الثلاثاء, 30-أبريل-2024 الساعة: 11:05 ص - آخر تحديث: 02:30 ص (30: 11) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
ثقافة
سامح كعوش - الخليج -
محمود درويش يملأ أفق أبوظبي بعطر الشعر
بحضور سمو الشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان وزير الخارجية، أحيا الشاعر محمود درويش أمسية شعرية مساء أمس الأول في قاعة المسرح الوطني في إطار فعاليات معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وذلك وسط حشد من الجمهور لوحظ فيه تنوع مراحله العمرية، وولعه بالشاعر الذي نقل فلسطين إلى العالم كله، وحضر الأمسية الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة لشؤون المجلس الوطني الاتحادي وعبدالرحمن محمد العويس وزير الثقافة والشباب وتنمية المجتمع وعدد من أعضاء السلك الدبلوماسي في الدولة.

قدم الزميل الشاعر حبيب الصايغ محمود درويش بكلمة احتفائية بالغة العذوبة وبامتلاء شعري أيضاً.. وقال الصايغ: لقد أرخ هذا الرجل للنفي العربي، على مستويي الزمان والمكان، وكأنه ينحت على حواف المحيطات، مائها وإيمائها أسطورة شتاتنا، لكن في قصائد تشبه الملاحم.

“ميزته النادرة لا تفجير اللغة كما يشاع، وإنما اختزال المعنى في كلام يحققه ولا يحققه في آن، فهو واضح لمن يريد، غامض لمن أراد، مهذب وفاضح، رحيم وجارح، فوضوي ويرتب أخيلته كما ترتب الأمهات أحزانهن وجدائل صغيراتهن.

وبين يديه تتحول الجغرافيا إلى مراكب تهدي التائهين، خصوصاً أولئك الذين ضلوا طريقهم إلى الجحيم.

ميزة محمود درويش أنه شاعر هجر السياسة إلى الشعر، ثم هجر الشعر إلى الشعر الخالص، وظل نجم النخبة والجماهير معاً، مهيئاً، بتلقائية ماكرة، للأمة كلها أن تكون النخبة.

على يد درويش أصبحت القصيدة الفلسطينية أكثر صداقة وألفة، تخلت عن زغبها الأول، وعن قاموسها الاعتيادي المضرج بالانكسارات والدماء، وغادرت مدرسيتها ونمطيتها إلى اللامدرسية واللانمطية.. محمود درويش هو الشاعر العربي الأول الذي وضع شرايينه الجوانية بين القصيدة والحرب، فانغمس بكلية في تفاصيل خلاياه، وأصبح صوته جداراً سميكاً ينظم فضاءاته القصية المبثوثة بينه وبين غنائه.

يراه حبيب الصايغ محاصراً المنابر ومقزّمها حتى وهو يعتليها، وهو الذي أصبحت القصيدة الفلسطينية على يديه أكثر ألفة حين تخلت عن قاموسها المضرج بالدماء لتصير أكثر ورداً وفرحاً، وأكثر صدقاً مع ذاتها بكلام الشعر الأول والرمز الذي لم يتقنه شاعر كما محمود درويش.

يقدّم الشاعر حبيب الصايغ شاعراً كمحمود درويش كأنه يغني في فرح قصيدته، كأنه يرتل صوتاً فلسطينياً للمهرة المسافرة في حقول الألغام التي زرعها “الإسرائيلي” على مداخل القرية التي لم يتركها أهلها وبقوا متمسكين بالأمل وشجرة لوز وفيء زيتونة يتيمة. يقدّمه مؤلفاً ومنشداً ومغنياً ورائياً، سمّى السماء سماءً ونهض من ظلها ليسمي البلاد بعدها بطفولته الشقية الشجية، ويدلعها في قول المصير.

لمحمود درويش في تقديم حبيب الصايغ وجه آخر، لقصيدة لم يكتبها بعد، لكلام لم يقله وربما لن يقوله، لكنه يومئ وللآخر أن يقرأ.

ويتواضع محمود درويش كما يليق بالشاعر أن يكونه في مقابلة احتفاء حبيب الصايغ به، فهو يرجو أن تليق الكلمات به هو الخارج عن اللغة، الغامض في الكلمات والواضح في المحبة، محبة هذا البلد وهو الحضور، فربما كان عليه ألا يذهب ليحضر وهو الحاضر دوماً كالقصيدة في وجدان كل عربي

يبدأ إلقاء القصائد بقصيدة “ فكر بغيرك”:

