![]() حان وقت القضاء على الإرهاب الإدانة القوية التي تضمنتها برقية جلالة الملك عبدالله الثاني بن الحسين إلى الرئيس اليمني علي عبدالله صالح والعاهل الإسباني خوان كارلوس إثر الحادث الإرهابي الذي وقع في معبد بلقيس بمدينة مأرب اليمنية وأودى بحياة سبعة من السياح الإسبان تشكل موقفا إستراتيجيا أردنيا من الإرهاب والإرهابيين الذين يزرعون الموت في كل مكان ، ورسالة واضحة للمجتمع الدولي كله كي يدين بشكل حازم وصارم الأعمال الإرهابية مهما كان حجمها ، ويواصل تعاونه في سبيل القضاء على تلك الظاهرة البغيضة . اليمن البلد الشقيق يدفع غاليا ثمن تلك الأعمال الإجرامية شأنه في ذلك شأن دول عديدة في المنطقة وفي مناطق أخرى من العالم ، واسبانيا ودول صديقة فقدت من رعاياها الكثيرين خلال وجودهم في دول عربية وإسلامية سواء للسياحة أو العمل ، فضلا عن الأعمال التي تنفذها عناصر مضللة على الساحة العالمية من مثل ما جرى في الولايات المتحدة الأمريكية وما يجري الآن في بريطانيا حتى غدت صورة الإنسان العربي والمسلم على درجة عالية من التشويه والقباحة . وبغض النظر عن كل ما يقال حول العوامل الخارجية التي أدت إلى استفحال هذه الظاهرة إلا أننا لا نستطيع التنصل من مسؤولية الإنحدار الأخلاقي والقيمي الذي أصاب أتباع العقيدة نتيجة تراكمات طويلة ومعقدة تعاونت أيد خفية وأخرى غبية متخلفة على صنعها لتجعل من بلادنا بؤرا للشر يصيبنا مثلما يصيب الآخرين ولكنه يشوه هويتنا التي صاغها الدين الإسلامي الحنيف والشمائل العربية الأصيلة لتطبع بطابع الذين خرجوا عن الدين وعن قيم الأمة ومبادئها ومثلها العليا . ثمة مفارقات عجيبة في ذلك الحادث الإرهابي حين نستحضر المكان والزمان والضحايا تدلنا على أن الإرهابي الذي يفجر نفسه ليقتل الآخرين ما هو إلا ضحية لخطاب ظلامي تمت كتابته في غرف ومغارات مظلمة تكره النور ولا تفهم معنى الحياة ولا تلتفت لا للتاريخ ولا للحاضر ولا للمستقبل ، بل إن أسوأ ما وصمنا به موروثنا الإنساني هو ما يفعله العراقيون بأنفسهم كل يوم وما فعله الفلسطينيون في قطاع غزة ، وما قد يحدث في لبنان وغير ذلك من أمثلة كثيرة لم يعد باستطاعتنا تجاهل ضررها الحقيقي على الإسلام والمسلمين والعروبة والعرب . في الحقيقة نحن أمام مأزق خطير ليس بسبب الإساءة التي نتعرض إليها على خلفية العمليات الإرهابية في حد ذاتها وإنما بسبب تزايد الأنشطة الإرهابية وتنامي تأثيراتها السلبي على مصالحنا الحيوية وحصتنا من الحضارة المعاصرة ، وهذا يعني أننا مطالبون بإعادة النظر في نظرية الأمن القومي بحيث تدخل الحرب على الإرهاب كأحد العناصر الرئيسية من العمل القومي المشترك على أن تعمل القطاعات الأخرى ذات العلاقة بالتكوين التربوي والثقافي بمواجهة ومحاكمة كل النصوص المحرفة التي يستخدمها أئمة الضلال في تنظيم هذا العدد الكبير من الشباب ليمارسوا القتل في غير موضعه أو ميادينه الواجبة . حادث مأرب لن يكون نهاية المطاف ، وطبيعة ونوعية الأشخاص المتهمين بالمسؤولية عن زرع المتفجرات في لندن تجعلنا نضع أيدينا على قلوبنا ، والقاء القبض على عناصر من جنسيات عربية مختلفة تقوم بأعمال التنظيم والتدريب في العراق والجزائر كلها تؤكد دعوتنا بأنه حان وقت إستراتيجية عربية إسلامية للقضاء على الإرهاب قبل أن يتمكن من إلغاء دورنا في عصرنا الراهن . *افتتاحية صحيفة الدستور الاردنية |