الأربعاء, 01-مايو-2024 الساعة: 05:03 م - آخر تحديث: 04:55 م (55: 01) بتوقيت غرينتش      بحث متقدم
إقرأ في المؤتمر نت
المتوكل.. المناضل الإنسان
بقلم/ صادق بن أمين أبوراس رئيس المؤتمر الشعبي العام
المؤرخ العربي الكبير المشهداني يشيد بدور اليمن العظيم في مناصر الشعب الفلسطيني
أ.د. عبدالعزيز صالح بن حبتور
بنك عدن.. استهداف مُتعمَّد للشعب !!!
راسل القرشي
7 يناير.. مكسب مجيد لتاريخ تليد
عبدالعزيز محمد الشعيبي
المؤتمر بقيادة المناضل صادق أبو راس
د. محمد عبدالجبار أحمد المعلمي*
«الأحمر» بحر للعرب لا بحيرة لليهود
توفيق عثمان الشرعبي
‏خطاب الردع الاستراتيجي والنفس الطويل
علي القحوم
ست سنوات من التحديات والنجاحات
أحمد الزبيري
أبو راس منقذ سفينة المؤتمر
د. سعيد الغليسي
تطلعات‮ ‬تنظيمية‮ ‬للعام ‮‬2024م
إياد فاضل
عن هدف القضاء على حماس
يحيى علي نوري
14 ‬أكتوبر.. ‬الثورة ‬التي ‬عبـّرت ‬عن ‬إرادة ‬يمنية ‬جامعة ‬
فريق‮ ‬ركن‮ ‬الدكتور‮/ ‬قاسم‮ ‬لبوزة‮*
‬أكتوبر ‬ومسيرة ‬التحرر ‬الوطني
بقلم/ غازي أحمد علي*
دين
المؤتمر نت -

المؤتمرنت -
ملتقى قرطاج يناقش العنف والتأويلات التي تخلط بين نص القرآن وسياقه
مما لا شك فيه أن العنف ظاهرة كونية لا يمكن فصلها عن الطبيعة البشرية وأن تجلياتها المادية والمعنوية متعدّدة ومختلفة، وتبدو حاضرة في زماننا هذا بصفة دائمة ومستمرة، حتى اننا لا نعرف هل هذه الظاهرة تفاقمت فعلا أو أنّ نظرتنا إليها هي التي تغيّرت. وعلى الرغم من أنّ القوانين الاجتماعية والأخلاقية تحاول دائما السيطرة على ظاهرة العنف، غير أنها تهددنا في كلّ لحظة عبر الحروب بين الدول والطوائف وعبر الصراعات الاجتماعية والعائلية، إذ يكشف العنف عن التناقض الأساسي الغريب الذي يميّز البشرية، حيث ان أبسط وجوه علاقة الإنسان بالآخر تترتب عنها توترات وصراعات. ويمكننا تعريف العنف بأنّه تلك المواجهة المحتدة التي تنجر عن استعمال الإنسان للقوّة، إمّا لتخويف الآخرين أو السيطرة عليهم أو نفي وجودهم بتذليلهم أو بالقتل.
ويكشف اللّجوء إلى العنف بأشكاله الأكثر بشاعة عن صراع داخلي يحاول فيه الإنسان مقاومة شعوره بالضعف والخوف. فالبشر يصبحون أكثر شراسة حين يحسّون بأنّهم مهددون، لذلك يعتبر العنف عند كثير من المفكرين ضربا من التعويض الأعمى وغير المعقول عن كلّ ما هو غير مكتمل في الطبيعة البشرية.
في مجال علم النفس يُرجع سيغموند فرويد ظاهرة العنف إلى نظرية الكبت، إذ أن العنف يتولد عن مقاومة الرغبة، وتطورت هذه النظرية لفرويد فصارت تعتبر العنف صراعا بين نزعة الحياة (إيروس) ونزعة الموت (تاناتوس)، وإذا عممنا هذه النظرية يمكننا القول بأنّ الحياة النفسية لكافة البشر تخضع لهذا الصراع، وأنه لا يمكن إنكار وجود حاجة فطرية للعدوانية عند الإنسان ترجع إلى الطبيعة المفترسة الكامنة في الرغبة، كذلك يعطي فرويد لمقولة هوبس الشهيرة: «الإنسان ذئب للإنسان» مغزى نفسيا يمكن إضافته إلى معناها السياسي والاجتماعي.
