الشرعي "مسعود صبري" عضو الاتحاد العالمي للعلماء المسلمين فيرفض وصف حالات الاغتصاب بمصر أنها ظاهرة، موضحًا أن حالة التدني الأخلاقي فيما يخص الاغتصاب تُعَدّ خروجًا طبيعيًّا لبعض الفئات التي تصاب بأمراض نفسية، وفي كل أمة يجب أن يكون هناك خارجون عن القانون، وخارجون عن القيم والأخلاق، هذا شيء لا يخيف، ولكنه يتطلب منا البحث عن العلاج، وقبل البحث عن العلاج يجب معرفة الأسباب والدوافع الشخصية والجماعية، فالإعلام له أثر سلبي كبير في نشر هذه الجرائم بين فئات ضعيفة من الناس، والحالة الاقتصادية التي تمنع الناس من القدرة على الزواج، مع الإغراء الموجود في الشوارع وفي كل مكان يدفع ضعاف النفوس إلى تفريغ شهوتهم بهذا الشكل الإجرامي، غير أن هذا الفعل لا يزال يأخذ في بلادنا -في ظني- حكم الندرة والقلة، وربما كان الدافع لإبرازه أن أصول مجتمعاتنا تنكره، وهو دخيل علينا؛ ولذا، فاستنكاره بشدة قد يدفعنا لتكبيره، وهو خطأ يجب الانتباه إليه جيدًا.

أما عن الرادع، فيقول صبري: الناظر إلى الشريعة يرى أن الرادع متنوع، فمن الناس من يكفيه الكلمة الطيبة، وهذا يصلح في مقام الوقاية والحماية، فغرس مراقبة الله تعالى في النفوس تحمي المجتمع من الشر، ولكن هناك من أصناف البشر ما لا يصلح معها إلا الردع القانوني، غير أن الردع القانوني لن يكون له صلاح أو تأثير إلا أن يكون مستمدًّا من شريعة الله تعالى الذي يعمل صلاح العباد، فجعل عقاب الاغتصاب دفع غرامة مالية، أو حبسًا لمدة عدة أشهر أو أي عقاب بشري لن يكون رادعًا للبشر، فلا يردع البشر غير الأسوياء إلا ما حدده رب البشر لهم، يقول تعالى: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب"، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "لأقامة حد خير لأهل الأرض من أن يُمطروا أربعين".

إن الحماية من هذه الشرور تتطلب أمرين: الأول الضابط الأخلاقي، والسعي لنشر منهج الأخلاق بين الناس، والثاني: هو حد الله تعالى الذي شرعه في مثل هؤلاء، هو الجلد لمن كان غير متزوج، والرجم لمن كان متزوجًا، ويجوز الزيادة عليه إن كان شيئًا منظمًا، فقد يدخل في حد الحرابة والتي قال الله فيها "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادًا أن يقتلوا أو يصلبوا أن تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض".

وأخيرًا.. فإن الواقع يقول إن هناك عوامل مترابطة لا يمكن الاستغناء بأحدها عن الآخر، وإذا كنا نقول /اسلام اون اينإن الوقاية خير من العلاج، فعلينا أن نؤكد أيضا أن الحذر -في بعض الأحيان- لا يمنع القدر، وأن المصارحة والمواجهة في هذه الأمور أجدى من التكتم ودفن الرؤوس في الرمال.

*








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "فنون ومنوعات"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024