“وأنتَ تُعِد فطورك، فكر بغيركَ

لا تَنْسَ قوتَ الحمام

وأنتَ تخوضُ حروبكَ، فكر بغيركَ

لا تنس مَنْ يطلبون السلام

وأنتَ تسدد فاتورةَ الماء، فكر بغيركَ

مَنْ يرضَعُون الغمام

وأنتَ تعودُ إلى البيت، بيتكَ، فكر بغيركَ

لا تنس شعب الخيامْ

وأنت تنام وتُحصي الكواكبَ، فكر بغيركَ

ثمّةَ مَنْ لم يجد حيّزاً للمنام

وأنت تحرّر نفسك بالاستعارات، فكر بغيركَ

مَنْ فقدوا حقهم في الكلام

وأنت تفكر بالآخرين البعيدين، فكر بنفسك

قُلْ: ليتني شمعةُ في الظلام”

وفي قصيدة أخرى قال درويش:

“رأيتُ جِنازةً فمشيت خلف النعش،

مثل الآخرين مطأطئ الرأس احتراماً. لم

أجد سبباً لأسأل: مَنْ هُو الشخصُ الغريبُ؟

وأين عاش، وكيف مات فإن أسباب

الوفاة كثيرةٌ من بينها وجع الحياة.

سألتُ نفسي: هل يرانا أم يرى

عَدَماً ويأسفُ للنهاية؟ كنت أعلم أنه

لن يفتح النعشَ المُغَطى بالبنفسج كي

يُودعَنا ويشكرنا ويهمسَ بالحقيقة

ما الحقيقة؟ رُبما هُوَ مثلنا في هذه

الساعات يطوي ظلهُ. لكنهُ هُوَ وحده

الشخصُ الذي لم يَبْكِ في هذا الصباح،

ولم يَرَ الموت المحلقَ فوقنا كالصقر...

فالأحياء هم أَبناءُ عَم الموت، والموتى

نيام هادئون وهادئون وهادئون ولم

أَجد سبباً لأسأل: من هو الشخص

الغريب وما اسمه؟ لا برق

يلمع في اسمه والسائرون وراءه

عشرون شخصاً ما عداي أنا سواي

وتُهْتُ في قلبي على باب الكنيسة:

ربما هو كاتبٌ أو عاملٌ أو لاجئٌ

أو سارقٌ، أو قاتلٌ ... لا فرق،

فالموتى سواسِيَةٌ أمام الموت .. لا يتكلمون

وربما لا يحلمون ...

وقد تكون جنازةُ الشخصِ الغريب جنازتي

لكن أَمراً ما إلهياً يُؤَجلُها

لأسبابٍ عديدةْ

من بينها: خطأ كبير في القصيدة”.

يغني محمود درويش لزهر اللوز فينشر عبقه عطراً لأمسيته، وتوحد به خفيفاً كجملة بيضاء موسيقية، ضعيفاً كلمح خاطرة، خفيفاً كبيت شعر لا تدونه الحروف في شعرية أخّاذة يقول:

“لوصف زهر اللوز، لا موسوعة الأزهار تسعفني، ولا القاموس يسعفني... سيخطفني الكلام إلى أحابيل البلاغة والبلاغة تجرح المعنى وتمدح جرحه، كمذكر يملي على الأنثى مشاعرها فكيف يشع زهر اللوز في لغتي أنا وأنا الصدى؟ وهو الشفيف كضحكة مائية نبتت على الأغصان من خفر الندى...وهو الخفيف كجملة بيضاء موسيقية... وهو الضعيف كلمح خاطرة تطل على أصابعنا ونكتبها سدى وهو الكثيف كبيت شعر لا يدون بالحروف لوصف زهر اللوز تلمزني زيارات إلى اللاوعي ترشدني إلى أسماء عاطفة معلقة على الأشجار. ما اسمه؟ ما اسم هذا الشيء في شعرية اللاشيء؟ يلزمني اختراق الجاذبية والكلام، لكي أحس بخفة الكلمات حين تصير طيفا هامسا فأكونها وتكونني شفافة بيضاء لا وطن ولا منفى هي الكلمات، بل ولع البياض بوصف زهر اللوز لا ثلج ولا قطن فما هو في تعاليه على الأشياء والأسماء لو نجح المؤلف في كتابة مقطع في وصف زهر اللوز، لا نحسر الضباب عن التلال، وقال شعب كامل: هذا هوَ كلام نشيدنا الوطني!”.

وفي ختام الأمسية قرأ درويش:

“للعدوّ الذي يشرب الشاي في كوخنا فرسٌ في الدخان. وبنتٌ لها حاجبان كثيفان. عينان بنّيتان. وشعرٌ طويلٌ كليل الأغاني على الكتفين. وصورتها لا تفارقه كلّما جاءنا يطلب الشاي. لكنّه لا يحدّثنا عن مشاغلها في المساء، وعن فرسٍ تركته الأغاني على قمّة التل.









أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "ثقافة"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024