في هذا الإطار نظم المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون بيت الحكمة طيلة أيام الأسبوع الماضي الدورة الحادية عشرة لملتقى قرطاج الدولي حول العنف، وذلك بمشاركة كوكبة مهمة من المختصين نذكر من بينهم صلاح ستيتية وبسكال بيك وفاطمة حداد وجورج لابيكا وجون باشيلي ومونيك كاستيلو وحميدة بن رمضان وحسن القرواشي. وقد تم طرح ثلاثة محاور تم تقديمها على شكل أسئلة ذات حيرة معرفية وهي:
1ـ العنف والعدوانيّة: هل الإنسان بطبيعته عنيف هل توجد بيولوجيّة للعنف هل يمكننا تفسير التصرفات العدوانية باللاوعي ونزعة الموت هل كلّ قوّة هي بالضّرورة عنف 2 ـ نية أمام العنف: تدفعنا عودة التّطرف الديني الذي يرتكز على «هذيان الطهارة» إلى تساؤلات كلها حيرة: هل التطرّف هو سليل طبيعي لكلّ الأديان هل توجد أديان أعنف من أخرى إلى أيّ مدى يمكن أن تبرّر الأديان اللجوء إلى العنف أم هل ينبغي أن يدفعنا تطوّر مجتمعاتنا إلى جعل الدين أداة سلام كوني 3 ـ العنف والجغرافيا السياسية: هل كلّ نظام حكم سياسيّ هو بالضّرورة عنيف هل العنف هو فعلا محرّك للتاريخ هل يمكن أن يكون العنف مؤسسا لتاريخ أمة هل يجب أن يلجأ كل نشاط سياسي أو مذهبي في مرحلة معينة من تاريخه إلى العنف ما هي المكانة الحاليّة لمبدأ اللاعنف في معالجة بعض الصراعات كيف «نعقـّل» الإنسان بالتربية بمزيد من توعيته تجاه الحقوق والواجبات بإعطاء وسائل الاتصال والإعلام الحديثة سلطة أخلاقية وأدبية وتربوية لم تكن لتغيب عن أذهاننا
* استراتيجية التخفي
* قدم رئيس المجمع التونسي للعلوم والآداب والفنون عبد الوهاب بوحديبة المداخلة الافتتاحية بقوله: «إنّي أعلم أنّ العنف مخلوق فينا. فهو بمثابة اللعنة المُلازمة لنا. ونُولد إلى العنف ونتطوّر معه، فهو يتحدّانا ويُراودنا. وبتأثير الوسائط اليوم أصبحنا أكثر من أيّ وقت مضى عرضة للوقوع في حبال شراكه الغادرة. أمّا الخطاب الوعظي والمُسكّنُ الصادر عن دعاة السلام، فيبدو غير ذي موضوع، بل خبيثا بوجه من الوجوه، ويظلّ وزنه التاريخي والجيوستراتيجي ضئيلا. كما يبدو أنّ التنشئة على اللاّعنف وهمية ومهزومة مسبّقا من قبل التنشئة على العنف. والعنف الذي ندينه ونستنكره هو مع الأسف العنف الصادر عن الآخر، إذ كثيرا ما تغدو إدانات العنف اللفظية والظرفية، بمثابة ردود أفعال في دوامة الاعتداء والرد على الاعتداء، والتنديد بالآخر لتبرير الذات. والغريب أنّ العنف في حاجة غالبا إلى ستار يتستر به، فكأنه يحتاج في إستراتيجيته إلى التخفّي وتبرير الذات. ولنزع فتيل هذه اللعبة التافهة، وإن كانت شيطانية ومحسومة مسبّقا، هل محكوم علينا أن نكتفي بالرفض السلبي، وإن كان لا تحفظ، نقابل به العنف الذي يُمثّل الشرّ المطلق» ويضيف بوحديبة أنه يُقال لنا: مجانين ومغرورون هم الذين يُصدّقون النوايا الطيبة ويثقون بالتبادل والحوار، وحتى بالأعمال المشتركة على أساس أنها وحدها قادرة على تغيير العالم وإرساء قواعد مستديمة لحضارة خالية من العنف. ولكن هل يمنعنا هذا من السعي بكلّ قوانا إلى التأثير على الأحداث، لا سلاح لنا إلاّ يقظتنا، حتى لا تجري بنا الرياح حيثما تشاء ألا يقتضينا الشرف أن نقول ما يجب أن يقال بكامل التبصّر والمسؤولية: ما دامت الضرورة تولّد العنف وما دام العنف يولّد الضرورة، فلا مجال للقبول بهذا ولا بتلك.
