إيران ومكرُ الثعالب !! فتشتُ كثيراً بين خبايا الذاكرة علّي أجد مُبرراً واحداً للتدخُّل الفج الذي تنتهجه إيران في تعاطيها مع شؤوننا الداخلية منذ سنوات وتحديداً في قضية المتمرد الحوثي ، إلا أنني على العكس من ذلك تماماً لم أجد سوى تأييدٍ سياسيٍ يمنيٍ علنيٍ وغير مسبوق لطهران في الحصول على الطاقة النووية للأغراض السلمية وفي كل المحافل الدولية ، ووجدتُ كذلك انفتاحاً حكومياً على علاقاتنا الثنائية اقتصادية كانت أو سياسية ثقافية أو استثمارية .. فهل طهران ترد الجميل لليمن بدس السم في العسل من خلال اللعب على الورقة الدينية وهي أخطر الأوراق للعبث بأمن واستقرار البلدان؟ ولماذا كل هذا الصمت من قبل المعارضة وصحافتها وهي ترى الحقائقَ جليةً كالشمس في رابعة النهار؟؟ أعتقد جازماً أن خيوط هذه اللعبة قد تكشفت للقاصي والداني إلاَّ من أعمى اللهُ بصيرَتَه ، وعلى الرغم من كل ذلك فلا يزال المسؤولون الإيرانيون وإعلامُهم الرسمي وغيرُ الرسمي يستغفلُ العقولَ بل ويستخفُّ بها وكأنَّ الناس لا تفهم هذه الالتواءات الجوفاء بعد أن وجدوا في المتغطرس الحوثي ضالتهم لحقنه بأفكارهم المسمومة ورأوا فيه قابلية لذلك ويمتلكُ محفزاتٍ تؤهله للقيام بهذه المهمة كونه تشرَّبَ الفكر الجارودي المنشق عن المذهب الزيدي ــ والأخير يرفض مثل هذه الأفكار الهدامة ــ، بل وتحوّلَ إلى المذهب الاثني عشري الذي يُروِّجُ لنشر هذه الأفكار بشتى السبل باعتبار أن تصديرها إلى أصقاع المعمورة هدفٌ رئيسٌ من أهداف الثورة الخمينية. لا ينكر أحدٌ أن إيران قد استفادت من أخطاء العرب الكثيرة وخلافاتهم البينية وتحاول إدارة اللعبة بدهاءٍ ومكرٍ كبيرين لا يخلوان من الخداع والتضليل والكذب ، فقد جعلت من القضية الفلسطينية ورقة رابحة تدغدغ من خلالها مشاعر المواطن العربي باعتبارها قضيته الأولى ويرى في من يناصرها المنقذ أو المُخلص بالذات ونحن نعيش زمن الانكسارات والتخاذل والهوان العربي التي لم يسبق لها مثيل . لكن وبعيداً عن كل هذا التضليل والاستهتار وعقب انكشاف المستور أتمنى عليهم أن يسألوا أنفسهم لماذا يحاولون فرض مذهبهم وتصدير ثورتهم إلى العالم العربي والإسلامي بينما يرفضون بالمطلق القبول بالآخر بل ويعلنون عداءَهم الصريح للمذاهب الأخرى؟؟ ،وما هو موقفهم لو حاولَ أتباعُ أحد المذاهب الأخرى إقناعَهم بالتخلي عن مذهبهم أو جزءٍ من أفكارهم ؟ ولماذا لم يبحثوا عن موطئ قدمٍ آخر ؟ فالمهدي المنتظر ليس عبدالملك الحوثي المخدوع بهذه الأوهام والذي كان يكفيه ما فعلتموه بحسين الذي صدَّقَ أنه سيُحرِّرُ الأمة من جبال مرّان بعد أن خدعتموه بأنُّه إحدى علامات ظهور المهدي المنتظر وأنه سيزحف بجيش جرار من اليمن لقتال الجيش السفياني . قلناها ونقولها : إذا كنتم حريصين على المتمرد الحوثي وأتباعه وأسعفكم الوقت قبل اجتثاثهم فخذوهم إلى قم أو مشهد أو أصفهان ، فهناك سيجدون ضالتهم سواء تقبيل الأقدام أو المتعة والإعارة وكذلك الخمس من أموال الناس . أما في اليمن فكل الناس سواسية كأسنان المشط ، وكلهم أحرارٌ لا فرقَ بين أبيضٍ ولا أسود ولا صغير ولا كبير إلاَّ بتقوى الله ، ومن حق الجميع الوصول إلى أعلى هرمٍ في السلطة على أساس المواطنة المتساوية. وإذا أردتم الوصول إلى واشنطن فعبرَ بوابةٍ أخرى غير صنعاء كما حذركم الكثير من الزملاء ، فاليمن ليست حقلاً لتجارب الآخرين أو أرضاً خصبة لتصفية حساباتهم ولن نسمح لأحدٍ العبثّ بأمنِنِا واستقرارنا وشؤوننا ، ويكفي العراق وأفغانستان ودماء أبناءهما التي ستلاحق لعناتُها كلَّ من تآمر وتسببَّ وشاركَ في إهدارها حتى يوم الدين . واعلموا أن مكر الثعالب قد عرَّتهُ الأيامُ وكشفته الأفعالُ مهما تسترتم به ، فالحرص على وحدة الأمة يأتي من خلال التقريب بين مذاهبها ، وليس عن طريق سيطرة مذهب على آخر ، ومصير مكائدكم وخرافاتكم إلى زوال إن شاء الله.. [email protected] |