وأشار صاحب المداخلة الى أن الذين يرضون بالعنف ويظنون أنّه وقتي زائل، يكشفون عن ازدواجيته الأساسية، لأنه لا يزول بل يستقرّ، وسرعان ما يكشّر عن أنيابه الفظيعة. فما ظنّ جوابا ظرفيا انقبل جوهريّا وأصبح لا غنى عنه لمن يريدون تحقيق السعادة الوهميّة، سعادة من ينقادون إليه. فكأنّه النموذج الناجع الذي تسير الحكومات الجيدة على هديه. وتوقف بوحديبة عند تاريخية العنف مبرزا «منذ أقدم العصور، كان الجدل قائما بين أنصار القوة وأنصار الحقّ. إنّها المعركة الأزليّة بين البابّا والإمبراطور.. وكان ابن تيميّة عندنا يحلم بنظام حكم يكون فيه سيف الأمير في خدمة العدل والإنصاف. أمّا الإمام الخُميني فقد قلب الآية حين جعل الأمير تحت «ولاية الفقيه». ماذا يبقى من الحقوق والقيم الروحانيّة إذا اعتبرت هشّة ولم تعد قادرة على فرض نفسها بنفسها إنّها سرعان ما تندثر في ألاعيب السلطة المضادّة، رغم ما سجل من تقدم حقيقي على مدى التاريخ». بكلّ «واقعية» رأى عالم الاجتماع عبد الوهاب بوحديبة أننا نسعى إلى إضفاء طابع اجتماعي على العنف، فنتصوّر أن نزع فتيل التوترات الاجتماعية وتهدئتها ليسا إلاّ قضيّة تربية وحسن تصرّف. كما نتصوّر أنّ تبديد العنف وتخفيف وطأته المشؤومة رهينان بتربية جيدة داخل الأسرة وفي المدرسة وفي الميادين العموميّة. وذكر بوحديبة أن العنف المتفاقم اليوم في المدارس، قد يُرسخ الشعور بفشل تربيتنا وضعف طابعها الاجتماعي. ألم يعط المثل من بعيد، من أبعد من ذلك وأعمق، حين ظنّت المجتمعات أنّها ستُخمد العنف بإدماجه في أعمالها الحضاريّة أمّا مجتمعاتنا المنسوبة إلى ما بعد الحداثة، فهل كان بإمكانها أن تنتج غير العنف على أوسع نطاق، والتفنن فيه وتسويقه وتصنيعه فالتعذيب الذي أصبح اليوم، في العديد من البلدان، أداة من أدوات الحُكم، أليس تكشيرا شيطانيّا لتواطئنا مع العنف
* بضاعة العنف
* وقال المتدخل أيضا «صحيح أنّ التصرّف في القوّة كان دوما عنصرا من عناصر الاستراتيجية. وها هو يستفيد اليوم من التقدّم التقني، لأنّ العنف أصبح بضاعة ومنتوجا يُصنع ويُباع ويُسمن الدول والشركات الوطنيّة ومتعدّدة الجنسيات ومراكز البحوث وعددا كبيرا من المهرّبين. إنّ العنف يقذف بنا في صميم اللامعقول لاعتبارين اثنين: أولا لأنّه يُثير الأهواء ويُهيّجها، وثانيا لأنّه نتاج الإنسان، ذلك الكائن العاقل بالدرجة الأولى. فإذا ما سعينا إلى فهم العنف وتحليله، فإنّما نحن نستخدم أساليب منطقيّة بعيدة عنه كلّ البعد. وسواء تحدّثنا عمّا يحتله العنف من مكانة كبرى في طبيعة الإنسان الحيوانية أو رأينا فيه ما يُشبه المحرّك للتاريخ، فإنّ سلبيّاته تبدو ذات جدوى مريعة. فهل كان يُمكن للشعوب أن تبرز وتُسمع صوتها لولا العنف هل كان يُمكن أن يتجلّى انتصار العدل والحرية والكرامة في هذه الدنيا لولا بلوغ العنف أقصى ذروته أليس الحافز على التقدّم هو العنف ذاته يا لها من مفارقة جدلية عجيبة: العنفُ يستدعي العنف. وكذا الأمر بالنسبة إلى اللاعنف الذي يعتمد بطريقته الخاصّة على ما في الدفاع الشرعي عن النفس من عدم التباس. فالعنف بمثابة الضامن الغريب والشيطاني لاحترام الحقّ». وأضاف بوحديبة أن القول إنّ العنف أمر لا مفرّ منه، وإنه ظاهرة اجتماعيّة كاملة، وظاهرة نفسانيّة كاملة. وإنه من الوجهة الأخلاقية، الإقرار بأنّ الانتقال الخفيّ والغادر عبر الحدود التي تفصل مبدئيّا العنف عن نقيضه، قد يؤدّي إلى معادلة الضحيّة بالجلاد يكشف أن تلك المُعادلة قائمة على باطل، لأنّها بررت الكثير من الغزوات والحروب والمذابح العرقية والإبادات. لذلك لا بد من التسليم بأنّ الحضارة والتقدم، بل حقوق الإنسان ذاتها، تحتاج إلى العنف لتنتصر. هل ينبغي إذن الاستسلام إلى آراء «هيغل» و«ماركس» وغيرهما من «الفلاسفة» الكثيرين، والقبول بأن العنف شرّ مُتواتر لا بد منه يا لها من جدليات تاريخيّة وأنثروبولوجيّة دقيقة هذه التي تتحدّى مبادئنا وسعينا إلى المطلق. وتوقف الباحث عند النصوص الدينية فقال:«إنّنا نجد في القرآن الكريم ذكرا لهذه التوترات عينها. وكما في التوراة والإنجيل إذ يعتبر القرآن أنّ العنف جزء من الطبيعة البشريّة. وهكذا تساورُني الأسئلة حتى في قرارة إيماني وقناعاتي.
إنّ المحنة الدنيوية التي خلفت آثارا لا تمّحي على مغامرة الرحلة البشريّة كانت مطهّرة. بل يُمكن أن ننسب إلى العنف نجاعة «صحيّة» بما هو إجابة عمّا في التاريخ من غلطة لا معقولة. ولئن أباح اللّه للإنسان أن يستخدم العنف (كما في سورة التوبة، الآية 29) ففي نطاق ضيّق جدّا. أمّا القاعدة العامّة في الإسلام، فهي عدمُ اللّجوء إلى العنف. غير أنّ التأويلات الخارجيّة الصادرة عن الأصوليّة ـ وعن أعدائها الغربيّين ـ لا تقرأ تحسبا لهذه التحفظات القويّة على العنف. فهي عن حسن نيّة أو سوء نيّة تخلط بين النصّ القرآني وسياقه وتتخذ منهما ذريعة لتبرير المواقف أو للتصعيد. وهل في الإعلان العالميّ لحقوق الإنسان كلام مغير لما في القرآن فلنؤكد بقوّة أنّ الإسلام يقضي باللاعنف وبالسّلم والعدل والحريّة وكرامة الإنسان. ويُعلن القرآن بوضوح أنّه [لا إكراه في الدين] (سورة البقرة، الآية 256) وأنّه يجب علينا أن نقبل عن طيب خاطر بالتنوّع البشريّ وباختلافاتنا الايديولوجية والسياسية والاقتصادية وغيرها. واللّه هو الذي يحكم يوم القيامة فيما بيننا من خلافات تافهة إذ هي جميعا دنيويّة وتاريخيّة. وهي خلافات نسبيّة وظالمة بالأساس (سورة البقرة الآية 113). وينبغي ألاّ ننسى بالخصوص أن الإسلام يقضي باحترام الحياة احتراما مُطلقا، إذ لا تتحمّل الحياة الإفراط في العنف ولا ما ينطوي عليه العنف من نفي لها. «من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنّما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنّما أحيا الناس جميعا» (سورة المائدة، الآية 32) هذه رسالة الإسلام العُظمى، وهذا وجهُه الحقيقيّ».
* العنف المسيس
* من جهته أشار مدير عام مؤسسة عبد الحميد شومان ثابت الطاهر الأردني، الى أن العولمة جاءت بما يشبه غسيل القلوب والعقول أي أنها تريد للتاريخ أن يبدأ مع بداياتها مبرزا أن كل المعطيات الدولية تساعد على ذلك إلا الإسلام الذي يتجذر في القلوب والعقول الى تاريخ قديم وعميق ومن الصعب اجتثاثه من قلوب البشر ومن هذا المعطى رأى الباحث، بدأت الحملة المغرضة ضد الإسلام وبدأ ترويض أصحاب النفوس التي وصفها ثابت الطاهر بالمريضة للمشاركة على نحو غير أخلاقي وغير مشروع، حيث يقول:« فجاءتنا صحيفة دنماركية تنشر صورا مسيئة للرسول الكريم، ثم فيلم هولندي يظهر الاسلام كدين يدعو للعنف ويستشهد على ذلك بآيات من القرآن الكريم وخطابات لبعض المتشددين الذين يدعون المسلمين الى الجهاد». واستنتج الباحث أننا أمام مفاهيم جديدة وتفاسير مغلوطة وقوى مهيمنة واضطهاد فكري لم يشهد له التاريخ مثيلا من قبل، وبالتالي نحن أمام ثقافات دخيلة منها ثقافة العنف تختلف عن أنماط ثقافة العنف تاريخيا وتتغذى من مخلفات العولمة وهي ثقافة عنف مسيسة، باعتبار أن دوافع العنف تاريخيا تختلف عن الدوافع المثيرة للعنف حاليا. ويمكن القول إن مجموعة مهمة من المداخلات قد أجمعت على محاولة كلّ المجتمعات أن تحافظ على هويتها، ولكنّ مسار التاريخ يدفع دائما إلى التطور والتغيير وعادة ما تتم هذه التطورات والتغييرات بطريقة غير سلميّة، أي بشكل من أشكال العنف مع التوقف عند الفرق بين العنف الثوري والعنف الإرهابي، الذي اعتبره أكثر من متدخل حاضرا إلى درجة أنّ بعضهم يقول إنّ هذا الفرق هو فرق في وجهات النظر: من يدافع عن شرعيّة الصّراع ضدّ نظام ما يتحدث عن العنف الثوري، في حين أنّ الذي يدافع عن شرعيّة هذا النظام نفسه يرمي الخصوم بأسلحتهم، من ذلك أن التّيارات الدينيّة المتطرفة تحاول تبرير اللّجوء إلى العنف كأداة لا غنى عنها باسم الحرب المقدّسة، علما بأن من البديهيّ أن كل الأديان عبر التاريخ مارست العنف بشكل أو بآخر: مارسته ضدّ العالم الخارجيّ لتفرض وجودها عبر الحروب والغزوات ومارسته كذلك بالدّاخل ضدّ كلّ من تعتبرهم منشقيّن أو زنادقة أو مرتدّين.
وأجمع عديد المداخلات على أنه عندما يغيب التسامح في الأديان أو حتى في الايديولوجيات السياسيّة يزداد اللجوء إلى العنف حدّة، بحيث أنّه يقع تبرير كليّ له. حينئذ وعلى الرغم من كلّ الأعمال البشعة التي يمكن أن تُرتكب يحس الإنسان بأنّه يدافع عن حقه في إطار شرعية مطلقة ومن هنا يمكن أن تظهر كلّ أشكال الإرهاب (الحروب المقدّسة والحروب التي تسمى بالدينيّة والإباداة الجماعيّة وجميع الأساليب التي تتبّعها التّيارات المتطرّفة وبالتالي وفي هذه الحالة يمكن لجميع مظاهر العنف (من الاغتيال إلى إرهاب الدّول) أن توظف في سلام وطمأنينة إذ أنّ كلّ تلك الجرائم تصبح معفاة لأنّه وقع تبريرها بشتى الوسائل. ونصت أكثر من ورقة علمية على أن أخطر أشكال العنف وأقبحها هي تلك التي تبرّر نفسها بنفسها وتعتبر ذلك تنفيذا لحكم إلهيّ أو لحتميّة تاريخيّة.
*الشرق الاوسط








أضف تعليقاً على هذا الخبر
ارسل هذا الخبر
تعليق
إرسل الخبر
إطبع الخبر
RSS
حول الخبر إلى وورد
معجب بهذا الخبر
انشر في فيسبوك
انشر في تويتر
المزيد من "دين"

عناوين أخرى متفرقة
جميع حقوق النشر محفوظة 2003-2024